عدد رقم 6 لسنة 2019
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
تكلفة مصاهرة العالم  

ما أشد المباينة بين زيارة الرب ومعه الملاكين لإبراهيم، وزيارة الملاكين للوط في سدوم. الأولى تمت وقت حر النهار، والثانية تمت عند المساء. في الأولى لم يتردد الرب عن قبول الدعوة، وفي الثانية تردد الملاكان كثيرًا في قبول الدعوة. في الزيارة الأولى كل من في بيت إبراهيم شارك بفرح في إعداد الوليمة، وفي الثانية لا نقرأ سوى عن لوط، هو الذي خبز الفطير للملاكين!

لم يكن القصد من زيارة الملاكين لبيت لوط أن يستمتعا بالشركة معه، فكيف يمكنهما أن يكونا في شركة مع مؤمن هذا وضعه؟  إنهما دخلا بيته فقط ليحمياه ويُنقذاه.  ولوط نفسه لم يكن مستريحًا في تلك المدينة الفاسدة.  من الخارج كانت للمدينة جاذبية، لكن ما كان يجري في الداخل، آلمه بشدة.  ليتنا لا نغترّ بمظهر العالم الخارجي الخادع، بل انظر إلى ما يخفيه تحته.  ليس سوى الله يعرف القلوب، واهتم الوحي بأن يخبرنا بأن لوطًا كان بارًا، وأنه لم يشترك مع أهل سدوم في شرهم، بل على العكس، كان كل ما يصل إلى ناظريه وإلى سمعه كان يسبب له العذاب (2بط 2: 7، 8). وشرّ رجال سدوم الرهيب والمعيب لم يحاول هؤلاء الأشرار أن يخفوه (قارن مع إشعياء 3: 9)، بل أظهروه ضدَّ الملاكين نفسيهما، لذلك، فإن الله الذي قال: «وإلاَّ فاعلم»، لم يكن في حاجة إلى برهان أوضح من هذا على شرِّهم.

لم يؤخذ كلام لوط حتَّى من أصهاره مأخذ الجد.  عندما يسير المؤمن فترة مع العالم، لا يعود صالحًا أن يُكلِّم العالميِّين عن الدينونة، لأنَّهم سوف لا يصغون إليه.

كانت نجاة لوط نتيجة استجابة صلاة إبراهيم في الأصحاح السابق.  افتكر إبراهيم أنَّه لكي ينجو لوط، كان من الضروري أنَّ المدينة لا تهلك.  ليس دائمًا يستجيب الله بالطريقة التي نتوقَّعها، لكنَّه يستجيب. 

بالأسف، كان قلب لوط متعلِّقًا بما سيتركه خلفه، لذلك توانى، فاضطر الملاكان أن يُمسكا بيده وبيد امرأته، وبيد ابنتيه ويُخرجاهم بالقوة.  لنسأل أنفسنا هذا السؤال: إذا كان علينا أن نترك العالم اليوم، هل نفعل ذلك بسرور؟ أم نكون مثل لوط، أو مثل زوجته التي دانها الله، إذ نشعر بأسف على ترك أشياء معيَّنة تعلَّقت بها قلوبنا؟


© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com