عدد رقم 6 لسنة 2019
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
تشبيهات الكنيسة (1) جسد المسيح  

أعزائي الشباب:

بدأنا الحديث في العدد الماضي عن الكنيسة، فتناولنا مفهومها اللغوي والروحي الكتابي، كما توقفنا عند الإشارة الأولى إليها بلسان المسيح نفسه في متى 16 عند قيصرية فيلبس.  واعتبارًا من هذا العدد سنتوقف أمام التشبيهات المتنوعة التي لها بحسب العهد الجديد.  والتي ختمنا بها حديثنا المرة الماضية في سرد مجمل، ونتحدث في هذه المرة عن الكنيسة باعتبارها جسد المسيح:

«لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْجَسَدَ هُوَ وَاحِدٌ وَلَهُ أَعْضَاءٌ كَثِيرَةٌ، وَكُلُّ أَعْضَاءِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ إِذَا كَانَتْ كَثِيرَةً هِيَ جَسَدٌ وَاحِدٌ، كَذلِكَ الْمَسِيحُ أَيْضًا. لأَنَّنَا جَمِيعَنَا بِرُوحٍ وَاحِدٍ أَيْضًا اعْتَمَدْنَا إِلَى جَسَدٍ وَاحِدٍ، يَهُودًا كُنَّا أَمْ يُونَانِيِّينَ، عَبِيدًا أَمْ أَحْرَارًا، وَجَمِيعُنَا سُقِينَا رُوحًا وَاحِدًا. فَإِنَّ الْجَسَدَ أَيْضًا لَيْسَ عُضْوًا وَاحِدًا بَلْ أَعْضَاءٌ كَثِيرَةٌ ... فَإِنْ كَانَ عُضْوٌ وَاحِدٌ يَتَأَلَّمُ، فَجَمِيعُ الأَعْضَاءِ تَتَأَلَّمُ مَعَهُ. وَإِنْ كَانَ عُضْوٌ وَاحِدٌ يُكَرَّمُ، فَجَمِيعُ الأَعْضَاءِ تَفْرَحُ مَعَهُ. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجَسَدُ الْمَسِيحِ، وَأَعْضَاؤُهُ أَفْرَادًا» ( 1كو12: 12-14، 26، 27).

وهنا نتوقف أمام بعض الأفكار البسيطة والواضحة، لكن الهامة في نفس الوقت:

(1) فكرة القرب الشديد من المسيح: فلا يوجد أقرب من الجسد للرأس لأي إنسان.  وإن كان شعب الله قديمًا قد تم تشبيهه بالعديد من التشبيهات التي تتحدث عن قربه من الرب يهوه مثل العروس للعريس (سفر نشيد الإنشاد مثلاً وغيره).  إلا أن الكنيسة وحدها تتفرد بهذا التشبيه الرائع الذي يدل على قربها الشديد من المسيح متميزة بذلك عن سائر القديسين من التدابير السابقة لها أو اللاحقة عليها.

(2) فكرة الحياة المستمدة من الرأس: فانفصال الجسد عن الرأس يعني الموت وارتباطه به هو الحياة عينها.  والكنيسة تستمد حياتها كلها من رأسها الممجد في السماء؛ الرب يسوع المسيح.

(3) فكرة الرئاسة والخضوع: فالرأس تفكر وتعطي الأوامر والجسد يخضع ويطيع أوامر الرأس وغير ذلك يعني مرضًا أو إعاقة تحتاج إلى علاج.

(4) فكرة التنوع في الجسد: فهناك العين، والأذن، واللسان، واليد...إلخ.  فليس جميع أعضاء الجسد (المؤمنين) قوالب متكررة أو نمطًا واحدًا أو وظيفة واحدة... إلخ.

(5) فكرة عدم الاستغناء للعضو عن الآخر: فمبدأ الاستقلالية والاكتفاء الذاتي يعني ببساطة شلل العضو ليصبح عالة على الجسد لا بركة وفائدة له.  فلا يوجد عضو في الجسد مهما برز وتميز يستطيع الاستغناء عن سائر الأعضاء في نفس الجسد (إخوته) وهذا ينفي خدمة الرجل الواحد، أو أن تتوقف الكنيسة على أشخاص بعينهم super stars ... إلخ. وتكرار تعبير مثل: بعضكم بعضًا لعشرات المرات في العهد الجديد لهو دلالة قاطعة على ذلك، بخلاف النص الذي أوردناه في بداية المقال.

(6) فكرة الهدف الواحد: فالجسد يتحرك في اتجاه واحد.  بمعنى أنه لا يمكنني التقدم إلى الأمام والرجوع إلى الخلف في نفس اللحظة!  كما لا يمكنني السير يمينًا ويسارًا في الوقت نفسه ... وهكذا.

أن نعي أن الغرض الواحد، والفكر الواحد، والروح الواحد ... إلخ هو أمر في غاية الأهمية لتقدم الشهادة ونموها.  وخلاف ذلك يعطلها ويشملها.

(7) فكرة التناسق والتناغم: فلكي أكتب إليك الآن - قارئي العزيز- هناك فكرة في رأسي ... ولكن يتحرك معها ذراعي الأيمن كله، وأصابعي وهي تمسك بالقلم بطريقة معينة.. وهكذا.  وعناد عنصر أو رفضه الانصياع للمنظومة ككل يصيب الجسد بالارتباك ويشل الجسد كله ويعيقه عن العمل. 

ولكن ربما يتساءل أحد: وأين يمكننا ممارسة هذه الأفكار عمليًا؟  يقينًا في الكنيسة المحلية.  وهذا يعود بنا إلى الآية 27 حيث يقول الرسول بولس لإخوة كورنثوس: «وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجَسَدُ الْمَسِيحِ، وَأَعْضَاؤُهُ أَفْرَادًا» حيث تأتي كلمة ”جسد المسيح“ في الأصل اليوناني الذي كُتب به العهد الجديد بدون article بحكمة إلهية سامية.

فلو وضع أداة التعريف (ال) The body يكون إخوة كورنثوس دون غيرهم هم ”الجسد“ أي الكنيسة ولو وضع أداة النكرة a body يكون إخوة كورنثوس يمثلون جسدًا للمسيح وإخوة غلاطية مثلاً يمثلون جسدًا آخر وهكذا.  وكلا المفهومين خطأ طبعًا.

لكن المفهوم الصحيح استلزم وضع الكلمة في الأصل بدون أي نوع من أدوات التعريف أو النكرة مطلقًا، ربما لا يستقيم الأمر نحويًا في الإنجليزية مثلاً (body) ولكنه يستقيم جدًا كتابيًا.  فكنيسة كورنثوس لا هي ”الكنيسة“ كلها، ولا هي جسد من بين أجساد للمسيح. فللمسيح جسد واحد وحيد في كل العالم، ولكنها جسد المسيح أي تمثل جسد المسيح في هذه البلدة.  وهذا هو المعنى المكاني أو الكنيسة المحلية مثلما مر بنا في العدد السابق.

ولمن يتساءل: وهل هذا التعليم هو لكنيسة كورنثوس فقط أم لنا أيضًا؟  نقول له إن هذه الرسالة تحديدًا (كورنثوس الأولى) تضمنت 7 أدلة داخلية واضحة على أن الحق الخاص بها لا يخص كنيسة كورنثوس وحدها، بل كل كنائس الله المحلية أيضًا في كل زمان ومكان (انظر مثلاً افتتاحيتها (1كورنثوس1: 2).

إلى اللقاء مع تشبيه آخر للكنيسة.

                                                          

 

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com