عدد رقم 2 لسنة 2019
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
عقوبة الصلب  


الصلب هو وسيلة من وسائل الإعدام، حيث يربط الضحية أو يسمر إلي خشبة كبيرة، ويُترَك مُعلق، ربما لأيام حتى يموت من الإرهاق والاختناق.

أبسط صور الصلب هي قطعة خشب وحيدة (Crux simplex) ، ثم تطور إلي قطعتين خشب علي شكل حرف T (Crux commissa).
أول تسجيل صريح لحالات الصلب الذي كان يمارس بانتظام، هو للفرس سنة 519 قبل الميلاد، عندما صلب الملك داريوس الأول 3000 شخص من المعارضين السياسيين له في بابل.  قبل ذلك كان الأشوريون يستخدمون طريقة أخري للإعدام وهي الخازوق. 
بعد الفرس استخدمه القرطاجيون واستخدمه أيضًا الإغريق عندما جلبة الإسكندر الأكبر من بلاد فارس إلي بلاد شرق البحر الأبيض المتوسط، في القرن الرابع قبل الميلاد، رغم أن الإغريق كانوا يُعارضون عقوبة الصلب بشكل عام.  ثم قدمه الفينيقيون إلى روما في القرن الثالث قبل الميلاد، واحترفه الرومان ومارسوه بكثرة لمدة 500 عام، حتى منعة قسطنطين الأول في القرن الرابع الميلادي.
كان الصلب يهدف إلى إيقاع أقصى وأكبر قدر من العار والعذاب على الضحية، وكان الرومان يقومون بالصلب علانية أمام العامة حتى يشاهد الجميع الرعب وبشاعة العار، فيهابون الحكومة الرومانية، وكانت هذه العقوبة تمارس على العبيد، الجنود الخونة، المسيحيين والأجانب.  ونادرًا ما كانت تمارس على الرومان أنفسهم.
عادة ما كان يسبق الصلب ضرب شديد وجلد، الأمر الذي ممكن أن يودي بحياة الضحية وحده، ثم يحمل الضحية قطعة الخشب الأفقية التي كانت تزن حوالي 45 كجم (الصليب كاملاً كان يزن حوالي 135 كجم)، ويذهب بها إلى مكان صلبه، إمعانا في إزلاله كمن يحفر قبره بيده.
عندما يصل الضحية إلى مكان الصلب كان يجرد من ملابسه لإزلاله، ثم يفرد زراعيه علي الخشبة الأفقية فيتم ربطهم أو تثبيتهم بمسمارين عند المعصمين وليس الكفين، مما يزيد درجات الألم جدا.  ثم ترفع هذه الخشبة الأفقية وتثبت علي خشبة كبيرة عمودية تكون مثبته في الأرض مسبقًا، حتى يتكون شكل الصليب المعتاد ”+“، بعد تثبيت العارضة الأفقية يقوم منفذي عقوبة الإعدام بتسمير القدمين إلى الخشبة العمودية، عادة ما يثبتون القدمين بمسمار واحد، قدم فوق الأخرى. وتكون الركبة منحنية قليلاً.
بعد تثبيت الضحية علي الصليب، يتوزع حمل الجسم علي الثلاث مسامير مما يجعل الألم يسري بشدة في الجسم بالكامل.  ويكون الذراعين مشدودين بطريقة تسبب تقلصات وشلل لعضلات الصدر، يجعل التنفس مستحيل، إلا إذا خف الوزن قليلاً باستخدام القدمين، فحتى يأخذ المصلوب نفسه، يدفع جسمه لأعلي، مستخدمًا قدميه، مما يزيد الألم بصورة بشعة، فيضطر إلي إرخاء قدمية فيلقي الحمل كله علي مسامير الزراعين مرة أخرى، فلا يستطيع التنفس، وهكذا تدور الحلقة المفرغة من العذاب الرهيب، حتى يموت الضحية عادة من بعد 6 ساعات إلي 4 أيام، نتيجة لعوامل كثيرة أهمها الاختناق، عندما يعجز المصلوب عن دفع جسده لأعلي، نتيجة الإرهاق التام أو كسر عظام الساقين، فلا يستطيع رفع جسده. 
وما حدث مع ربنا كان أشد مما قرأنا، وهو صحيح مات بعد 6 ساعات، ولكن لم يكن السبب هو الاختناق أو أي عامل أخر، فالموت لم يغلبه، بل بعدما أكمل ربنا - له المجد - عمله الكفاري، وأنهى كل دينونة خطايانا، نكس رأسه أولاً، ثم أسلم الروح ثانيًا، مُتممًا ما سبق وقاله: «إِنِّي أَضَعُ نَفْسِي ... لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي، بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي.  لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا، وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضًا» (يو10: 17، 18).
إبراهيم عاطف

 

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com