عدد رقم 2 لسنة 2019
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
شبهات وإجابات  


«الَّذِي، فِي أَيَّامِ جَسَدِهِ، إِذْ قَدَّمَ بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طِلْبَاتٍ وَتَضَرُّعَاتٍ لِلْقَادِرِ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ الْمَوْتِ، وَسُمِعَ لَهُ مِنْ أَجْلِ تَقْوَاهُ»  (عب5: 7).

يقول بعض الهراطقة وأصحاب البدع، أنه بناء على هذه الآية فإن المسيح لم يمت، بل أُنقذ من الموت، ثم رفعه الله إلى السماء.  وفات أولئك أن موت المسيح فوق الصليب لم يرد في آية واحدة، أو بعض آيات هنا وهناك، بل إن سدى الكتاب المقدس ولحمته، في كل من عهديه القديم والجديد، هو موت المسيح حاملاً عقاب خطايانا.  ونحن نجد ذلك مشروحًا بكل وضوح في البشائر الأربع، وفي كرازة الرسل في سفر الأعمال، وفي تعليم الرسائل، وأيضًا في سفر الرؤيا.  إن شهادة الوحي كله هي «أَنَّ الْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ الْكُتُبِ» (1كو15: 3).

وإننا نتساءل أيضًا: هل نفهم من هذه الآية، أو من غيرها، أن المسيح - له المجد - كان يتحاشى الموت ويخشاه، ولذا فقد صرخ لإلهه، فأنقذه الله من الموت، ولم يمت؟  كلا البتة.  كان المسيح يأنف بقداسته الكاملة أن يُجعل فوق الصليب خطية (2كو 5: 21)، وأن تُوْضَع عليه خطايا جميع المؤمنين (1بط 2: 24)، وأن يُترك من الله نتيجة لذلك في ساعات الظلام (مت 27: 45، 46).  لكنه حسم الأمر في البستان، فبعد أن عبَّر عن قداسته في نفوره من الخطية، أعلن كمال طاعته عندما قال: «لِيَكُنْ لاَ مَا أُرِيدُ أَنَا، بَلْ مَا تُرِيدُ أَنْتَ» (مر14: 36).

وعليه فلم تكن صلاة المسيح لكي يتخلَّص من الموت، إذ إن الموت من أجل الخطاة كان يُشَـكِّل الهدف الرئيسي من مجيئه إلى العالم (يو12: 27)، بل كان يصلّي حتى يُنقذ من الموت بمعنى ألا تبقى نفسه في الهاوية.  ولقد استُجيبت هذه الصلاة، فسُمع له من أجل تقواه، عندما أقامه الله من بين الأموات.

عودة إلى الآية.  إننا فيها نستمع لصرخات الذي استمع لصرخات البائسين، ونرى دموع الذي كفكف دموع المكلومين، ونقرأ عن موت ذاك الذي أقام من القبور المائتين!

والله سمع لذلك التقي.  ليس بأنه جعله لا يموت، بل إنه بعد أن مات، لم تُطبق الهاوية عليه فاها (مز69: 15).  مات، ولكنه قام ناقضًا أوجاع الموت إذ لم يكن ممكنًا أن يُمْسَك منه (أع2: 24).

في المزمور الشهير مزمور 22 بعد أن تحدث المسيح عن موته: «إِلَى تُرَابِ الْمَوْتِ تَضَعُنِي»، يقول: «وَمِنْ قُرُونِ بَقَرِ الْوَحْشِ اسْتَجِبْ لِي» (مز22: 15، 21).  وهذا يذكرنا بإله شدرخ وميشخ وعبد نغو. إنه لم يشأ أن يُنجي الرجال الثلاثة من الطرح في الأتون، ولكنه أخرجهم من الأتون دون ضرر البتة. ونفس الأمر حدث مع المسيح.

في الآية موضوع السؤال ترد في الأصل اليوناني كلمة Ek، وهي لا تعني مطلقًا عدم الدخول، بل تعني الخروج من.  ولقد تُرجمت هذه الآية في ترجمة داربي الإنجليزية الدقيقة هكذا:

To Deliver Him out of death وليس

To deliver Him from death

وهكذا فإن المسيح بعد أن مات «قَامَ كَمَا قَالَ» (مت28: 6).  

وبهذه المناسبة أقول أيضًا إن هناك تعليم شيطاني، يقول إن صلاة المسيح في البستان كانت لكي ينقذه الله من موت مُبَكِّر، قبل الأوان (أي قبل أن يمضي إلى الصليب لكي يموت عليه).  ولكننا نعتبر هذا تعليمًا خاطئًا، فلا الشيطان ولا غير الشيطان كان يقدر أن ينتزع حياة المسيح قبل الأوان.  والمسيح دخل إلى الموت بكامل إرادته.  لقد صرخ بصوت عظيم، قبل أن يُسلم الروح، مما يدل على أن قواه كانت حاضرة قبل دخوله الإرادي الواعي إلى الموت.  إنه هو القائل: «لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي، بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي.  لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا، وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضًا» (يو10: 18).  له كل المجد.


 

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com