عدد رقم 2 لسنة 2019
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
أخلاقيات الرب يسوع  


تلمع أخلاقيات الرب يسوع المسيح عبر صفحات الكتاب، لذلك دعونا نتامل في أخلاقياته كإنسان وكخادم:

أولاً: أخلاقياته كإنسان:

* أخلاقياته مع المعلمين: وهو في سن الثانية عشر، كان «جَالِسًا فِي وَسْطِ الْمُعَلِّمِينَ، يَسْمَعُهُمْ وَيَسْأَلُهُمْ» (لو2: 46)؛ فهو يسمع أولاً، لمن هم أكبر منه سنـًا، ولكن كان له العقل النقدي المُفَكِّر، فهو يسأل ويناقش ويتحاور في ما سمعه، ولا يأخذ الكلام بدون فحص.

* أخلاقياته في الأسرة: فعن علاقته بأبويه أنه «كَانَ خَاضِعًا لَهُمَا» (لو2: 51)، وفي نفس الوقت دون المساس بخضوعه لأبيه السماوي قائلاً أيضًا: «يَنْبَغِي أَنْ أَكُونَ فِي مَا لأَبِي» (لو2: 49).

* أخلاقياته كالضيف العفيف: لقد دخل المسيح بيوتاً كثيرة، ولكنه لم يدخل بيت إلَّا بدعوة سواء بيوت الأصدقاء كمريم ومرثا (لو10: 38)، أو تلميذي عمواس (لو24: 28)، أو الفريسيين (لو7: 36؛ 11: 37).  ولكنه دخل بيوت العشارين بدون دعوة مثلما حدث مع متى (لو5)، ومع زكا (لو19)، لكي يُصحح مفاهيم مغلوطة، بأنهم منبوذون من المجتمع.  

* أخلاقياته في المناسبات الاجتماعية: يُشارك الناس في أفراحها إذا دُعي، فلم يذهب إلى عرس قانا الجليل إلا بدعوة، ولم يفرض نفسه (يو2: 2).  وكان يُشارك الناس في أحزانها بالبكاء تارةً، كما فعل في مشاركته لمريم ومرثا في حزنهما (يو11: 35)، والأنين تارةً أخرى كما فعل مع الأصم الأعقد (مر7: 34).

* أخلاقيات الشجاع الوديع:

- عندما شتمه اليهود قائلين: «إِنَّكَ سَامِرِيٌّ وَبِكَ شَيْطَانٌ»، فرد عليهم قائلاً: «أَنَا لَيْسَ بِي شَيْطَانٌ» (يو8: 48، 49).  وهنا تلمع عدة صور من أخلاقياته كإنسان:

(1) إنه لم يصمت على الخطأ بقولهم: «بِكَ شَيْطَانٌ»، بل ردَّ قائلاَ: «أَنَا لَيْسَ بِي شَيْطَانٌ».  وهنا نرى صورة من أخلاقيات شجاعته.

(2) ولم يقل: ”أنتم الذين بكم شياطين“، وهنا نرى صورة من أخلاقيات وداعته، فلم يرد عليهم الشتيمة بشتيمة «الَّذِي إِذْ شُتِمَ لَمْ يَكُنْ يَشْتِمُ عِوَضًا» (1بط2: 23)، رغم أن اليهود كان بهم شياطين كثيرة حتى المتدينين منهم (مر1: 23؛ لو13: 10).

 ولم يقل: ”أنا لست سامريـًا“، وهنا نرى صورة من أخلاقيات إنسانيته؛  فهو لم يقل هذا لآنه  أول من نادي وعلَّم بحقوق الإنسان، وحارب العنصرية والتمييز، فهو كان ينظر إلى أي إنسان على أنه إنسان (يو5، 9).  فكم من مرة مدح رجلاً سامريـًا (لو10: 33؛ 17: 18)، وامرأة فينيقية كنعانية (مت15: 28)، وضابطـًا رومانيـًا (لو7: 9).

- كذلك عندما لطمه عبد رئيس الكهنة، نرى شجاعته في أنه لم يصمت على الخطأ، بل قال له: «إِنْ كُنْتُ قَدْ تَكَلَّمْتُ رَدِيًّا فَاشْهَدْ عَلَى الرَّدِيِّ، وَإِنْ حَسَنًا فَلِمَاذَا تَضْرِبُنِي؟» (يو18: 23).  وتظهر وداعته في أنه لم يرد على اللطمة بلكمة، أو نعته كعبد.

حتى يهوذا عندما أسلمه لم يقل له: ”يا خائن“، بل قال له: «يَا صَاحِبُ» (مت26: 50).   

حقًا ما أروع أخلاقياتك سيدي!

ثانيًا: أخلاقياته كخادم:

كان بسلاسة أسلوبه وعذوبة حديثه يصل لكل طبقات المجتمع، من فلاحين وصيادين وبنائين ... إلخ.

كان يُكلّمهم بأمثال لكي يشرح لهم الحقائق بطريقة سهلة وجذابة، فلم يتعالَ عليهم بكلمات عسرة الفهم.  ويسجل عنه الروح القدس: «وَبِأَمْثَالٍ كَثِيرَةٍ مِثْلِ هَذِهِ كَانَ يُكَلِّمُهُمْ حَسْبَمَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَسْمَعُوا» (مر4: 33).  وهنا تظهر في قضايا لاهوتية أخلاقياته كخادم، وهو يُقدِّر قدرات المخدومين الثقافية والذهنية، بينما كان يُفحم علماء الشريعة فيما يختص بالنبوات (مت22: 41).  وأيضًا في أحكام تشريعية خاصة بالسبت (مت12: 5).  ونراه يُكلِّم الفلاحين البسطاء من واقع حياتهم القروية البسيطة بمثل الزارع والصيادين بالشبكة المطروحة في بحر (مت23).

* أخلاقياته كخادم مع الخطاة: كان ينظر إلى الخطاة ليس كمجرمين يستحقون العقاب، مثلما كان ينظر إليهم الكتبة والفريسيين، بل كان ينظر إليهم كمرضى يحتاجون إلى طبيب للعلاج (لو5: 31). 

ونلاحظ تشجيعه للخطاة، دون السكوت على الخطأ، كما فعل مع السامرية، فقال لها: «حَسَنًا قُلْتِ: لَيْسَ لِي زَوْجٌ»، هذا تشجيع لها.  ثم وجه نظرها إلى الخطأ فقال لها: «لأَنَّهُ كَانَ لَكِ خَمْسَةُ أَزْوَاجٍ، وَالَّذِي لَكِ الآنَ لَيْسَ هُوَ زَوْجَكِ».  ثم أثنى عليها مرة أخرى قائلاً: «هَذَا قُلْتِ بِالصِّدْقِ» (يو4: 16-18).

ونلاحظ اخلاقياته كالخادم الذي يحتضن الأطفال (مر10: 16)، والذي يقف بالموكب لكي يسمع صرخات إنسانـًا أعمى جالسـًا على الطريق يستعطي (لو18)، أو صرخات امرأة كنعانية ليشفي بنتها (مت15).

وهو – تبارك اسمه - الخادم المستمع الجيد الذي يقف في الطريق، ليسمع قصة طويلة لرحلة علاج لامرأة مريضة بنزيف مزمن استغرق معها 12 سنة.

وهو – تبارك اسمه - الخادم الأمين الذي لا يداهن الفريسيين، حتى لوكان مدعوًا في بيوتهم للأكل، بل كان يوبخهم بكل حزم وصرامة (لو7، 11، 14).

ولنتأمل في أخلاقيات القائد الذي يعمل بروح الفريق، ولا يحب السلطة المركزية، فكان يُرسلهم اثنين اثنين، وكان يعمل في مجموعات صغيرة 3 أفراد (بطرس ويعقوب ويوحنا)،  ثم 12 ثم 70.

وأيضًا أخلاقيات المُعلِّم المتضع الذي يغسل أرجل تلاميذه (يو13).

* أخلاقياته في تعامله مع خادم آخر: انظروا كيف تكلَّم عن المعمدان، لقد مدحه قائلاً: «لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ» (مت11: 11).  وعندما كان يجد المعمدان يخدم في منطقة كان يترك هذه المنطقة ويذهب إلى أخرى (يو4).  وأصرَّ أن يعتمد من يوحنا قائلاً له: «اسْمَحِ الآنَ» (مت3: 15).

عزيزي الشاب: هذه هي أخلاقيات المسيح سواء كإنسان أو كخادم.  أدعوك بكل الحب أن تبني علاقة مع هذا الشخص الرائع لكي تستقيم حياتك!  والرب معك!


   

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com