عدد رقم 1 لسنة 2018
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
اجْعَلُوا قَلْبَكُمْ عَلَى طُرُقِكُمْ  

                                                         


«وَالآنَ فَهكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: اجْعَلُوا قَلْبَكُمْ عَلَى طُرُقِكُمْ»(حج1: 5).

تكررت عبارة  "اجْعَلُوا قَلْبَكُمْ"  في سفر حجَّي خمسة مرات (حج1: 5، 7، 2: 15، 18).  ورقم خمسة هو رقم المسؤولية.  فالروح القدس بذلك يريد أن يضعنا تحت المسؤولية، والعبارة تعني "التأمل أو التتبع"، وهو ما نحتاج إليه دائمًا.  فلنتأمل معًا في هذه المرات الخمس.

المرة الأولى (حج1: 5).

«وَالآنَ فَهكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: اجْعَلُوا قَلْبَكُمْ عَلَى طُرُقِكُمْ.  زَرَعْتُمْ كَثِيرًا وَدَخَّلْتُمْ قَلِيلاً. تَأْكُلُونَ وَلَيْسَ إِلَى الشَّبَعِ. تَشْرَبُونَ وَلاَ تَرْوُونَ. تَكْتَسُونَ وَلاَ تَدْفَأُونَ. وَالآخِذُ أُجْرَةً يَأْخُذُ أُجْرَةً لِكِيسٍ مَنْقُوبٍ» (حج1: 5ـ 6).  في هذه المرة يربط الروح القدس العبارة بخمسة أمور سلبية، معاتبًا شعبه على توقفهم عن بناء بيت الرب لمدة حوالي 14 عامًا، بعد رجوعهم من السبي بحوالي عامين، بحجة أن الوقت لم يبلغ بعد لبناء بيت الرب.  لكن الحقيقة كانت لانشغالهم ببناء بيتوهم وتغشيتها (حج1: 4).  فجاء التحذير القاطع من الرب، أن يتأملوا بتدقيق، متتبعين طرقهم، "اجعلوا قلبكم على طرقكم"، سائلين أنفسهم  خمسة أسئلة.  لماذا نزرع كثيرًا ونحصد قليلاً؟ لماذا نأكل ولا نشبع؟ لماذا نشرب ولا نرتوي؟ لماذا نلبس ولا ندفأ؟  لماذا نأخذ أجرة والكيس منقوب؟  لقد انتزع الرب البركة من الحياة، وضيق عليهم حتى يشعروا بخطورة وعار تركهم بيت الرب خرابًا، وكيف أنه غير راضٍ عن توجههم، وهم يركضون وراء مصالحهم الشخصية، ليسكنوا في بيوت مغشاة مهملين بيت الرب ومصالح الرب.  وكم نحتاج أن نعيد ترتيب الأولويات في حياتنا، وتكون مصالح الرب في حياتنا لها الاعتبار الأول.  

المرة الثانية (حج1: 7).

«هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: اجْعَلُوا قَلْبَكُمْ عَلَى طُرُقِكُمْ، اِصْعَدُوا إِلَى الْجَبَلِ وَأْتُوا بِخَشَبٍ وَابْنُوا الْبَيْتَ، فَأَرْضَى عَلَيْهِ وَأَتَمَجَّدَ، قَالَ الرَّبُّ».  في هذه المرة نجد الروح القدس، يربط العبارة بثلاثة أمور إيجابية لا سلبية، كما رأينا في المرة الأولى.  وهى «اِصْعَدُوا إِلَى الْجَبَلِ وَأْتُوا بِخَشَبٍ وَابْنُوا الْبَيْتَ».  الأمر الأول: "الصعود إلى الجبل" وفي ذلك نجد الشركة مع الرب، وقد سبق الرب معاتبًا شعبه "كفاكم قُعودًا في هذا الجبل" (تث1: 6).  وكان يريد منهم أن يدخلوا ويتملكوا الأرض، أي دليل الشركة مع الرب والتمتع بالبركات، لأن الأرض هى نصيب الرب.  الأمر الثاني "الإتيان بالخشب" وفي ذلك نرى النشاط في الخدمة للرب، وخاصة عمل المبشر، ففي الخشب نرى صورة للطبيعة الإنسانية، فما على المبشر إلا أن يخرج إلى الغابة (العالم) ليُحضر النفوس البعيدة لتنضم إلى بيت الله بعد أن تحصل على الخلاص.  وعمل المعلم أن يحضر كل إنسان كاملاً في المسيح يسوع (كو1: 28، 29).  الأمر الثالث "بناء البيت" وفي هذا نرى النشاط في الخدمة، وتأثير المواهب الروحية في كنيسة الله، "لأجل تكميل القديسين لعمل الخدمة لبُنيان جسد المسيح" (أف4: 13).  إن هدف الله من وجود الكنيسة على الأرض هو أن نكون مسكنًا لله في الروح.  وهذا البيت الروحي هو شهادة الله على الأرض التي من خلالها يُعرف ويتمجد.  وبالطبع ببيت الله تليق القداسة.  وبهذه الأمور الثلاثة، نسمع القول: "فَأَرْضَى عَلَيْهِ وَأَتَمَجَّدَ، قَالَ الرَّبُّ" (حج1: 8).

 

المرة الثالثة (حج2: 15).

«وَالآنَ فَاجْعَلُوا قَلْبَكُمْ مِنْ هذَا الْيَوْمِ فَرَاجِعًا، قَبْلَ وَضْعِ حَجَرٍ عَلَى حَجَرٍ فِي هَيْكَلِ الرَّبِّ».  في هذه المرة يرتبط التحريض، بأمور سلبية لا إيجابية كما جاء في المرة الأولى، فنجد الرب يعيد على ذاكرتهم، أنه قبل وضع حجر على حجر في الهيكل، هو الذي ضربهم في كل عمل أيديهم، باللفح واليرقان والبرد، لكي يرجعوا إلى الرب، وما رجعوا (حج2: 17).  فقد كان الشعب يعيش في النجاسة «فَأَجَابَ حَجَّي وَقَالَ: «هكَذَا هذَا الشَّعْبُ، وَهكَذَا هذِهِ الأُمَّةُ قُدَّامِي، يَقُولُ الرَّبُّ، وَهكَذَا كُلُّ عَمَلِ أَيْدِيهِمْ وَمَا يُقَرِّبُونَهُ هُنَاكَ. هُوَ نَجِسٌ» (حج2: 14).  فالله لا يهمه فقط أن يتم العمل الحسن، بل أن يتم ذلك بالأسلوب الحسن.  لذلك يدعو النبي الشعب للقداسة العملية التي بدونها لا يعترف الله بأي عمل. "ببيتك تليق القداسة يارب إلى طول الأيام" (مز93: 5).

المرة الرابعة والخامسة (حج2: 18).

«فَاجْعَلُوا قَلْبَكُمْ مِنْ هذَا الْيَوْمِ فَصَاعِدًا، مِنَ الْيَوْمِ الرَّابعِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الشَّهْرِ التَّاسِعِ، مِنَ الْيَوْمِ الَّذِي فِيهِ تَأَسَّسَ هَيْكَلُ الرَّبّ اجْعَلُوا قَلْبَكُمْ. هَلِ الْبَذْرُ فِي الأَهْرَاءِ بَعْدُ؟ وَالْكَرْمُ وَالتِّينُ وَالرُّمَّانُ وَالزَّيْتُونُ لَمْ يَحْمِلْ بَعْدُ.  فَمِنْ هذَا الْيَوْمِ أُبَارِكُ» (حج2: 18، 19).  في المرة الرابعة والخامسة، تأتي العبارة، بصفة تأكيدية للبركة، لذلك تتكرر العبارة مرتين في عدد واحد، «فمن هذا اليوم أبارك»، والبركة مرتبطة ببناء الهيكل، والهيكل يمثل حضور الله، فلا توجد بركة إلا في محضر الرب، «لأنه هناك أمر بالبركة حياة إلى الأبد» (مز133: 3).  ليتنا نقدر كنيسة الله، البيت الروحي، مسكن الله على الأرض، الذي فيه يتمجد ويُكرم وسط عالم يرفضه، هناك يُسر بأن يبارك.  «يُبَارِكُكَ الرَّبُّ وَيَحْرُسُكَ. يُضِيءُ الرَّبُّ بِوَجْهِهِ عَلَيْكَ وَيَرْحَمُكَ. يَرْفَعُ الرَّبُّ وَجْهَهُ عَلَيْكَ وَيَمْنَحُكَ سَلاَمًا. فَيَجْعَلُونَ اسْمِي عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَأَنَا أُبَارِكُهُمْ»(عد6: 24ـ 27).    


 

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com