عدد رقم 1 لسنة 2018
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
حرص مقدس.. وشعب منفصل  


والآن نصل إلى محطة هامة في تاريخ هذه البقية الراجعة من السبي، أعني بها عملهم للفصح حيث نقرأ: «وَعَمِلَ بَنُو السَّبْيِ الْفِصْحَ فِي الرَّابعَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ الأَوَّلِ. لأَنَّ الْكَهَنَةَ وَاللاَّوِيِّينَ تَطَهَّرُوا جَمِيعًا. كَانُوا كُلُّهُمْ طَاهِرِينَ، وَذَبَحُوا الْفِصْحَ لِجَمِيعِ بَنِي السَّبْيِ وَلإِخْوَتِهِمِ الْكَهَنَةِ وَلأَنْفُسِهِمْ. وَأَكَلَهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ الرَّاجِعُونَ مِنَ السَّبْيِ مَعَ جَمِيعِ الَّذِينَ انْفَصَلُوا إِلَيْهِمْ مِنْ رَجَاسَةِ أُمَمِ الأَرْضِ، لِيَطْلُبُوا الرَّبَّ إِلهَ إِسْرَائِيلَ. وَعَمِلُوا عِيدَ الْفَطِيرِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ بِفَرَحٍ، لأَنَّ الرَّبَّ فَرَّحَهُمْ وَحَوَّلَ قَلْبَ مَلِكِ أَشُّورَ نَحْوَهُمْ لِتَقْوِيَةِ أَيْدِيهِمْ فِي عَمَلِ بَيْتِ اللهِ إِلهِ إِسْرَائِيلَ» (عز6: 19-22).

أربعة أعداد قليلة ولكنها عظيمة نتوقف أمامها في أمرين هامين:

أولاً: حرص مقدس: 

مر بنا كيف أن هذه البقية وضعت الرب على قمة أولوياتها فبدأوا بالمذبح وبالمحرقات (عز3).  وها هم هنا يحرصون على عمل الفصح.  والفصح، كما نعرف، قد سجل الكتاب المقدس أنه عُمل 7 مرات.  الأولى كانت في مصر (خر12)، والثانية في البرية (عد9)، والثالثة في كنعان (يش5).  والرابعة هنا (عز6)، والخامسة في أيام حزقيا (2أخ 30)، والسادسة في أيام يوشيا (2مل23، 2أخ 35)، أما السابعة فكانت في الفصح الأخير، في الليلة التي أسلم فيها سيدنا العزيز (مت26/مر14/ لو22)، وكان هو في الحقيقة فصحنا الذي ذُبح لأجلنا، ولأجل ذلك نحن نُعيِّد (1كو5: 8).

لقد كانت المرة الأولى هي الوصية التي وردت فيها الإشارة إلى الدم، أما في سائر المرات المذكورة فلا يشير الكتاب إلى الدم، وكأنه يذهب بنا من الرمز إلى المرموز إليه ليعلن بوضوح أنها ذكرى لذبيحة واحدة غير متكررة، صورتها اليوم هي عشاء الرب أو مائدة الرب في أول الأسبوع.  وكم يلذ لقلب الرب أن يجد حوله كنيسة تذيع موته حتى الرجوع.  وكم هو محزن ودال على عدم محبة الرب وعدم تقدير شخصه ما يجري اليوم من إهمال لهذه الذكرى أو إدعاء غير كتابي بأنه ليس ضروريًا ممارستها "كل أسبوع" أو أن الخدمة أو التكريس مثلاً اليوم للرب أهم ويغني عن ممارسة الذكرى (راجع من فضلك أع20: 7 وأيضًا 1كو16: 1، 2 حيث ورد نصًا اجتماع القديسين أول كل أسبوع).

هنا يقول الوحي: ذبحوا الفصح لجميع بني السبي......وأكله بنو إسرائيل الراجعون من السبي مع جميع الذين انفصلوا إليهم من رجاسة أمم الأرض (عز6: 21).

ليقدس الرب أعذارنا ويلمس قلوبنا أعمق بمحبته فنحرص على إكرام اسمه بالأسلوب الذي يليق به والذي صورته كلمته، وليس الذي نستحسنه نحن أو نظن خطأ أنه يكرمه.

ثانيًا: شعب منفصل: 

على أنه إن كان خطأ البعض هو إهمال المواظبة على الذكرى، فإن خطأ البعض الآخر هو عملها بشكل لا يتناسب مع قداسه الشخص الذي نعبده ونرغب في تمجيد اسمه.  وإن القداسة العملية والطهارة والانفصال هي وحدها التي تليق بشعب يكرم الرب عمومًا، ويأكل الفصح قديمًا أو عشاء الرب حاليًا بصفة خاصة.

فقديمًا كان عيد الفصح (يومًا) يرتبط به عيد الفطير (أسبوعًا كاملاً).  ويقول الكتاب هنا أن «الْكَهَنَةَ وَاللاَّوِيِّينَ تَطَهَّرُوا جَمِيعًا. كَانُوا كُلُّهُمْ طَاهِرِينَ» (عز6: 20) مرتين في آية واحدة.  وقد تطهروا ليس بروح الفريسية البغيضة التي تشعر في ذاتها بأنها أفضل من الآخرين، بل مع جميع الذين انفصلوا إليهم من رجاسات أمم الأرض (ع21)، وكأنه يذكرنا بتحريض الوحي «اتبع.... معَ الَّذِينَ يَدْعُونَ الرَّبَّ مِنْ قَلْبٍ نَقِيٍّ» (2تي2: 22).  وعملوا عيد الفطير سبعة أيام، وطبيعيًا  "بفرح".  إن الفرح هو النتيجة الحتمية المباركة للقداسة وللانفصال وللطاعة، وليس بعكس الترتيب تستقيم الأمور أبدًا.

واليوم فإن فصحنا المسيح قد ذبح لأجلنا إذًا لنعيد، لا بخمير الشر والخبث، بل بفطير الإخلاص والحق.  نعم نحن فطير "مَقامًا" وعلينا أن نحترس من الخمير الصغير الذي يخمر العجين كله سلوكًا (1كو5) أو تعليمًا (غل5).

وما أسمى الأفراح التي لنا في حضرة ذاك الودود في أول كل أسبوع، إذا أتينا وكل منا قد امتحن نفسه، ليأكل من عشاء الرب ويعبد في جو القداسة والشركة مع الرب ومع القديسين الذين يدعونه من قلب نقي.

يا ليت لنا حرصًا مقدسًا على طاعته حبًا له، وسلوكًا تقويًا لائقًا احترامًا لمحضره.

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com