عدد رقم 1 لسنة 2016
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
من عندي هذا الأمر  


    كثيرًا ما نجتاز في ظروف صعبة، ونعاني من ضغوط وتجارب متنوعة، وآلام وأمراض، وظلم واضطهاد، أو فقدان أحباء، أوخسارة مادية، أو رفض من الآخرين ... إلخ، ونتساءل متحيرين: لماذا كل هذه الأمور الحادثة؟ فتكون الإجابة الشافية لنا من الرب «من عندي هذا الأمر» (1مل 24:12)، وهو الإله الحكيم وحده.  وكأن الرب يقول لنا ونحن في هذه الظروف: «لست تعلم أنت الآن ما أنا أصنع، ولكنك ستفهم فيما بعد» (يو7:13)، «لأن كل أموره لا يجاوب عنها» (أي33: 12).  أما هو فقد «علم ما هو مزمع أن يفعل» بكل هدوء وثبات.

    وكم نستريح ونهدأ عندما ندرك أن ما نجتاز فيه هو من قبل الرب الحكيم الذي لا يخطئ، ونتشجع بهذه الكلمات: «من عندي هذا الأمر».  فالرب صالح لأنه الآب المحب.  ولنا في كلمة الله بعض الأمثلة لأشخاص اجتازوا في ظروف صعبة محيرة، وتجارب متنوعة، سمح لهم الرب بها، وكان قصده من ورائها عظيمًا.

(1)  إبراهيم:

اجتاز في امتحان صعب للغاية على أي أب بشري عندما طلب منه الرب أن يأخذ ابنه وحيده الذي يحبه إسحق ويقدمه محرقة (تك1:22).  وإبراهيم لم يفهم لماذا؟ لكنه خضع وتقبَّل وأطاع لصوت الرب، وأخذ وحيده إسحق وذهب إلى أرض المريا ليقدمه محرقة، وكأن الرب يقول له: «لست تفهم أنت الآن»، لكن «من عندي هذا الأمر»، ولا تضطرب، فإن قصدي دائمًا صالح.  وهو بكل محبة للرب قال: «أنا والغلام نذهب لنسجد».  وكم كانت البركات رائعة لإبراهيم لأنه أظهر مخافة وطاعة واحترام للرب، ولم يمسك وحيده عنه، والرب باركه.

   (2) يعقوب:

اجتاز في ظروف قاسية جدًا وضغطات كثيرة، لكن كان أصعب شيء اجتاز فيه هو فقدان يوسف ابنه عندما أتى أولاده وأحضروا القميص الملون وقالوا له: حقق أقميص ابنك هو أم لا؟ فمزق ثيابه ووضع مسحًا علي حقويه، وناح علي ابنه أيامًا كثيرة وأبى أن يتعزى (تك33:37).  ولم يدرك يعقوب أن هذا الأمر من عند الرب، وهو الذي سمح بذلك، وظل يعقوب سنين طويلة في حزن علي ابنه يوسف إلى أن جاءه أعظم خبر: يوسف ابنك حي بعد وهو متسلط علي كل أرض مصر (تك26:45).  فقال يعقوب :أذهب وأراه قبل أن أموت.  ويقينًا أدرك يعقوب أن الرب سمح له بهذا الأمر الصعب لخيره ولخير يوسف، ولاستبقاء حياة للعائلة كلها.  يا ليتنا نثق في إلهنا المحب وفي تخطيطه الرائع لحياتنا.

   (3) يوسف:

سمح الرب ببغضة إخوته له، وأن يحسدوه لأن أباه كان يحبه، وصنع له قميصًا ملونًا.  وسمح الرب له أن يُباع عبدًا إلى أرض مصر ويُظلم من امرأة فوطيفار ويدخل السجن، ثم سمح له أن يُنسى من رئيس السقاة لمدة سنتين، وكان مُتحيرًا: لماذا كل هذه الأمور؟ لكن كان الرب يقول له: «من عندي هذا الأمر» ولي قصد صالح وعظيم في حياتك وخطة صالحة لن تفشل، ولن تسقط كلمة واحدة من كل الكلام الصالح الذي تكلمت به من جهتك، انتظرللنهاية.  وهذا ما حدث إذ خرج من السجن في الوقت المعين، وتسلط علي كل أرض مصر، والرب عوضه عن سنين الألم والذل، وجاء إخوته ليسجدوا له، فما أحلى إلهنا!

(4) مريم ومرثا:

كانت هذة العائلة محبوبة جدًا علي قلب الرب، وكان يجد راحته عندهم عندما يذهب إلى بيت عنيا.  وفي (يو11) يشهد الكتاب أربع مرات على محبة الرب للعازر.  لكن الرب سمح لهم بتجربة صعبة وهي مرض لعازر.  فأرسلت الأختان إليه قائلتين: «هوذا الذي تحبه مريض».  لكن الرب مكث يومين حتى مات لعازر، وحزنت الأختان ولم تفهما لماذا تأخر الرب، وكأن الرب يقول لهم: «من عندي هذا الأمر»، وأنا لي قصد صالح.  هذا المرض والموت لأجل مجد الله وسأتمجد وأحقق نتائج عظيمة من خلال هذه التجربة.  وفي اليوم الرابع ذهب الرب وأقام لعازر من الموت وأظهر كم كان يحبهم.  وبسببه رجع كثيرون إلى الرب.

(5) بولس:

الإناء المختار من الرب الذي استخدمه أعظم استخدام وائتمنه علي أعظم سر، وهو ارتباط المسيح بالكنيسة (أفسس3)، والذي ضحى بكل شيء لأجل المسيح.  لكن الرب سمح له بشوكة في الجسد، وتضرع للرب من أجلها ثلاث مرات (2كو12: 7) وهو لا يدري لماذا؟ وكان الرب يقول: «من عندي هذا الأمر».  أنا سمحت بالشوكة لكي أحفظك متضعًا ولكي أستخدمك بقوة لمجدي، وأتت الإجابة من الرب: «تكفيك نعمتي لأن قوتي في الضعف تُكمل» (2كو 9:12).  وخضع بولس وتقبل معاملات الرب الحكيمة وعاش مستندًا علي نعمة الله حتي أكمل سعيه.  

   أحبائى الأعزاء: كم من المرات لا نقبل معاملات الله معنا ونتذمر علي أمور كثيرة يسمح لنا بها.  يا ليت الرب يساعدنا لكي نقبل كل شيء من يده بشكر حتي لو لم نفهم الآن ما يسمح به، وهو يقول لكل منا: «من عندي هذا الأمر».  وأمام كرسى المسيح يقينًا سنفهم كل شيء ونُقبِّل يده الرحيمة ونقول له: سيدي ما أروعك!  كلها بحكمة فعلت،  فليكن اسم الرب مباركًا إلى الأبد. 

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com