«إذ عرفنا بسر مشيئته، حسب مسرته .. لتدبير ملء الأزمنة ليجمع كل شيء في
المسيح »(أف1: 9، 10)
الله
لديه مقاصد عظيمة وإرادة صالحة، وهو يعمل لتتميمها على الرغم من مشهد الخطية
والخراب. وظلت هذه المقاصد، لزمان طويل،
سرًا غير مُعلَن. ولا شك أن هذه المقاصد
صالحة، وهي مرتبطة بمجد المسيح ومعه الكنيسة في المستقبل، وليست مرتبطة بعمل
القضاء الذي يطلق عليه ”عمله الغريب“، مع أنه سيتممه في حينه. وهنا يطالعنا الروح القدس عن هذا السر والغرض
منه، ففي الدهر الآتي، المُعبَّر عنه ”بتدبير ملء الأزمنة“، سوف يجمع الله كل شيء
في شخص واحد هو المسيح؛ كل ما في دائرة السماء ودائرة الأرض، ولا يُذكر هنا «ما
تحت الأرض»، كما في (في2: 10)، لأن هذه الدائرة ليس لها نصيب في البركة. والمسيح المُمجد كرأس الخليقة الجديدة سيُثبِّت
نظامًا إلهيًا جديدًا يكون أساسه الوحدة والبركة.
والخطية هي أساس الاستقلالية وفعل الإرادة الذاتية، وأن يصبح كل فرد وحدة
قائمة بذاتها ومستقلاً عن غيره. وهذا ما
نراه حولنا من منظمات وهيئات في العالم.
وبالرغم من محاولات البعض لتوحيد الأفكار والأهداف، فإن هذه المحاولات باءت
بالفشل ولم ينتج عنها سوى مزيد من الانقسامات.
ولكن الله عنده مصدر واحد للوحدة، وهو يعمل قُدمًا في هذا الاتجاه. وحينما يظهر المسيح بمجده سيصل الله للوحدة
التي قصدها من خلال سيادة المسيح على دائرتي السماء والأرض. ففي ملء الأزمنة، يوم يملك المسيح، سوف تشهد
الخليقة، في كلا الدائرتين السماوية والأرضية، توافقًا وانسجامًا تامًا، وسيكون
المسيح مركز ورأس هاتين الدائرتين، وبالنعمة نكون نحن فيه، وحاصلون على هذا
الميراث وعلى كل هذه البركات. فما أسعد ”العالم
العتيد“ الذي سيملك فيه البر والسلام، ويكون فيه المسيح ملكًا كبيرًا على كل
الأرض.