كثير من الناس ينظرون إلى فرس النهر كشخصية كوميدية
غير مؤذية، إلا أنه في الواقع يُعد من أكثر المخلوقات خطورة، يكفي أن نعلم أن قوة فكه وأسنانه الحادة تُمكِّنه
من سحق التمساح وشقه إلى نصفين، كما يمكنه أن يقسم قارب إلى شطرين. وعلى الرغم أنه حيوان نباتي، إلا أنه يمكنه التصرف بعدوانية تجاه الإنسان
قد تصل إلى القتل، بدون أي سبب. وجدير
بالذكر أن فرس النهر هو من قام بقتل الملك مينا موحد القطرين، أثناء قيامه بالصيد
في مدينة منف!
هو حيوان برمائي، ولكنه يقضي معظم وقته في الماء،
وهو يحتاج ليطفو على السطح كل 3 – 5 دقائق ليتنفس، وتعتبر
عملية التنفس تلقائية، فهو يستطيع الارتفاع والتنفس أثناء النوم تحت الماء من دون
استيقاظ. والغريب أن عملية التكاثر
والولادة بل والرضاعة أيضًا تتم تحت الماء. وهو يفضل البقاء في الماء لمدد طويلة، لأن هذا يساعده على الحفاظ على درجة حرارته وحماية جلده من الشمس.
يخرج فرس النهر صباحًا ليتشمس على الشاطئ، ويفرز
مادة زيتية حمراء، والتي أدت إلى أسطورة تقول إنه يعرق دمًا، في حين أنه لا يملك
غدد عرق على الإطلاق، وفي الواقع هذا السائل الأحمر يعمل كمرطب للبشرة وواقي من الشمس Sun-Block))،
وهو يوفر أيضًا حماية ضد الجراثيم.
بينما يخرج فرس النهر إلى الأرض ليلاً بحثًا عن
العشب، ويمكنه أن يسير مسافة تصل إلى 10كم، وهو ينفق 5 ساعات في الرعي ويستهلك 68 كجم من العشب كل ليلة، ويساعده على ذلك طول
معدته التي تبلغ 3 أمتار، ولكن هذه الكمية تُعد قليلة بالنسبة إلى حجمه ووزنه الذي
يبلغ في المتوسط 3 طن .
على الرغم من جسم فرس النهر الممتلئ، وقِصَر
سيقانه، إلا أنه يمكنه أن يسبق معظم البشر بسهولة في الجري لمسافات قصيرة، حيث
بلغت سرعته 30 كم / ساعة، إلا أنه لا يمكنه القفز.
وعندما يفتح فرس النهر فمه، فهو ليس ليتثاءب، بل هي إشارة شعوره بالتهديد، وملمس أسنانه يشبه ملمس ناب الفيل، مما يعني
أنها مصنوعة من العاج، ولعل طول أسنانه الذي يصل إلى30 سم هو ما شجع الإنسان على
اصطياده، ذلك بالإضافة إلى الرغبة من الاستفادة من كمية اللحم الكبيرة التي
يمتلكها.
ولهذا في عام 2008، تم إدراج هذا الحيوان ضمن قائمة
الحيوانات المهددة بالانقراض
من قِبل ”الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة"
ولقد أجمع معظم المفسرون أن بهيموث الذي تكلم
الله عنه في أيوب 40 هو فرس النهر، حيث أن وصف الله لبهيموث يتفق تمامًا مع فرس
النهر هذا، بداية من قوة حقويه وعضل بطنه، وقدرته على التحكم بقوة في ذيله،
وأسنانه الحادة التي تشبه السيف وقوة عظامه بالرغم من أنه حيوان مائي. وعدم خوفه
من النهر حتى لو اندفق في فمه.
كم نشعر بصغر حجمنا أمام فرس النهر، وكم بالأولى
نشعر بضآلتنا أمام الله خالقه، ولعل هذا ما كان يريد الله أن يوصله لأيوب عندما
تكلم عن خلقته عامة وعن فرس النهر خاصة. حتى يظل لساننا وقلبنا على الدوام معترفًا
لله قائلاً: «قد علمت أنك تستطيع كل شيء، ولا يعسر عليك أمر».