في يوم الأربعاء 25 – 2 – 2015
كان الأخ (و.ح) - من إخوتنا بإحدى قرى أسيوط- عائدًا إلى بيته مساء، بعد انتهاء عمله
بمعرضه للأجهزة الكهربائية. فجأة ظهر
أمامه ثلاثة رجال ملثمين وطلبوا منه مرافقتهم بالتكتك إلى مكان لايعلمه. حاول الأخ (و.ح) مقاومتهم بكل قوة، ولكن ضاعت
مقاومته هباءً أمام قوتهم وعددهم وجبروتهم، خاصة أنه عندما أطلقوا الرصاص بين
رجليه تهديدًا، هرب في الحال كل رجال الحيّ خوفًا منهم.
أركبوه التكتك
بالقوة وكتّفوه وغطوا عينيه حتى لا يبصر، إلى أن وصلوا إلى مكان ما، وبعد أن قيدوا
يديه ورجليه، وربطوا رجليه في السرير، بدأت التهديدات بالتعذيب أو القتل إذا لزم
الأمر، ما لم يستجب لمطلبهم وهو مليونيّ جنيه. كان قد وصلته منهم، أو ربما من غيرهم، مثل هذه
التهديدات بحرق معرضه أو بيته أوخطف أو قتل أولاده إذا لم يعطهم ما طلبوه، وأدرك
حينها أنهم بدأوا بالفعل في تنفيذ مخططهم الإجرامي.
مرت الأيام والليالي ثقيلة ومؤلمة جدًا .. كل
ليلة تحضر إلى غرفته مجموعة جديدة من العصابة تعيد التهديدات بالتعذيب والقتل
والدفن في ذلك المكان المجهول، ثم تزيل الغطاء عن عينيه للحظات ليرى بعينيه أدوات
التعذيب المخيفة من بنادق وسيوف وسكاكين وسواطير وثعابين سامة يحتفظون بها في
صناديق زجاجية ثم يغطون وجهه ثانية، فكان يجيبهم بأنهم لن يستطيعوا أن يقوموا بأي
عمل دون سماحٍ من الله الذي يثق ثقة لا نهائية في صلاحه وحكمته.
كانوا يسمعونه يصلّي رافعًا يديه المقيدتين إلى
أعلى فيسألونه عما يفعل، فكان يجيبهم بأنه يصلّي من أجلهم لكي يهديهم الله إلى
الصواب ويعرّفهم الحق، وبالطبع لم ينل منهم إلاّ الاستهزاء والسخرية.
ذات يوم أفزعته رائحة الشياط،
فسألهم عن سببها فأجابوه أنهم قد أضرموا النار في مرتبة السرير ليحرقوه ما لم يسرع
الآن ويتصل بأهله وأصدقائه لتدبير المبلغ المطلوب الذي كانوا قد خفضوه إلى مليون
جنيه، ثم أعطوه المحمول وفتحوا "المتكلم" speaker ليسمعوا الحديث،
اتصل ببعض
الأصدقاء ولكنهم جميعًا اعتذروا لعدم توفر المبلغ، وهو الأمر الذي كان متأكدًا منه
مقدمًا.
في أحد الأيام أحضروا له شخصًا ما، أخذ يسأله في
أمور لاهوتيه وكتابية فتجاوب معه الأخ ( و) وشرح له الحق بحسب ما أرشده الرب، ولكن
في نهاية الجلسة أخذ الرجل يهدده بالتعذيب المريع وبدأ يتلو عليه بعض القراءات
الغريبة، ثم نزع خاتم الزواج من إصبعه ومضى، (ربما كان يريد أن يؤثر عليه بعمل
شيطاني) ولكن هيهات!
ذات يوم انقطع التيار الكهربي وعم الظلام الدامس
فظن أنه ربما استطاع أن يفك قيوده ويهرب، ولكن كان هناك صوت داخله يحذره من الهروب،
وتكرر الصوت عدة مرات بتأكيد شديد ألا يفعل، وبالفعل لم تمض إلا دقائق وعاد النور
فتسمّر مكانه في الحال وكأنه نائم.
في اليوم التاسع من حادث اختطافه سمعهم
يتحادثون في خوف ورعب شديد. كانوا يذكرون
أن (فلانًا) رئيس عصابتهم الذي تبحث عنه الشرطة والذي قتل الكثيرين في ذات القرية نفسها وفي غيرها، قد
قبضت عليه الشرطة أخيرًا، وهنا تدخل الأخ ( و) في الحديث ونصحهم بترك هذا الوكر
لأنه لا بد أن الشرطة ستصل إليه لا محاله بعد أن تحصل على كل المعلومات من رئيس
العصابة. كان يخشى أن يسرعوا بقتله ودفنه
قبل أن تقبض عليهم الشرطة وهو الأمر الذي بات متوَقعًا جدًا، ولذلك نصحهم بهجر هذا
الوكر.
في المكان
الجديد اختلفت الأمور، فقد كان الجميع في منتهى التوتر فمع أنهم كانوا يريدون
التخلص منه بأي شكل من الأشكال، وكانوا يدبرون لقتله، إلا أنهم كانوا مشغولين
أيضًا بتدبير خطة الهرب بأكثر سرعة، والتخفي من الشرطة بأي شكل بعد أن قُبض على
رئيس عصابتهم. وفي صباح يوم 7 –
3-2015 وفي غفلة منهم، شعر بالصوت القديم داخله والذي
منعه سابقًا من الهروب يؤكد له الآن: "قم واخرج الآن". وبينما كان يتساءل في نفسه كيف يفك القيود، إذا
بالقيود تنفك بكل سهولة من يديه ورجليه (مع أنهم كانوا قد أحكموا قيوده)، فقام في
الحال بعد أن رفع العصابة عن عينيه، وأخذ يجري خارجًا فوجد بابًا حديديًا ضخمًا
ومغلقًا، عالجه من الخارج فانفتح في الحال وبكل سهولة، دون أن يعترضه أحد، في مثال
صغير لما حدث مع بطرس (أع12).
أخذ الأخ ( و)
يجري من شارع إلى شارع ومن حارة إلى حارة، وهو لا يعرف أين هو على الخريطة، وقد ظن
أنه بالقرب من قرية النواميس، ولكن العجيب أنه بعد أن قطع مسافات طويلة جريًا على
غير هدى في طرقٍ متعرجة وملتفة، فجأة وجد نفسه – ولدهشته الفائقة - أمام منزل
العائلة في القرية!!
بعد لحظات كان
البيت قد امتلأ عن آخره بكل الأهل والأصدقاء والمحبين يشكرون الرب الذي استجاب
صلوات كثيرة رُفعت بدموع وبلجاجة شديدة إلى الرب من الأهل والأصدقاء والإخوة في
اجتماعات عديدة على مستوى الجمهورية.
وافق الأخ ( و)
على نشر قصته ليتمجد الرب أمام أعين قديسيه، ولكي يتشجع كل من هو في ضائقة،
وليتأكدً أن الرب مازال يسمع ويستجيب.. "هذا المسكين صرخ والرب استمعه ومن كل
ضيقاته خلصه" (مز 34 :6).
"انتظر الرب، ليتشدد وليتشجع قلبك وانتظر الرب" (مز27: 14).