عدد رقم 4 لسنة 2015
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
يهوشافاط والتحالف غير المقدس مع يهورام بن أخآب  

   في 2 مل 3 نرى بعض الدروس الروحية والأدبية التي نتعلمها من تحالف يهوشافاط ملك يهوذا ويهورام بن أخآب ملك إسرائيل:

- كان يهوشافاط من الملوك الأتقياء وقد عمل المستقيم في عيني الرب، ولكن ككل الأتقياء لم تخلُ حياته من نقاط الضعف والفشل، والكتاب يسجل لنا هذه الأخطاء والضعفات لكي نتعلم ونستفيد منها، لأننا إن لم نتعلم من اختبارات الآخرين سيضطر الرب أن يسمح لهذه الأحداث أن تحدث معنا.

أما الدروس التي نتعلمها من هذا التحالف غير المقدس فهي:

أولاً: لم يتعلم يهوشافاط من أحداث الماضي، عندما كان مع أخآب في الحرب وكاد أن يموت لولا أن الرب أنقذه بمعجزة ووبخه بعد ذلك (1مل٢٢).  وهنا نجد ضعف شخصية يهوشافاط الذي لم يتعلم كيف يقول: لا.

   ثانيًا: عندما عصي ملك موآب علي ملك اسرائيل، لم يسأل يهورام ملك إسرائيل عن السبب، وكان يجب أن يسال الرب: ١- لماذا عصي موآب؟ ٢- ماذا نفعل؟  لكنه تصرف بحكمته وبحسب إرادته وأرسل إلي يهوشافاط ملك يهوذا لكي يذهب معه إلي الحرب.  ويهوشافاط أيضًا أخطأ لأنه لم يسأل الرب كذلك، ولم يتعلم من الماضي عندما ذهب مع أخآب، لكنه للأسف أجاب بنفس الكلمات التي قالها سابقًا مع أخآب، "فقال أصعد، مثلي مثلك، شعبي كشعبك، وخيلي كخيلك" (٢مل ٣ مع ١مل٤:٢١)، قد يكون ليهوشافاط مبرراته وأسبابه تحت ستار القلب المتسع، ومحبة شعب الله، والوحدة مع مملكة إسرائيل لأنهم شعب الله أيضًا، وهذا الخطأ قاده إلى خطأ أكثر وهو التحالف مع ملك أدوم الوثني.

ثالثًا: تحذيرات الرب ليهوشافاط :- ١-عندما سأل يهوشافاط: من أي طريق نصعد؟  فقال يهورام من طريق برية أدوم.  وهنا كان يجب أن يتنبه يهوشافاط إلى خطورة الموقف فهي برية وأرض وعرة، وليس ذلك فقط بل هي برية أدوم وليس برية يهوذا، وهي برية بدون ينابيع ماء.          

  ٢- داروا مسيرة سبعة أيام ولم يكن ماء للجيش والبهائم التي تبعتهم، وهنا أيضًا تحذير جديد لهم وليهوشافاط.  وعند هذه المشكلة نجد ردود أفعال مختلفة للأشخاص: ١- يهورام: أساء الظن في الله قائلاً: "آه علي أن الرب قد دعا هؤلاء الثلاثة الملوك ليدفعهم إلى يد موآب".  وهذا هو حال الكثيرين من الناس عندما يواجهون أية مشكلة بسبب الضمير المشتكي ٢- يهوشافاط قال: "أليس هنا نبي للرب فنسأل الرب به"؟  وهذا هو التصرف الصحيح الذي وصل إليه يهوشافاط أخيرًا، وهو الشعور بالاحتياج إلى الرب ومعرفة فكره في هذا الأمر وهذه المشكلة، وكانت الإجابة من أحد عبيد ملك إسرائيل: "هنا أليشع بن شافاط الذي كان يصب ماء علي يدي إيليا".  وعندما جاء الملوك الثلاثة إلى أليشع كان أليشع أكثر شجاعة وجراءة من يهوشافاط عندما وبخ ملك إسرائيل قائلاً: "مالي ولَك. اذهب إلى أنبياء أبيك وأنبياء أمك".  (وكان هذا توبيخًا غير مباشر إلى يهوشافاط)، والآن أتوني بعواد.  ولما ضرب العواد بالعود كانت عليه يد الرب".  وهنا نجد تأثير الحالة النفسية والمزاجية علي الحالة الروحية.  التشويش والارتباك بسبب هذا التحالف غير المقدس جعل أليشع يطلب عوّادًا.  والموسيقى تؤثر علي الحالة النفسية وترفعها، وهذا مع المؤمن ومع غير المؤمن ١صم١٦.  فارتقى أليشع مع الألحان، واستطاع أن يميِّز فكر الرب.  لكن العواد الحقيقي في العهد الجديد هو الروح القدس الذي يسمو بنا إلى جو السماويات ويجعلنا نتلامس مع السماء ونميز صوت الرب.   

 رابعًا: - كلام أليشع لهم: "اجعلوا هذا الوادي جبابًا جبابًا .... فيدفع موآب إلى أيديكم".  وفي هذا نجد: ١- امتحان لطاعتهم :- لأن هذا الأمر ليس حسب المنطق الطبيعي، لأنهم يطلبون ماء، وهذا الأمر سيسبب لهم مزيدًا من المتاعب، ويجعل الأمور أكثر صعوبة.  وكثيرًا ما يحدث هذا معنا عندما نذهب إلى الله بالمشكلة وبدلاً من الحل للمشكلة نجد الإجابة مشكلة أخرى وصعوبة أكثر وامتحانًا جديدًا.  لكن هذا كلام الرب "هكذا قال الرب"، ويجب الطاعة بدون مناقشة أو مساومة.  ٢- امتحان لإيمانهم وثقتهم في الله لأنه حيث يوجد الإيمان لا بد من الامتحان، لكي يظهر نوعية هذا الإيمان "لكي تكون تزكية إيمانكم، وهي أثمن من الذهب الفاني مع أنه يُمتحن بالنار، توجد للمدح والكرامة والمجد عند استعلان يسوع المسيح" (1بط1: 7).                                                                      

خامسًا:- هذه الأحداث في الوادي :- والوادي هو مكان الاتضاع والتدريب والحكم علي الذات، فيه نتعلم كفاية الرب لنا، ونتعلم ضعفنا وفشلنا وعدم نفعنا وعدم قوتنا، هو مكان الأحزان والحرمان، مكان الشعور بالاحتياج والفراغ، وعند الطاعة فإن الرب يعطي أكثر جدًا من احتياجاتهم، لأنهم طلبوا المياه والرب أعطاهم المياه والخلاص والنصرة على أعدائهم (ع ١٨).                                

 سادسًا:-  الجباب:- إنها ليست جبًا واحدًا بل جباب، وهذا ما يفعله الرب معنا، ولكي يحفر هذه الجباب يستخدم آلات حادة وأشخاص أقوياء يمسكون بهذه الآلات "ركبت أناسًا علي روؤسنا" (مز ٦٦)، ولكي يجعل الوادي جبابًا لا بد من إزالة التراب، ولكي تسع أكثر من المياه لا بد من حفرها أكثر وإزالة التراب أكثر لكي تكون أكثر عمقًا واتساعًا، والتراب صورة للأرضيات والأمور الزمنية التي يحرمنا منها الرب في حكمته وصلاحه.  وهذه الجباب ستمتلئ بالماء، والمياه صورة الي البركة والارتواء والانتعاش، وعلي قدر عمق واتساع وعدد هذه الجباب علي قدر استيعاب المزيد من البركة وأمور الله، وكذلك الاستخدام الصحيح لانعاش وتشجيع الآخرين (لأن المروي هو أيضًا يُروى).                 

سادسًا:- القضاء علي موآب:- موآب هنا هو صورة إلى شهوة الجسد، وطلب الراحة كما هو مكتوب "مستريح موآب منذ صباه" (إر48: 18)، أو إلى ما يطلبه الجسد ويبحث عنه في العالم.  لذلك قال لهم تضربون كل مدينة محصنة (ما يجد فيه الجسد والعالم الأمان والاطمئنان)، وكل مدينة مختارة (الراحة والاستقرار)، وكل شجرة طيبة (المسرّات والأفراح)، وتطمون جميع عيون الماء (مصادر الانتعاش العالمية الزمنية)، وكل حقلة جيدة (الشبع والاكتفاء بالأشياء الزمنية)، لأن المؤمن له مصادر أخرى للأمان والاطمئنان والانتعاش والراحة، وعندما يحرم من هذه المصادر العالمية الزمنية سيبحث عن المصادر الروحية الإلهية، وهي أسمي وأفضل بما لا يُقاس، وعندم يشبع ويتلذذ بالمصادر الإلهية سيبتعد أكثر عن هذه المصادر الأرضيّة، لأن النفس الشبعانة تدوس العسل.

سابعًا:- في نهاية الأصحاح نجد الضمان للنصرة وتحقيق ما تكلم به الرب، وهو ليس لأجل شيء فيهم بل لأجل كمال عمل المسيح علي الصليب الذي اشبع قلب الله، فنقرأ القول: "وفي الصباح عند إصعاد التقدمة إذا مياه آتية".  ولذلك أعطاهم الله أكثر مما طلبوا لأنهم طلبوا المياه فقط، ولكن الرب أعطاهم المياه والنصرة أيضًا وذلك يسير في عيني الرب، على أساس المحرقة الصباحية.

            

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com