عدد رقم 2 لسنة 2016
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
الصقر  


 هو أسرع طائر في العالم، بل وأسرع مخلوق على وجه الأرض، فسرعته الطبيعية 323 كم/ ساعة، والتي قد تصل أثناء الانقضاض إلى 389 كم/ ساعة، وبالطبع تمثل هذه السرعة خطورة كبيرة لأي طائر، فضغط الهواء الناتج عن سرعة اندفاعه الشديدة هذه قد يؤدي إلى انفجار الرئتين أثناء التنفس، إلا أن فتحة منخر الصقر مزودة بقطعة من العظام تسمى ”الحديبة“، وهي مصممة بشكل مخروطي، تصطدم بالهواء، فيدور في شكل حلزوني عوضًا عن الاندفاع المباشر، مِما يُهدئ من سرعة اندفاعه، وبالتالي يتيح للصقر التنفس بطريقة طبيعية أثناء الطيران بسرعات عالية، ويمتلك الصقر جناحان رفيعان مدببان، يُمكِّناه من تغيير اتجاهه

أثناء الطيران بطريقة فجائية وسريعة.

تتيح سرعة الطيران العالية للصقور الفرصة لهم للسفر مسافات طويلة، فبعضهم يهاجر سنويًا قاطعًا مسافة 25000 كم، كما تُعتبر سرعته من الأسلحة الرئيسية في عملية الصيد، فهو ينقض بسرعة على فريسته التي تكون عادة حمامة أو أي طائر آخر في حجمها، بالإضافة لبعض القوارض والطيور التي تعيش على الأرض، ويستطيع الصقر مهاجمة فريسته في الهواء محدثًا لها إصابات بالغة بمخالبه، يقوم بعدها بالعودة لالتقاطها في الهواء، أو تركها لتسقط على الأرض، ويقوم بحملها من هناك أو أكلها على الأرض في حالة الفريسة الضخمة، كما يستطيع خطف الفريسة من طائر جارح آخر أثناء الطيران.  ويقوم الصقر بحركات ”إكروباتية“ أثناء الطيران، فتقوم الأنثى بالطيران وهي مقلوبة على ظهرها،

 كي تستقبل الفريسة بمخالبها في الهواء من الذكر الذي يطير فوقها.

تتمتع هذه الجوارح بنظر خارق، فمبدئيًا، تشغل العينين نصف مساحة جمجمة الصقر، ويستطيع الصقر بهما أن يتابع 3 أجسام

 متحركة في اتجاهات مختلفة في وقت واحد، كما أنه يستطيع رؤية فريسته من على بعد ميل كامل، وتحتوي عيناه على ثلاثة

 جفون، يعمل الجفن الثالث على حماية العين أثناء الطيران بسرعات عالية.

وعلى الرغم من شراسة هذا الطائر، إلا أنه يمتلك أخلاقيات عائلية رائعة، فهو يتزاوج مدى الحياة (كل زوج له زوجته المحددة)، ويفضلون التزاوج في نفس المنطقة على مدار العمر كله.  تضع الأنثى من ثلاث لأربع بيضات، ويشارك الذكر الأنثى في

 مهمة الرقود على البيض، ويقوم الذكر والأنثى بالدفاع المستميت على صغارهم، التي تستطيع الطيران بعد 42 يومًا، ولكنها

تظل في رعاية أبواها اللذان يوفران لها الغذاء والحماية، ويعلماها مهارة الصيد، حتى يمكنها الاستقلال بعد ذلك.

وبمعرفتنا البسيطة هذه عن هذا الطائر الصغير الذي لا يزيد وزنه عن الكيلو والنصف، يمكننا أن نستشعر غنى الله وعظمته

 في خليقته حيث وهبه هذه الإمكانيات.  ولكن هذا الغنى بالطبع لا يقارن مع غناه الذي لا يستقصى الذي أظهره لنا نحن، ولعلنا

 نتعجب جدًا من الإنسان في تحقيره لنفسه، مثلما ظهر في قول أيوب: «وَلكِنَّ الإِنْسَانَ مَوْلُودٌ لِلْمَشَقَّةِ كَمَا أَنَّ الْجَوَارِحَ لارْتِفَاعِ الْجَنَاح»  

(أي 5: 7)، كم نطوِّب أنفسنا، إذ أننا ولدنا لا لنكون مثل الجوارح والصقور، بل لنكون مشابهين صورة ابنه!

                               

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com