عدد رقم 2 لسنة 2016
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
عابرين في وادي البكاء  


   «عند المساء يبيت البكاء وفي الصباح ترنم» (مز30: 5).  إن رحلتنا القصيرة في هذا العالم، عبر وادي البكاء، هي رحلة ليلية.  والليل يتكلم عن الأحزان والآلام طالما نحن هنا في سياحتنا وتغربنا عن حبيبنا.  وهي تشبه رحلة التلاميذ، يوم ألزمهم الرب بالدخول في السفينة، وأمرهم أن يسبقوه إلى العبر (مت14: 22).  وطوال الليل كانت الريح مضادة، وكان البحر هائجًا، والليل حالكًا.  وهم كانوا مضطربين ومُعذبين في الجذف، يصارعون الموت.  ولا شك أن الرب كان يعلم ما سيتعرضون له، كما يعلم ضعف نفوسهم وعجزهم، ومع ذلك ألزمهم.  لقد رأى لزوم هذا الدرس بعد معجزة إشباع الجموع، كما هو مكتوب: «إن كان يجب تحزنون يسيرًا بتجارب متنوعة» (1بط1: 6).  ولماذا ألزمهم؟ الجواب: «لأنهم لم يفهموا بالأرغفة إذ كانت قلوبهم غليظة» (مر6: 52).  كما أنهم كانوا متحمسين للذين أرادوا أن يختطفوه لكي يجعلوه ملكًا (يو6: 15)، ولم يكن قد جاء وقت المُلك، فأراد أن يباعد بينهم وبين أحلام المُلك.  وعندما يريد الرب أن يفطمنا عن الطموحات الأرضية والعالمية فإنه يلزمنا بالدخول في السفينة.  وإذ نواجه الظروف المعاكسة، ونصارع البحر الهائج، ستُختزل الآمال الأرضية، ونقنع بالقليل جدًا من هذا العالم.  والرب لم يَعِد التلاميذ برحلة سهلة خالية من المتاعب، لكنه وعدهم بسلامة الوصول للشط الآخر.  ومن خلال اختبارات الماضي، ومعرفتهم لسلطانه وقدرته ومحبته الثابتة، كان المفروض أن يواجهوا التجربة بهدوء وسلام، لكنهم خاروا وانهاروا.  والسبب أنهم سمحوا للتجربة أن تأتي بينهم وبين الرب، وما عادت عيون إيمانهم تراه.  أما هو فلم يكن بعيدًا عن المشهد بل «رآهم معذبين في الجذف»، وفي الهزيع الرابع «أتاهم ماشيًا على البحر» (مر6: 48).  إنه الكاهن الرحيم الذي يرثي للضعفاء، والكاهن العظيم الذي يعين المجربين.  لقد ظل طول الليل على الجبل يصلي لأجلهم، شاعرًا بضعفهم ومسكنتهم، يستجلب المعونة لهم.  وفي الصباح جاء إليهم ومعه الخلاص، وعندما دخل السفينة سكنت الريح وهدأ البحر عن هيجانه.  لقد جاءوا إلى أرض جنيسارت وأرسوا.  وهذا ما سيحدث قريبًا عندما يأتينا الحبيب ويتم الخلاص العجيب بوصولنا إلى البيت الرحيب. 

العوصف تهدأ وستسكن الرياح    وأرى حبيبي والقلب  يرتاح

إن طال انتظاري فلا بد أن أراه   هذا شوق قلبي أبقى في سماه

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com