عدد رقم 5 لسنة 2017
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
مثل البذار النامية  

 (مرقس4: 26- 29)

   «وقال: هكذا ملكوت الله: كأن إنسانًا يلقي البذار على الأرض، وينام ويقوم ليلاً ونهارًا، والبذار يطلع وينمو، وهو لا يعلم كيف، لأن الأرض من ذاتها تأتي بثمر. أولاً نباتًا ثم سنبلاً، ثم قمحًا ملآن في السنبل. وأما متى أدرك الثمر، فللوقت يُرسِل المنجل لأن الحصاد قد حضر».

   مثل البذار النامية هو المثل الوحيد الذي ينفرد به البشير مرقس دون باقي البشيرين.  وهذا المثل مقابل لمثل زوان الحقل (مت13)، مع الفارق، في مثل الزوان يظهر لنا ما يعمله العدو (إبليس)، إذ يزرع المعلمين الكذبة والمضلين وسط المؤمنين (الحنطة)، أما في مثلنا، فنرى ما يعمله الله من خلال كلمته، إذ ينتج الثمر.

   غرض المثل: قصد الرب من هذا المثل أن يشجع تلاميذه ويحفزهم على رمي البذار على الأرض، ولا ينشغلوا بالثمر ولا يثقوا في قدراتهم ومهارتهم، بل في كفاية كلمة الله وعملها في قلوب البشر «ارمِ  خبزك على وجه المياه، فإنك تجده بعد أيام كثيرة» (جا11: 1).

   خلفية المثل: نطق الرب يسوع بهذا المثل بعد مثل السراج، والسراج يكلمنا عن شهادة المؤمنين في هذا العالم، فهم يضيئون كأنوار (في2)، لكن من جانب آخر، عليهم مسؤولية توصيل كلمة الله للنفوس، والكلمة وحدها كافية  لخلاصهم.  فالمؤمنون يشهدون للرب بحياتهم (السراج) ثم بكلامهم (البذار النامية) «اذهب ... وأخبرهم كم صنع الرب بك ورحمك» (مر5: 19)، فهل حرصنا على ذلك؟

   محتويات المثل:

(1) "ملكوت الله"، العبارة تعني مُلك الله، الله المَلك، ومن الواضح أن الرب لا يملك الآن على جميع البشر- إذ يوجد الشيطان رئيس هذا العالم - لكن هنا فريق يملك عليه الرب هم المؤمنون الحقيقيون. وملكوت الله في هذا المثل يركز على المؤمنين الحقيقيين الذين يملك عليهم الرب ويظهرون الثمر في حياتهم.

(2) "كأن إنسانًا". الإنسان هنا يشير إلى الرب يسوع وهو يلقي بذاره على الأرض في أثناء خدمته العلنية ثم يرجع إلى السماء، فنسمعه يقول بروح النبوة: "شريعتك في وسط أحشائي. بشرت ببر في جماعة عظيمة. هوذا شفتاي لم أمنعهما...تكلمت بأمانتك وخلاصك. لم أخفِ رحمتك وحقك عن الجماعة العظيمة" (مز40: 8- 10)، ونحن الآن نقوم بذات الدور في فترة غيابه عنا بالجسد.

(3) "البذار" هنا تمثل كلمة الله التي نقدمها للسامعين، فالبذرة تحمل الحياة في داخلها، وكلمة الله حية وفعالة (عب4: 12)، ولها تأثير عظيم على من يقبلها «هكذا .. كلمتي التي تخرج من فمي، لا ترجع إليَّ فارغة، بل تعمل ما سررت به وتنجح في ما أرسلتها له» (إش55: 11). «إذًا ليس الغارس شيئًا ولا الساقي بل الله الذي يُنمي» (1كو3: 7).

(4) "الأرض"  تمثل قلوب البشر، وهي في هذا المثل تشير إلى القلوب الجيدة التي تقبل كلمة الله وتأتي بالثمر «لأن أرضًا قد شربت المطر (كلمة الله المستخدمة بالروح القدس) الآتي عليها مرارًا كثيرة، وأنتجت عشبًا صالحًا للذين فلحت من أجلهم، تنال بركة من الله» (عب6: 7). فهل تقبل – عزيزي القارئ- كلمة الله لتنال هذه البركة؟

(5) الثمر: «وأما متى أدرك (نضج) الثمر».  بالرغم من أعداء الكلمة الممثلين في الشيطان والجسد والعالم (انظر مثل الزارع متى13)، لكنها تنمو وتزيد (أع12).  إن كلمة الله تعمل في قلوب البشر بطريقة معجزية بعيدة تمامًا عن قوة الإنسان ومهارته، لذا يقول هنا: «ينام ويقوم ليلا ونهارًا، والبذار يطلع وينمو، وهو لا يعلم كيف».  لنلاحظ مراحل نمو الثمر «أولاُ نباتًا ثم سنبلاً ثم قمحًا ملآن في السنبل».  ويمكننا أن نجد في هذا التدرج في النمو المراحل التي يمر بها المؤمن في علاقته وإدراكه الروحي كما يقدمها لنا الرسول يوحنا في رسالته "آباء ثم أحداث ثم أولاد" (1يو2).  فالمؤمن لا يتوقف عند مرحلة معينة في نموه الروحي، بل ينمو في النعمة وفي معرفة ربنا يسوع المسيح (2بط3).

(6) "المنجل" المنجل هو سكينة لها شفرة حادة محنية، تُستخدم للحصاد. المنجل هنا لا للدينونة بل لجمع القمح ( المؤمنين الحقيقيين)، لكن يتحدث الكتاب عن منجل آخر هو منجل الدينونة، فيقول: «أرسل منجلك واحصد، لأنه قد جاءت الساعة للحصاد، إذ قد يبس حصيد الأرض (الأشرار)...أرسل منجلك الحاد واقطف عناقيد كرم الأرض لأن عنبها قد نضج» (رؤ14: 17- 19). فهل نعتبر لكل هذا؟

(7) "الحصاد قد حضر"  الحصاد في هذا المثل يمثل رجوع الخطاة البعيدين، وعن هذا يقول الرب في موضع آخر: «أما تقولون: إنه يكون أربعة أشهر ثم يأتي الحصاد؟ ها أنا أقول لكم: ارفعوا أعينكم وانظروا الحقول إنها قد ابيضت للحصاد. والحاصد يأخذ أجرة ويجمع ثمرًا (النفوس التائبة) للحياة الأبدية، لكي يفرح الزارع والحاصد معًا» (يو4: 35، 36). تُرى: هل نهتم ونضع على قلوبنا ربح النفوس للمسيح؟

                                                                          

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com