إن رؤية
حبيبنا الذي نشتاق إليه عبر وادي الدموع طوال رحلتنا أفضل من الوجود في المجد،
وأفضل من نوال إكليل الحياة، أو قيثارات الذهب، وأسمى من لبس حُلة العُرس البهية
والفاخرة، وأعظم من الوجود حيث لا حزن ولا موت ولا فراق. لقد اختارنا لنكون قدامه في المحبة، وليس فقط
لنكون في السماء. فشوق قلبه أن يرانا
ويمتع نفسه بنا، وشوق قلوبنا أن نراه وجهًا لوجه وأن نكون معه ومثله حيث يكون هو. ومتى انشغلنا به كالغرض المشبع لقلوبنا،
والرجاء الوحيد لنفوسنا ، حينئذ سيهون علينا كل شيء آخر، وسنسحب أنفسنا من كل مجد
زائل ومركز عالمي ومكسب أرضي لكي نخرج للقائه.
إنه العريس السماوي الذي طالما انتظرته الكنيسة في كل العصور، وتاقت له
العروس، وحنت له النفوس. وهذا الشوق موجود
في كل المؤمنين بدرجات مختلفة تبعًا للمشغوليات العالمية ودرجة التكريس، فنحن جميعًا
نحبه لأنه هو أحبنا أولاً. وكيف تستريح
قلوبنا وتهنأ قبل أن ترى وجهه؟ ففي ملقاه تحقيق الأماني وإرواء الأشواق وكل ما
يفرح القلب الكئيب. وياله من يوم سعيد فيه
يأتينا الحبيب ويخطفنا على السحاب لملاقاته في الهواء!
والذين خرجوا
للقاء العريس يجب أن يتميزوا بثبات الغرض.
فالإنسان الذي يخرج لملاقاة صديقه سيتابع سيره بكل ثبات حتى يلاقيه، ويظل
كل الطريق متطلعًا إليه ولا تثني عزمه أية صعوبة، بل يجتاز الوهاد ويعبر السهول
والصخور ويتسلق الجبال ويواصل الارتحال حتى يحظى به. وهذا ما يليق بنا في سياحتنا نحو السماء لنلتقي
بعريسنا في الهواء. وعلينا أن نجدَّ في
السير، ونحترص أن نرضيه ونكرمه، ونكون على استعداد أن نحتمل المشقات وأن نتألم
لأجله دون كلل أو خوار.
ترى لماذا أعيا في سفري هنا مهما يكن طريقي يفضي إلى السما
وعندما نراه سنسى سريعًا كل ما صادفنا في الطريق من حزن
أوضيق، وسوف يمسح هو الدموع ولا بكاء في تلك الربوع.