عدد رقم 2 لسنة 2017
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
التحديات المعاصرة للشباب  

   إن الجيل الحالي يواجه تحديات لم تواجه نظيرها الأجيال السابقة، إضافة لصعوبة الأيام، حيث أننا في الأيام الأخيرة (2تي3: 1)، وصعوبة الأيام لا ينفعها الإيمان العادي لكنها تحتاج إلى إيمان قوي وعلاقة حقيقية عميقة مع الرب، فالإيمان الهش الضعيف لا يقوى أمام تيارات الحياة المختلفة وتجاربها الصعبة.  وفي هذا المقال نتناول التحديات الرئيسية للشباب لا بغرض التفشيل، بل سنذكر النصيحة اللازمة أمام كل تحدٍ من التحديات، وسنوجز التحديات في أربعة اتجاهات : إيمانية – علمية – اقتصادية - اجتماعية.

أولاً: التحديات الإيمانية:

   أصبح التيار الإلحادي وإنكار وجود الله فكرًا يُحارب كثيرين من الشباب، ناهيك عن الإلحاد السلوكي وهو أنك تجد الشخص له إيمان بوجود الله ويتمتع بالخلاص ومقتنع بالحقائق الإيمانية ويحضر الاجتماعات الروحية، ومع ذلك فإن سلوكه لا يفرق عن غير المؤمنين، والحقائق ليس لها تطبيق على أرض الواقع العملي، ذلك لأنه لا يعرف أن يصلي وينفرد مع الله لكي يتغير. 

   هذا بخلاف السطحية التي أصبحت السمة الغالبة، رغم توافر المعلومات الروحية بطريقة مذهلة، لكن لا يوجد عمق في الجذور، فأصبحت الشكليات هي الطابع العام لأغلب المؤمنين.

   أضف إلى ذلك الصراعات الكنسية وغياب القدوة، فأكثر ما يُعثر أنك تجد ذات الصراعات الموجودة بالعالم، موجودة داخل الكنيسة وفي مجالات الخدمة، وهذا يسبب صدمة أو عثرة أمام الشباب.  كما أن هناك تحديًا جديدًا وهو التشكيك في حرفية ووحي الكتاب المُقدس من قادة لهم وزن في المسيحية، حيث ينادون أن قصة الخلق والسقوط في تكوين ص 1-3 ليست حرفية، وأن قصص الطوفان وسدوم وعمورة هي أساطير خيالية لتوضح غضب الله على الخطية، وللأسف كثيرون من الشباب يقتنعون بهذا الضلال، وتفقد كلمة الله مصداقيتها في نظرهم.

   وإن كانت هناك نصيحة أمام التحديات الإيمانية، فهي الإيمان بالله والثبات على كلمته والتمسك بها ضد التيار الليبرالي المنحرف الذي يشكك فيها.  هذه الكلمة التي غيرت حياة الكثيرين عبر كل الأزمان.

   وهنا يلزم القول إنه إن كانت الكنائس قد سادها الضعف واختلطت فيها الروحيات بالشكليات، والتقوى مع الرياء، إلا أنها ما زالت المنارة التي يشع منها نور المسيح إلى العالم المظلم، ولا يصح أن نهجرها كما يفعل البعض اليوم، إلى كيانات وتجمعات خاصة لها أسماء عديدة لن تكون بأي حال أفضل من الكنائس المحلية مهما ضعفت حالتها الروحية.

ثانيًا: تحديات علمية:

   إن حالة التعليم في مصر تشبه السباق المحموم، فإذا أخذنا مثال الثانوية العامة التي فيها يحصل الطالب على أعلى الدرجات، عسى أن يحقق بها طموحاته - لكن دون جدوى – خلاف أن العملية التعليمية يشوب قراراتها التخبط كما لو كان الطلبة حقل تجارب، خلاف التقدم الهائل في مجالات الاتصالات والكمبيوتر، فأصبح الأُمي ليس مَنْ لا يجيد القراءة والكتابة، بل هو من لا يجيد لغة الكمبيوتر.

   وإن كنا نسوق نصيحة، فهي الاجتهاد، فالنجاح الزمني يكرم الرب ويمجده، فيوسف ودانيال كان كلاهما ناجحين في مجالات زمنية ووظيفية.

   وكذلك الحرص على تطوير الإمكانيات، فالذي يقف في مكانه، سوف يجد نفسه قد تخلف عن الركب، فالشهادة العلمية ليست هي نهاية المطاف، بل لا بد من متابعة كل ما هو جديد، والمثابرة على مسايرة كل تطور في المجال الذي رتبته لك حكمة الرب.

   والاتزان مطلوب بين الاجتهاد الزمني والاجتهاد الروحي، لنعرف قصد الله من حياتنا، ولا يغيب عنا أننا سماويون وأننا غرباء ونزلاء على الأرض.  ولنحذر من أن نُبتلع في دوامة النجاح الزمني على حساب النجاح الروحي.

ثالثًا: تحديات اقتصادية:

   الغلاء وارتفاع نسبة البطالة من أكثر التحديات التي يواجهها الجيل الحالي، خلاف تأخر سن الزواج لسبب زيادة التكاليف، فأصبحت المقولة: "الزواج للمقتدرين فقط"، فيها الكثير من الصواب.  فكم من السنوات التي يحتاجها الشاب، لكي يجهز نفسه ماديًا للحياة الزوجية لكي يعيش فقط حياة عادية بسيطة.

   وأمام تحديات اقتصادية يعاني منها الجميع كبارًا وصغارًا يلزمنا العمل الجاد، وعلينا أن نشكر الرب من أجل كل باب مفتوح للعمل.  وقد يستلزم الأمر العمل في مجال غير مجال الدراسة، فليكن، فليس الجميع يعملون في مجال شهادتهم العلمية، فالمهم أن نبدأ بعمل ومع الوقت يساعدنا الرب في تغييره، أو قد ننجح وننمو في مجال عملنا، وليس أحد يصعد السلم من آخر درجة، بل لا بد من صعوده درجة درجة.  والرب لن يفشل شخصًا أمينًا مجتهدًا في عمله.

   ويعوزنا التدرب على الاكتفاء، لأننا كشباب لا نحتاج لنصيحة عن الطموح، فهو يسري في دمائنا، فالنصيحة التي نحتاجها إذًا لكي يحدث التوازن المطلوب هي الاكتفاء، كونوا مكتفين بما عندكم لأنه قال: لا أهملك ولا أتركك (عب13: 5).  فالسعادة ليست بالمال ولا بالمقتنيات بل باختبار الرضى والكفاية الإلهية.

   يعوزنا تبسيط تكاليف الزواج، وأن نقنع ببداية بسيطة متضعة ونتكل على الرب بإيمان وثقة أنه وعد أن يملأ كل احتياج وأنه سيعتني بنا.  كذلك تبسيط مصاريف حفل الزفاف، فكم من المصاريف يمكن تجنبها لو راعينا البساطة والواقعية والبعد عن التكلف والمظهرية.

رابعًا تحديات اجتماعية وأخلاقية:

   في عصر تباعد فيه الناس، وأصبحت العلاقات متصدعة حتى في أقرب الدوائر وأصبحت الأنانية تسيطر، في عصر سادت فيه الإباحية وانتشرت عن طريق التكنولوجيا المتقدمة وأصبحت في يد الجميع، أصبحت هناك سرعة غير عادية في نظام الحياة، والبعض يُضحي بوقت الأسرة ووقت الرب وحتى وقت راحته الشخصية ليظل بالساعات أمام الشاشات والأجهزة الإلكترونية بما تحمله من مخاطر كثيرة روحية وأخلاقية.

   أمام هذه التحديات لا مجال للاستسلام، فهناك إمكانيات إلهية لكي نعيش أتقياء رغم الجو المعاكس، " كما أن قدرته الالهية قد وهبت لنا كل ما هو للحياة والتقوى بمعرفة الذي دعانا بالمجد والفضيلة، اللذين بهما قد وهب لنا المواعيد العظمى والثمينة لكي تصيروا بها شركاء الطبيعة الإلهية هاربين من الفساد الذي في العالم بالشهوة" (2بط1: 3-4)، فعلى قدر التحديات هناك معونات، وعلينا أن نستمع جيدًا إلى القول: "أما الشهوات الشبابية فاهرب منها واتبع البر والإيمان والمحبة والسلام مع الذين يدعون الرب من قلب نقي" (2تي2: 22).

   فمصنع الله لم يصنع يوسف فقط الذي وقف وقفته الشهيرة أمام التجربة التي نُصبت له وقال "لا للخطية" التي عُرضت عليه فقط، بل قال: "لا لنفسه"، هكذا يستطيع كل شاب أن يقول لا للخطية، أيًا كانت درجة الإغراء وأيًا كانت قوة نداء العالم، فنداء العالم يفقد تأثيره على المؤمن السهران، و"باطلاً تُنصب الشبكة في عيني كل ذي جناح" (أم1: 17).

   علينا الارتباط بعائلة الإيمان "رعية مع القديسين وأهل بيت الله" (أف2: 19)، حيث الشركة الصادقة والمحبة الدافئة في عالم بارد تسوده الأنانية، لنجد فيها التعويض عن كل شروخ في العلاقات الإنسانية.

   ليتنا نلتمس معونة الرب، فلا نستسلم للتيار الجارف ولا نرضى بالبديل وهو أن نضعف ونصير كسائر البشر (قض16: 7)، بل نعيش بالمعونة الإلهية في نصرة حقيقية، رغم التحديات، فالله لم يعطنا روح الفشل والهزيمة والتقهقر، بل روح القوة والمحبة والنصح (2تي1: 7).

                                                                                  

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com