عدد رقم 2 لسنة 2017
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
لا نجهل أفكاره (2)  

«لِئَلاَّ يَطْمَعَ فِينَا الشَّيْطَانُ، لأَنَّنَا لاَ نَجْهَلُ أَفْكَارَهُ» (2كو2: 11).

     ما زال عدو كل بر، يسعى جاهدًا لإفساد سبل الله المستقيمة (أع13: 10).  ومن مساعيه القوية إبعاد شعب الله عن المسار الصحيح والعبادة الصحيحة المطابقة لفكر الله.  وهذا ما نراه جيدًا في حيل فرعون الأربعة، التي استعملها قديمًا مع موسى عند خروجهم من مصر.

   وقد رأينا في العدد السابق الحيلة الأولى أن يذبحوا في مصر، والحيلة الثانية أن لا يذهبوا بعيدًا.  ونستكمل حديثنا بالتأمل في الحيلتين الثالثة والرابعة. 

الحيلة الثالثة  (فصل الرأس عن الجسد).

    فَقَالَ لَهُمَا: «مَن ومَن هم الذين يذهبون؟ فقال موسى: نذهب بفتياننا وشيوخنا.  نذهب ببنينا وبناتنا، بغنمنا وبقرنا، لأن لنا عيدًا للرب.  فقال لهما: يَكُونُ الرَّبُّ مَعَكُمْ هكَذَا كَمَا أُطْلِقُكُمْ وَأَوْلاَدَكُمُ.  انْظُرُوا، إِنَّ قُدَّامَ وُجُوهِكُمْ شَرًّا. لَيْسَ هكَذَا.  اِذْهَبُوا أَنْتُمُ الرِّجَالَ وَاعْبُدُوا الرَّبَّ. لأَنَّكُمْ لِهذَا طَالِبُونَ»(خر10: 10، 11).

«ولا عجب لأن الشيطان نفسه يغير شكله إلى شبه ملاك نور» (2كو11: 14).  وفي هذه الحيلة نجد فرعون يقف وقفة المشير، الذي يقدم النصيحة لموسى.  لقد قصد فرعون من وراء هذه النصيحة الخبيثة أن يفصل الرأس عن الجسد، بذهاب الرجال فقط دون النساء، وهذا إخلال بترتيب الله وفكره، الذي جمع ووحد الرجل بامرأته، وما جمعه الله لا يفرقه إنسان.  وبالتأكيد إذا ذهب الرجال فقط وحجز النساء فإنه سيضمن رجوع الرجال إلى مصر ليظلوا تحت سيطرته.  وليس ذلك فقط بل أراد أن يحتفظ بالأولاد (الجيل الثاني)، فعندما يفشل في السيطرة على الكبار فإنه سيلجأ للسيطرة على الصغار.  والأطفال دائمًا غير ثابتين ومضطربين ومحمولين بكل ريح تعليم، بمكر إلى مكيدة الضلال.  وإذا رجعنا إلى سفر الخروج الأصحاح الأول في محاولات فرعون الباكرة ليمنع نمو الشعب في مصر، بدأ بالكبار فسخرهم واستعبدهم في الطين واللبن ليستنزف قوتهم ويستكدهم في هذا العمل بعبودية قاسية وعنف.  لكن هذه المحاولة فشلت وحسبما أذلوهم هكذا نموا وامتدوا.  بعدها لجأ فرعون للتعامل مع الجيل الثاني (الأطفال).  فطلب من القابلتين أن يقتلا كل طفل ذكر في المهد، لكن هذه المحاولة فشلت أيضًا إذ خافت القابلتين الله واستحيتا الأولاد.  أخيرًا أصدر فرعون أمرًا أن كل طفل ذكر يغرق في النهر.  فعلينا أن نتحذر من أفكار العدو الذي يريد أن يسيطر على الأسر (زوجات وأولاد) وهم الأضعف، ليحرمهم من البركة ومن العبادة.  إن فكر الله هو أن يبارك الصغار مع الكبار (مز115: 13).  وكنيسة الله التي هي مركز الشهادة له، مكونة من أفراد وأسر تحت لواء وسيادة المسيح، والشيطان يريد أن يفرقهم.  وكم هو أمر محزن أن نرى الرجل في الاجتماع يعبد الرب، لكن الزوجة والأولاد لا علاقة لهم بالاجتماع أو العبادة.  لكن موسى فطن لهذا الخطر فأجابه: «نَذْهَبُ بِفِتْيَانِنَا وَشُيُوخِنَا. نَذْهَبُ بِبَنِينَا وَبَنَاتِنَا، بِغَنَمِنَا وَبَقَرِنَا، لأَنَّ لَنَا عِيدًا لِلرَّبِّ».  ففي هذا نرى قصد الله من العيد، الكل بنفس واحدة، كما كانت الكنيسة أيام الرسل.  وكم نشكر الله لأجل النهضة الفيلادلفية، التي أحيت هذا الحق من جديد "المسيح رأس الكنيسه" حيث تجتمع إلى اسمه كجسد واحد.

الحيلة الرابعة (القلب ومشغولياته).

فَدَعَا فِرْعَوْنُ مُوسَى وَقَالَ: «اذْهَبُوا اعْبُدُوا الرَّبَّ. غَيْرَ أَنَّ غَنَمَكُمْ وَبَقَرَكُمْ تَبْقَى. أَوْلاَدُكُمْ أَيْضًا تَذْهَبُ مَعَكُمْ»(خر10: 24).

لأنه «حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضًا» (مت6: 21).  أراد أن يخرجهم ويحتفظ بالغنم والبقر وهو يعلم أن قلبهم على هذه المقتنيات وستصبح وسيلة جذب لهم للعودة إلى مصر.  ومن ناحية أخرى سمح لهم بالخروج للعبادة، ولم يسمح لهم بأخذ الذبائح التي منها سيقربون للرب.  قال موسى: «تذهب مواشينا أيضًا معنا.  لا يبقى ظلف.  لأننا منها نأخذ لعبادة الرب إلهنا.  ونحن لا نعرف بماذا نعبد الرب حتى نأتي إلى هناك» (خر10: 26).  في المكان الصحيح والمركز الصحيح نفهم المطالب التي يريدها الرب في العبادة الصحيحة المرضية.  فلسنا نحن الذين نحدد طريقة ومادة العبادة والسجود له بل طبقًا لما يريد هو، لهذا علينا أن نكون مستعدين لتقديم الذبائح المطلوبة.  وهذا سيتم بعد السفر ثلاثة أيام، التي تتكلم عن الموت والقيامة كأساس الانفصال عن العالم.  فعلينا أن نتكرس بالتمام للرب نحن وكل ما لنا.  ولقد قيل حقًا: «ليس أحد يضع يده على المحراث وينظر إلى الوراء يصلح لملكوت الله» (لو9: 62).    

                                                                      

 

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com