أحبائي لا شك أننا نعيش أيامًا صعبة بسبب ندرة فرص العمل الجيد والمناسب، وهذه ضيقة عامة يعاني منها كل الناس في بلادنا. ونحن كمؤمنين لسنا موعودين بأننا لن نعاني ما يعاني منه الناس، لكننا موعودون بأننا لن نجتاز معاناتنا بمفردنا، بل سنختبر معيّة الرب بصورة أعظم أثناء الضيق. لسنا موعودين بأن لا تصيبنا تجارب لكننا موعودون بأن تكون تجاربنا في حدود طاقة احتمالنا البشرية وأن يكون معها المنفذ!
وإن كنت عزيزي تجتاز هذه الضيقة فدعني أذكِّرك بالآتي:
- تدبير فرصة العمل مسؤولية الله أبينا: على سبيل المثال أقول: نحن نؤمن، ونعلن دائمًا، أنه على المؤمن أن يطلب الزوجة من عند الرب، والرب في صلاحه من نحو المؤمن مسؤول عن تدبيرها له، ونحن نبني إيماننا من جهة هذا الأمر على ما تعلنه كلمة الله أن الرب هو الذي دبَّر وأحضر الزوجة لآدم؛ لكن يفوتنا أن نفس الكلمة المقدسة تعلن أن الرب قبل أن يدبِّر لآدم الزوجة دبَّر له العمل! إذًا، بكل تأكيد هي أيضًا مسؤولية الله أبينا أن يدبِّر لك فرصة العمل. فهيا اطلبها بإلحاح؛ إنها لك.
- ملء احتياجات المؤمن يستلزم العمل: يخبرنا الرسول بولس في فيلبي 4 أن الله سيملأ كل احتياج عندنا، ويعلمنا الرب يسوع في عظته على الجبل في متى6 أن الله أبينا سيطعمنا ويلبسنا. وبالطبع لم يكن الرسول ولا الرب يسوع يقصدان أن الله الآب سيمطر من السماء طعامًا وملابس لأولاده، لكن بلا شك من خلال تدبير العمل الذي منه يستطيع المؤمن أن يوفِّر المأكل والملبس.
- الله إذا أراد دبَّر: إن كان الكتاب في 2تسالونيكي3 يعلّمنا أن رفض العمل خطية تستوجب التأديب الكنسي، إذًا فالله يريدنا أن نعمل، فكيف يريد لنا هذا وهو لا يدبِّره لنا؟ إنه إله غير متضاد مع ذاته؛ فحينما أراد أن يخلّص البشر دبَّر لهم الخلاص، ولأنه يريدنا أن نعمل فحتما هو يدبر العمل.
وعليه عندما لا تجد عملاً هناك واحد من الاحتمالات الأتية:-
- أن يكون الرب يريدك أن تجلس أمامه لتصلي وتتضرع له أكثر من جهة هذا الأمر.
- أن تكون هناك بعض الأشياء التي يريد الرب تنقيتك منها، ولذا فهو يضيّق عليك لكي تكتشفها وتتوب عنها.
- أن يكون هناك كبرياء أو عدم فهم يجعلك لا تقبل أعمالاً معيّنة ترى أنها لا تناسبك أو مرهقة لك، بينما تكون مشيئة الرب من نحوك هو أن تقبلها؛ إذ بها سيحقِّق الرب قصدًا معيَّنا فيك أو يتمِّم رسالة معينة بك.
- أن يكون الأمر يحتاج إلى قدر من الشجاعة أوالمغامرة، ولكنك لا تقدر بسبب ضعف الإيمان ولأنك لم تتعود الاتكال على الرب.
- أن تكون لا تريد أن تعمل لأنك تكره العمل بصفة عامة، وهذه خطية تستلزم التوبة العاجلة.
- أن يكون هناك مرض نفسي يجعلك لا تريد أن تعمل، وهذا يستلزم تلقي العلاج الطبي.
- أن يكون قصد الرب هو إلزامك بتطوير قدراتك وتنمية إمكانياتك العلمية والفنية بالقدر الذي يفتح أمامك المزيد من أبواب العمل التي يريدك الرب أن تشهد له فيها.
إنني أصلي من كل قلبي أن يكشف لك الرب عن المعطِّل، وأن يساعك لتتخذ خطوات عاجلة لتصحيح وضعك، كما أتضرع إليه أن يتدخل برحمته ويملأ كل احتياج عندك وعند أسرتك.
وفي النهاية أترك معك هذه الكلمات البديعة من مزمور37:
اتَّكِلْ عَلَى الرَّبِّ وَافْعَلِ الْخَيْرَ. اسْكُنِ الأَرْضَ وَارْعَ الأَمَانَةَ.
وَتَلَذَّذْ بِالرَّبِّ فَيُعْطِيَكَ سُؤْلَ قَلْبِكَ.
سَلِّمْ لِلرَّبِّ طَرِيقَكَ وَاتَّكِلْ عَلَيْهِ وَهُوَ يُجْرِي...
انْتَظِرِ الرَّبَّ وَاصْبِرْ لَهُ، وَلاَ تَغَرْ مِنَ الَّذِي يَنْجَحُ فِي طَرِيقِهِ...
كُفَّ عَنِ الْغَضَبِ، وَاتْرُكِ السَّخَطَ، وَلاَ تَغَرْ لِفِعْلِ الشَّرِّ...
اَلْقَلِيلُ الَّذِي لِلصِّدِّيقِ خَيْرٌ مِنْ ثَرْوَةِ أَشْرَارٍ كَثِيرِينَ.
لأَنَّ سَوَاعِدَ الأَشْرَارِ تَنْكَسِرُ، وَعَاضِدُ الصِّدِّيقِينَ الرَّبُّ.
الرَّبُّ عَارِفٌ أَيَّامَ الْكَمَلَةِ، وَمِيرَاثُهُمْ إِلَى الأَبَدِ يَكُونُ.
لاَ يُخْزَوْنَ فِي زَمَنِ السُّوءِ، وَفِي أَيَّامِ الْجُوعِ يَشْبَعُونَ...
مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ ََتَثَبَّتُ خَطَوَاتُ الإِنْسَانِ وَفِي طَرِيقِهِ يُسَرُّ.
إِذَا سَقَطَ لاَ يَنْطَرِحُ، لأَنَّ الرَّبَّ مُسْنِدٌ يَدَهُ.
أَيْضًا كُنْتُ فَتىً وَقَدْ شِخْتُ، وَلَمْ أَرَ صِدِّيقًا تُخُلِّيَ عَنْهُ، وَلاَ ذُرِّيَّةً لَهُ تَلْتَمِسُ خُبْزًا. الْيَوْمَ كُلَّهُ يَتَرَأَّفُ وَيُقْرِضُ، وَنَسْلُهُ لِلْبَرَكَةِ.