عدد رقم 5 لسنة 2007
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
كيف غير الله الوضع؟من 2 مليون خسائر إلي إرباح خيالية  

لا يمكن أن أنسي كَمَّ المشاكل التي مَرَّت بها شركتنا حتي وصل الحال بنا إلي الإفلاس.

لا يمكن أن أنسي مدي اضطرابي وقلقي وخوفي ومدي الاكتئاب والحزن الذي وصلت إليها نتيجة لحال شركتنا.

لا يمكن أن أنسي المَرّات العديدة التي جلست فيها أنا وباقي الشركاء نتباحث ونحاول إيجاد الحلول لتغيير هذه الحال، ولكن عبثًا كنا نجلس بل وكنا نخرج أكثر إحباطًا.

لقد ازداد الأمر سوءًا بعد أن دَبَّت الخلافات بيني وبين الشركاء، لأن كل منّا يتّهم الآخر بأنه هو السبب الذي أدّى بنا إلي تلك الحالة؛ حيث لا توجد لدينا سيولة، ومديونياتنا لدي البنوك باتت غير مسدَّدة لفترة طويلة، والمنافسة صعبة جدًا، ولم يَعُد لدينا أيّ أمل في النجاة!

ولن أستطيع أن أنسي كيف كُنت في تلك الأيام أترك مكتبي من كثرة الضغوط، وأهرب إلي الكورنيش أتمشّي وحيدًا وعيوني ملأنة بالدموع من كثرة الهموم والمشاكل، بل وهربًا من مطالبة البنوك.

وبعد أن أصبح العجز الكلي للشركة أكثر من 2 مليون جنيه، وبعد أن دبّت الخلافات بين الشركاء، لم يعُد هناك مفَرّ من فَضّ الشركة.  وتم الاتفاق علي تصفية الشركة تدريجيًا وتقسيم الخسائر فيما بيننا.  وبالفعل بدأنا في تقسيم الشركة، وكان نصيبي من العجز وقتها ما يقرب من مليون جنيه.

وبدأت أنا في إنشاء شركة جديدة وأنا مديون بمليون جنيه!!

في تلك الإثناء طَلَبَت مني الكنيسة أن أكون مسؤولاً عن خدمة ورعاية اجنماع شباب جامعة!  وبالطبع كان هذا آخر وقت يمكنني فيه القيام بمسؤولية مثل هذه.  هذا بالإضافة إلى كوني بلا أي خبرة في هذا المجال.  ولم أكن أعرف لماذا قامت الكنيسة بدعوتي أنا شخصيًا؛  فأنا لا أملك أي إمكانيات تؤهلني، ولا أنا، روحيًا أو نفسيًا، مؤهَّل لهذه الخدمة.  بالإضافة إلى أنه لم يكن لدى وقت لأخدم، فكل وقتي ضائع بلا نتيجة في عملي.  ولكنني بدأت أفكِّر أنه من يدري؛ فربما تكون هذه الدعوة هي دعوة من الرب لي لكي أبدأ مرحلة جديدة من عمري؛ مرحلة أبدأ فيها معه من الصفر، أعود للوراء عندما تعرفت على الرب حديثًا، وكأني شاب جامعي أبدأ أتعلم، مع هؤلاء الشباب: من هو الله؟  وما هي خطته لحياتنا؟  وكيف نمجّده في هذه الحياة؟  مرحلة أكون فيها أكثر اقترابًا منه وأتعلّم أكثر الاتكال عليه، ليس فقط بسبب حاجتي الشخصية له، لكن أيضًا بسبب مسؤولية هؤلاء الشباب المُلقاة على عاتقي.  فقبلت هذه المهمة، على الرغم من صعوبتها. 

ولأنني لا أعرف شيئا عن الخدمة، ولأنه لا توجد لديَّ أيّة إمكانيات، وكان وقتي غير متاح؛ فكان هناك تحدٍّ بالنسبة لي، وهو: كيف سأُعطي وقت عملي لخدمة الله؟  ولم أكن أعلم أن الله ينوي أن يعلّمني أعظم درس في حياتي: أنني لن أنجح في عملي بدون أن يدير هو لي هذا العمل!  وأنني عندما أعطيت كل حياتي للعمل، كانت النتيجة أنني مفلس بل ومديون!!  والآن جاء الوقت لكي أعطيه هو أن يدير حياتي، بل وأسلّمه تمامًا أمور شركتي، وأن أقضي وقتًا معه وفي خدمته، وهو في نعمته سيتولى أمر نجاح شركتي!

فبدأت سنة 1996 بعجز قدره مليون جنيه، لكن يد الرب بدأت تعمل معي؛ فاستطعت أن أسدِّد هذا العجز بالكامل في بداية 1998، وفى نهاية نفس العام حقَّقَت الشركة أول ربح فعلي!

ورغم تطورات الأسواق الداخلية والخارجية، ورغم ارتفاع الدولار ارتفاعًا جنونيًا، ورغم كافة القرارات الفجائية التي اتّخذها البنك المركزي خلال عام 1999؛ أكرمنى الله بما يفوق الخيال، فحقَّقت الشركة رقمًا قياسيًا بالنسبة لي في المبيعات وفي الأرباح!  لكي ما يعلمني أنه إذا أراد أن يكرمني، فلن تعوقه ظروف السوق، ولا قوانين، ولا شر الأشرار!  فزاد هذا الدرس من حبّي له ورغبتي في مزيد من الاتكال عليه. 

وبدا الله يكمل مسيرة النجاح والتفوق حتى أصبحت شركتي، ذات العجز الضخم في 1996، إحدى الشركات الرائدة في مجالي. 

وهنا تأتي أهم نقطة في قصتي: فمنذ أن بدء الله يتعامل معى في مجال عملي، ويعلّمني معنى الاتكال عليه وليس على نفسي، وبدأت شركتي الجديدة بدون شركاء، وضعت في قلبي أمام الرب أن أخافه وأرضيه في كل صغيرة وكبيرة في عملي، فلا أفعل شيئًا يلومني عليه ضميري، مهما كانت التكلفة أو الإغراءات.  فبدأت أوقف أمور كثيرة لم تكن تُرضي الله، وبدأت أتوقف عن استيراد خامات كثيرة، لا لشيء إلا إن المنافسة في هذه الخامات لا بد أن تكون بطرقٍ ملتوية.  كما بدأت أدفع كافة الضرائب والرسوم لكافة الجهات الحكومية، بلا أي تلاعب، ومهما كانت الأسباب.  حتى جاء يوم كان امتحانًا قاسيًا لي في سنة 2004؛ فالخامة الأساسية، التي نستوردها والتي يقوم عليها معظم نشاط شركتي، بدأ المهربون يجلبونها.  وبالطبع كانوا يبيعونها في السوق بأسعار أرخص، إذ لا يدفعون عنها جمارك ولا ضرائب.  وكان الحل السهل المتبع في مثل هذه الظروف هو أن أطلب من المصدر أن يكتب لي فواتير بأسعار أقل لكي أدفع جمارك أقل فأستطيع الاستمرار في السوق، وإلا فإني سأغلق الشركة من جديد! 

وهنا ذكَّرني الرب بمعاملاته معي؛ فقلت: يا رب لقد بدأت هذه الشركة وأنا تحت الصفر بمليون جنيه، والآن قد صار رأسمالي حوالي عشرين مليون جنيه، إذًا كل ماعندي وما تحت يدي هو عطية منك، فكيف يا رب أعود وأخونك وأفعل هذا الفعل الشرير؟!  أنا على استعداد يا رب أن أغلق الشركة وأعود للصفر مرة أخرى، أو حتى تحت الصفر، ولن أفعل شيئًا لا يرضى عنه روحك في داخلي، ولا يوافق تعليم كتابك. 

وفي الحال جمعت كل العاملين في الشركة، وهم - أشكر الله - مؤمنون حقيقيون، وأخبرتهم بقراري أنني سأوقف استيراد هذه الخامة، والتي يقوم عليها معظم عمل الشركة.  فكان قراري صدمة لهم، لكنني طمأنتهم أنهم لن يفقدوا وظائفهم، ولن تنقص رواتبهم!  هذا لأنني كنت أثق في أمانة الله أنه سيوجد لي مخرَجًا. 

وبالفعل أوقفت استيراد هذه الخامة، وعلى الفور أرشدني الرب للعمل في استيراد خامات أخرى، وكانت يد الرب بالبركة، بشكل يفوق خيالي، فقد كافأني الرب على هذا القرار، حتى أصبح حجم مبيعات شركتي هذا العام حوالي مائة وخمسين مليون جنيه، بعد ما كنت مديونًا!! 

فماذا أقول أمام أمانة الله وإحساناته، سوى أن أسجد أمامه وأقول عنه إنه «إله أمانة لا جور فيه، صدّيق وعادل هو» (تث32: 4).

والآن أنا قد تيقنت أن مجال عملي هو مجال خدمتي، ولهذا فإني أصلّي من كل قلبي لكي يصبح مجال عملي شاهدًا حيًّا عن إلهي الذي أعبده. 

لقد حقَّق الله ما لم أكن لأجرؤ أن أحلم به..  وقد غيّرني أنا أولاً قبل أن يغيِّر ويبدِّل كل الأمور. 

د| فوزي جاد "شركة بيل فودز لمكونات الغذاء" 
 

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com