عدد رقم 4 لسنة 2013
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
لو كنت مكاني  
أهلاً بكم أعزائي الشباب مع عددٍ جديد من بابكم "لو كنت مكاني" 
كنا قد طرحنا في العدد السابق رسالة وصلتنا من صديقة المجلة (ريهام) تقول فيها:
أعزائي رسالة الشباب المسيحي – باب "لو كنت مكاني":

أكتب إليكم مستغيثة وشاكية، فاستغاثتي تكمن فيما تعرضت له أنا وكثيرات مثلي خلال الشهرين الماضيين.  فمنذ شهرين ويوزع كتاب مجهول المصدر مدمر المحتوى، يطعن في التعاليم المسيحية المتعلقة بصحة الكتاب، والوحدانية والثالوث، ولاهوت المسيح، والكفارة. استغاثتي بسبب الرعب الذي أجده على وجوه الشابات والسيدات أثناء توزيع هذا الكتيب عليهن في الشوارع والميادين والمواصلات العامة، وحتى على أبواب الكنائس على مسمع ومرأى من الجميع.  وشكوتي هي من ردود الفعل التي تكشف عن ضحالة التعليم والسطحية التي يعاني منها عموم المسيحيين تجاه الحقائق الأساسية الأولية موضوع هجوم المشككين. 
ألا تغيثونا قبل فوات الأوان؟
                                                                                        ريهام                                                                                                
  والآن اسمحي لي أختي ريهام ببعض الحديث عن جذور المشكلة وكيفية علاجها.

أولاً: عداوة عبر الدهور 
إن العداوة التي أقصدها هي العداوة القائمة منذ القديم بين الظلمة والنور، بين الباطل والحق، بين الشر والخير، بين الشيطان والله.  وهذه العداوة أخذت من الإنسان مسرحًا وملعبًا باعتباره مشروع الله على الأرض.  أي أن الشيطان بظلمته وكذبه وشره أراد أن يفسد مشروع الله على الأرض بإفساده للإنسان.  ولكن مجدًا للرب، فنحن نعلم أن النصرة كانت في الصليب، عندما هزم الرب إبليس بموته إذ "جَرَّدَ الرِّيَاسَاتِ وَالسَّلاَطِينَ أَشْهَرَهُمْ جِهَارًا، ظَافِرًا بِهِمْ فِيهِ" (كولوسي 2 :15). 

ولكن ينبغي أن نعلم أنه بالرغم من هزيمة إبليس الساحقة بموت المسيح وقيامته، إلا أنه ما زال يبث ضلالاته في أذهان البشر إلى هذه الساعة.  ومن بين سهامه السامة في هذه الحرب هي ما ينشره عن طريق أتباعه في هذه الأيام من تشكيك في صحة الكتاب واتهامه بالتحريف، والتشكيك في التعليم عن وحدانية الله ولاهوت ربنا يسوع المسيح.

ثانيًا: ضلال وفتور.
إن الخطر الحقيقي لا يكمن في الهجوم الشيطاني على إيماننا المسيحي فقط، ولكن الخطر الأشد هو بُعد السواد الأعظم من المسيحيين عن الكتاب المقدس.
فعندما تكتفي الكنائس بتعليم الناس كل شيء إلا الكتاب فهذا هو الضلال بعينه.  لقد نجح الشيطان في أن يخفي الكتاب المقدس من الكنائس ويحل محله اجتماعيات وندوات ومهرجانات وطقسيات وسير البشر وشرح الجنس وتعليم الطبخ ... إلخ.  ونتيجة لذلك لم يجد الناس في الكنائس من يقدمون لهم طريق الخلاص النقي القائم على كفاية عمل المسيح على الصليب، ولا من يشرحون لهم الكتاب مُفصلين كلمة الحق بالاستقامة.  ونتيجة لذلك ينزعج الكثيرون أمام أسئلة المشككين ولا يجدون إجابات، وكثيرون منهم يسقطون ويرتدون.  ألم يقل الرب تبارك اسمه وهو أصدق القائلين: «أَلَيْسَ لِهذَا تَضِلُّونَ، إِذْ لاَ تَعْرِفُونَ الْكُتُبَ وَلاَ قُوَّةَ اللهِ؟ " (مرقس 12: 24).

ثالثًا: المدينة ذات السور.
وأقصد بالمدينة ذات السور، أنه كما أن أي مدينة تعتمد في حمايتها على السور، هكذا أيضًا فإن عقولنا وأذهاننا وكنائسنا وبيتونا وشبابنا وأطفالنا لا يمكن أن يكونوا في أمان من هجمات الشيطان وأعوانه ما لم نحيطهم بالسور المنيع الحصين الذي هو كلمة الله.  ألم يقل يهوذا في رسالته: "وَأَمَّا أَنْتُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ فَابْنُوا أَنْفُسَكُمْ على إيمانكم الأَقْدَسِ" (يهوذا20)؟ 


لذلك سأتناول في هذا العدد الرد على بعض الشُبهات المتعلقة بصحة الكتاب المقدس، ثم نحاول في المرات القادمة التطرق لرد الشبهات عن المواضيع الأخرى كالوحدانية والثالوث ولاهوت المسيح وكفارة وقيامة المسيح.
 يقول المُدَّعون أن الكتاب المقدس الذي بين أيدينا الآن ليس هو بالكتاب الصحيح، وإنما أصابه التحريف بالتبديل والحذف والإضافات.
وللرد نقول:

A. مصدر الكتاب المقدس
إن الكتاب المقدس هو كتابٌ مصدره الله، وهو الذي يحفظه، وتأثيره يشهد له.  فإن كانت عظمة أي كتاب في العالم تتوقف على صيت وشهرة وعظمة مؤلفه، فإن عظمة وقداسة الكتاب المقدس أيضًا مستمدة من المؤلف الأعظم والأوحد للكتاب ألا وهو "الله القدوس"، وهذا ما ذكره الرسول بولس لابنه تيموثاوس: "كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ" (2تي3 :16).  فكل ما تحويه الكتب المقدسة لهو ذات أنفاس الله، ومن الجدير بالذكر أن كلمة "موحى به" theopneustos هي نفس اللفظة التي يُعبَّر بها عن التنفس، فيكون معناها الحرفي: "كل الكتاب هو (مُتنفس به)، أو(مستمد نفسه من الله)" (2تي3: 16).  الله يتنفس في الكتاب ليعطي لكلمته قدرةً لإحياء لكل من يسمع أو يقرأ هذه الكلمة المقدسة.


B. وحي الكتاب، كيف وصل إلينا الكتاب؟ يخبرنا الرسول بولس قائلاً:
   بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ إِنْسَانٍ: مَا أَعَدَّهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ. فَأَعْلَنَهُ اللهُ لَنَا نَحْنُ بِرُوحِهِ. لأَنَّ الرُّوحَ يَفْحَصُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى أَعْمَاقَ اللهِ.... وَنَحْنُ لَمْ نَأْخُذْ رُوحَ الْعَالَمِ، بَلِ الرُّوحَ الَّذِي مِنَ اللهِ، لِنَعْرِفَ الأَشْيَاءَ الْمَوْهُوبَةَ لَنَا مِنَ اللهِ، الَّتِي نَتَكَلَّمُ بِهَا أَيْضًا، لاَ بِأَقْوَال تُعَلِّمُهَا حِكْمَةٌ إِنْسَانِيَّةٌ، بَلْ بِمَا يُعَلِّمُهُ الرُّوحُ الْقُدُسُ، قَارِنِينَ الرُّوحِيَّاتِ بِالرُّوحِيَّاتِ» (1كو2 :9-13).
  ومن هذه الآيات نعرف ثلاثة أشياء مرتبطة بالوحي وهي 1- الإعلان 2- الوحي  3- الكتاب. 
الإعلان: هو كل ما في ذهن الله (أعماق الله) قبل أن يوحي به لكتبة الوحي 
الوحي: عندما نقل الله ما في أعماقه بروحه إلى أذهان كتبة الوحي 
الكتاب: وهو نقل الوحي من أذهان الكتبة إلى رقوق وأسفار الكتاب مستخدمين ألفاظًا روحية، أي قارنين أو ناقلين الأفكار الروحية بألفاظ وكلمات روحية.  فحتى وإن كان هناك كتبة للأسفار المقدسة فهؤلاء لم يكتبوا من أفكارهم الخاصة ولا من مشيئتهم الشخصية بل الكتاب يقول: "لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ" (2بط1: 21).

C. دلائل صحة الكتاب: الكتاب المقدس نفسه يشهد ويؤكد بعدم وجود احتمالية تعرض كلام الله للتبديل أو التحريف بعدة دلائل منها:

1- شهادة الله نفسه: "فإني أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل" (متى 18:5).  فهل يتجرأ أحد على تحريف كلام الله؟! 

2- صدق النبوات: فهناك أكثر من 333 نبوة عن المسيح معظمها تم بدقة بالغة، ومن هذه النبوات ما يتعلق بمكان ولادته (ميخا 5: 2)، وزمان مولده وموته (دانيال9: 25)، وولادته من عذراء (إشعياء 7: 14)، وعن آلامه وصلبه (مزمور22) ... إلخ، وبناءً على قانون الاحتمالات الرياضي هناك فرصة واحدة لكل 84 وإلى يمينها 98 صفرًا، لحدوث كل هذه النبوات في حياة شخص واحد، فما أعجب أن تتحقق جميعها على أروع ما يكون في شخص واحد، فهذا من أقوى الأدلة على مصدرها الإلهي! 

3-  الدقة العلمية: فبالرغم من أن الكتاب المقدس ليس كتابًا علميًا- أي ليس هدفه طرح نظريات علمية – إلا أن كل ما سرده من حقائق علمية هو صحيح بنسبة 100% مثل حقيقة كروية الأرض "الجالس على كرة الأرض وسكانها كالجندب"  (إش40: 22)، وقانون الجاذبية " يمد الشمال على الخلاء ويُعلّق الأرض على لا شيء” ( أيوب 26: 7)، وقانون بقاء الكتلة والطّاقة (2 بطرس3: 7) "وأما السموات والأرض الكائنة الآن فهي مخزونة بتلك الكلمة عينها محفوظة للنار إلى يوم الدين وهلاك الناس الفجار". 

4- عدد المخطوطات: إن الكتاب المقدس هو الكتاب الوحيد في العالم الذي له عدد من المخطوطات القديمة تتطابق بالتمام مع النسخ التي بين أيدينا، فالمتاحف تحتوي على حوالي 24600 مخطوطة معظمها يرجع للقرون الميلادية الأولى.  ومن ضمن هذه المخطوطات القديمة: نسخة بيزي المحفوظة في كمبريدج والتي تحتوي على الأناجيل الأربعة وأعمال الرسل، وقسم من رسالة يوحنا الأولى، يعود تاريخها إلى القرن الخامس أو السادس الميلادي.  والنسخة الأفرامية في بارس: تحتوي على العهدين القديم والجديد كاملين باليونانية تعود إلى القرن الخامس، والنسخة الإسكندرية المحفوظة في المتحف البريطاني بلندن: العهدان القديم والجديد باليونانية سنة 325 ميلادية.  ونسخة واشنطن الأناجيل القرن الرابع أو الخامس الميلادي، وغيرها.
5- وحدة موضوع الكتاب المقدس: على الرغم من أن الكتاب قد اشترك في كتابته حوالي 40 شخصًا، على مدى 1600 عامًا، إلا أنه يتكلم عن موضوع واحد هو المسيح، "فإن شهادة يسوع هي روح النبوة".

6- قوة تأثيره: لا يوجد في كل العالم عبر التاريخ كتاب أثر في الناس وغير حياتهم وأخلاقياتهم سوى الكتاب المقدس.  ولو كان قد أصابه التحريف لما استطاع أن يحدث هذا التأثير والتغيير العجيب في حياة الناس.
7- ويبقى دائمًا القول إنه بما أن المُدَّعون بالتحريف قد عجزوا عن الإتيان ببرهانهم وبيناتهم ولم يستطيعوا الرد على الأسئلة المنطقية البديهية مثل: من الذي حرف الكتاب، ومتى حرفه، وكيف حرفه، وأين النسخة الغير محرفة؟ إذًا فالكتاب المقدس هو كتاب الله الذي لم يقترب منه الباطل ولا البطل.
ونستكمل حديثنا في العدد القادم بمشيئة الرب حول رد الشبهات عن لاهوت المسيح

***

إن كان لديكم مشكلة أو مشاركة أو رأي أو نصيحة، يمكنكم إرسالها إلينا، ونحن سنعرض في العدد القادم ما نراه مناسبًا للفائدة العامة.  برجاء ألا تزيد المشاركة عن خمسة أسطر أو 80 كلمة على:
البريد الالكتروني   ayad.zarif@gmail.com    
أو انضم إلى الجروب  lawkontmakany على الـ Facebook 
أو أرسل لنا رسالة قصيرة SMS الى 01006650876
                                                                     

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com