عدد رقم 6 لسنة 2012
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
اليد  

تظل الخليقة تصرخ بأعلى صوت معلنة حكمة الله وقدرته، ويظل الإنسان باعتباره تاج الخليقة نموذجًا لهذه الحكمة والقدرة، ولسنا بحاجة إلى البحث في الأعضاء المعقدة كالعين أو القلب كي نكتشف شيئًا عن هذه الحكمة والقدرة، بل يمكننا الوصول لهذه الغاية بالتأمل في أبسط الأعضاء كاليد.  فلأن الخالق هو الله يمكننا أن نتعلم ما قاله بولس: «وأعضاء الجسد التي نحسب أنها بلا كرامة نعطيها كرامة أفضل» (1كو12: 23).

من الأمور التي تميز اليد هو عدم وجود أي عضلات في أصابع اليد، بل تتحرك الأصابع عن طريق أوتار أو أربطة تصل بين عقل الأصابع المختلفة وبين العضلات التي تحركها، وتقع هذه العضلات في منطقة الرسغ وراحة اليد، تمامًا كما تحرك الخيوط العرائس المتحركة، ولكي نتخيل عدد هذه الأوتار، دعونا نتخيل حركات الأصابع، حيث هناك أوتار تثني الأصبع عند أول عقلة وتفرده، ويحدث هذا عندما تشير بأصبع السبابة وتحركه لأعلى وأسفل، كما أنه هناك أوتار تتصل بآخر عقلة، وهو ما يتضح عند ضم أصابعنا في شكل قبضة، وهناك أوتار تحرك الأصابع جانبيًا مثلما نشير بأصبع السبابة قائلين "لا". هذا بالإضافة لأوتار الإبهام التي تسمح له بحركة معقدة، تميز الإنسان عن سائر المخلوقات، وهي التي تتيح له جذب الأشياء المختلفة بدقة. 

وبالرغم من صغر حجم العضلات التي تُحرِّك الأصابع إلا أن عضلتين فقط يمكنهما تحمل وزن جسم الإنسان كله، عندما يتسلق الإنسان في وضع رأسي.
كما أن جلد الكف له مميزات عديدة فهو لا ينمو به أي شعر، كما أنه شديد التحمل وفي غاية الحساسية في ذات الوقت، حتى أن أطراف الأصابع يمكنها أن تميز الاختلاف في ملمس السطح الذي لا يتعدى عرض الشعرة (200 ميكرو متر)، بالرغم من وجود الأعصاب على مسافة بعيدة نسبيًا عن سطح الجلد (2 مللي متر).  وترجع هذه الحساسية لوجود التجاعيد المسماة ببصمة اليد، والتي تعمل على تقوية الاهتزازات عند لمس الأشياء، مما يعمل على وصولها للأعصاب المدفونة داخل الجلد.  وتؤدي البصمة إلى زيادة حاسة اللمس 100 ضعف عما إذا كانت أصابعنا ملساء.  كما أن تموجات البصمة في جميع الاتجاهات تجعلها في وضع عامودي دائمًا مع أي نتوءات في أي اتجاه تتحرك فيه اليد، مما يقوي حاسة اللمس.  هذا غير التميز الذي أحدثه اختلاف بصمة كل إنسان عن الآخر، وذلك على مستوى العالم.

وعندما عرف داود القليل جدًا عن هذه الأشياء هتف قائلاً: «أحمدك من أجل أني قد امتزت عجبًا. عجيبة هي أعمالك، ونفسي تعرف ذلك يقينًا» (مز139: 14).  واليد تتكلم عن الطاقة والعمل، وأصابع اليد الخمسة تتكلم عن المسؤولية.  فهل نتعب عاملين الصالح بأيدينا لنعطي من له احتياج.  وهل نشتغل بيدين راضيتين ولا نأكل خبز الكسل.  وهل نملأ أيدينا بالمسيح، كما كان الكهنة رمزيًا في العهد القديم يملأون أيديهم من كبش الملء ومن تقدمة الدقيق، فلا نمسك بأمور العالم ونتعلق بها.  هل نتمسك بكل قوة بالحق ولا نفرط فيه، أم ارتخت أيدينا في هذه الأيام؟!
                                                                                                      قام بهذا البحث

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com