عدد رقم 6 لسنة 2012
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
مفتدين الوقت  

"مفتدين الوقت لأن الأيام شريرة، من أجل ذلك لا تكونوا أغبياء بل فاهمين ما هي مشيئة الرب"
(أف 5: 16 و17)

   عندما نقرأ إنجيل مرقس نجد أن كلمة «للوقت» وردت بالارتباط بحياة الرب يسوع كالخادم 42 مرة، وهذا يُرينا كيف عاش يمجد الله، ولم يضيع وقتًا على الإطلاق.

   وفى رو13: 11 يقول الرسول: «هذا وإنكم عارفون الوقت إنها الآن ساعة لنستيقظ من النوم».  والمؤمنون الناضجون هم الذين يعرفون الوقت، وأن «الوقت منذ الآن مقصر» (1كو7: 29)، وأن «نهاية كل شيء قد اقتربت» (1بط4: 7).  أما الآخرون فيقولون: «كل شيء باق هكذا من بدء الخليقة» (2بط3: 4).  ويحرض الرسول بولس على استغلال الوقت (أف 5: 15) قائلاً: «مفتدين الوقت لأن الأيام شريرة»، وعبارة «مفتدين الوقت» تعني عدم إضاعته فيما لا يفيد، وتعني أيضًا ”مقتنصين الفرص“، فالفرصة التي تمضي لن تعود.  وقد جاءت هذه العبارة مرتين في كلمة الله الأولى بالارتباط بفهم مشيئة الله والعمل بها (أف 5: 16)، والأخرى بالسلوك بحكمة مع الذين هم من خارج أي غير المؤمنين (كو4: 5).

   كما يذكرنا الجامعة بأنه «لكل أمر تحت السموات وقت» (جا1:3)، و«قلب الحكيم يعرف الوقت» (جا8: 5)، ويميز الأمور ويرتب الأولويات، لذلك قال أليشع لجيحزي: «أهو وقت لأخذ الفضة والذهب... وعبيد وجوار؟» (2مل5: 26). 

    إن إبليس قد يأتينا في صورة الحية الماكرة.  كما قال بولس: «ولكنني أخاف أنه كما خدعت الحية حواء بمكرها هكذا تفسد أذهانكم عن البساطة التي في المسيح» (2كو11: 3).  وإحدى طرق الخداع أنه يسرق الوقت منا.  ونجاح الشيطان في سرقة الوقت هو نجاح في سرقة الحياة كلها.

   وترجع أهمية الوقت إلى ما يلي:
   1- الوقت هو الحياة، فإهدار الوقت هو إهدار للحياة.
   2- الوقت وكالة من الله ونحن مُؤتمنين عليها، وسيأتي اليوم الذي فيه سنسمع القول: «أعط حساب وكالتك». 
   3- الماضي لا يعود لكنه يؤثر في الحاضر والمستقبل فحصاد اليوم والغد مرتبط بما زرعناه في الماضي.
  4-  ليس لدينا وقت بدل الوقت الضائع.

  نصائح عملية للاستفادة من الوقت:
1- تحديد الأولويات: ليكن الرب في حياتك أولاً، ورتب هذه الأولويات كما يلي:

 1- علاقتك بالله 2- علاقتك بأسرتك 3- الخدمة  4- الراحة الشخصية 5- العمل 6- العلاقات الاجتماعية.

وقد تختلف الأولويات من شخص لآخر، من طالب إلى موظف إلى رجل أعمال، ولكن الشخص العاقل هو الذي يعطي لكل شيء حقه ووقته، والمحصلة أنه يجب أن يكون الهدف هو مجد الله «فافعلوا كل شيء لمجد الله» (1كو10: 31).    

 إن وضع جدول لمواعيدك سيساعدك على تنفيذ الخطط وتحقيق الأهداف ويجعل منك وكيلاً أمينًا على وقتك، وهذا سيجعل برامجك اليومية والأسبوعية والشهرية تعكس الأهداف والأنشطة التي لها الأولوية في خططك.

2- التركيز: هناك قاعدة تقول: كُن حيثما تكون، أي أن تكون بكامل طاقتك وتركيزك في أي أمر تفعله سواء كان زمنيًا أو روحيًا، فلا تشتت تركيزك في أكثر من موضوع، بل ركز في موضوع واحد في نفس الوقت الواحد.

3- التخطيط:  وذلك بوضع خطة لاستغلال الوقت عن طريق وضع جدول يومي وآخر أسبوعي.  دوِّن في ورقة ما هو مطلوب منك من مهام كبيرة أو صغيرة مرتبة حسب أولوياتها باليوم والساعة، واترك جزءًا من الوقت للطوارئ.  اطلب مشيئة الرب ليكون الجدول وفق مشيئته وليعطيك الرب معونة للتنفيذ.  وإذا كان المسيحي لا يستطيع أن يتوقف ليدرس برنامجه ويتلقى تعليماته من الله، فإنه سيصبح عبدًا للإلحاح، وقد يعمل أيامًا وليال ليُنجز ما يظنه ذا فائدة، ولكنه لن يُكمل العمل الذي يريده الله.

4- التنظيم : كن منظمًا واستخدم نظامًا جيدًا لحفظ الأوراق والمستندات والكتب... إلخ، فهذا سيوفر لك  الكثير من الوقت.  فالنظام والالتزام يساعدانك على أن تمضي قُدمًا في جدولك.  ويجب أن تلتزم بالبناء الأساسي لجدولك وتتبعه ما لم يرشدك الرب بشكل محدد إلى خلاف ذلك أو أن تظهر نشاطات ذات أولوية أعلى، فبجانب النظام والالتزام كن حساسًا لقيادة الروح القدس لك في وقتك، فإذا عُرض عليك أي عمل له أولوية قصوى فلا تقبله أو ترفضه باندفاع؛ لكن صلِّ لكي تعرف ماذا يريدك الرب أن تفعل.

5- التفويض: قم بإسناد كل ما يمكن إسناده للآخرين، كل حسب تخصصه، فلن تستطيع أن تقوم بكل شيء، وليس من البطولة أن تقوم بكل الأعمال لتحظى بكل المدح.  بهذا يمكن إنجاز العمل في زمن قياسي وأيضًا تشجيع آخرين على المشاركة.

6- مضاعفة استخدام الوقت: في كثير من الأحيان يمكنك أن تستخدم وقتك مرتين، خصوصًا أوقات الانتظار أو في المواصلات كأن تركب القطار وتقرأ كتابًا، ومثال لذلك: الخصي الحبشي الذي كان في سفره يقرأ في مركبته في سفر إشعياء (أع 8: 28).

7- إذا كانت هناك ضغوط في الوقت أو في أسلوب الحياة، لنحترس من اختزال الأمور الروحية.  اختزل أي أمر آخر إلا شركتك مع الرب؛ لأنها قوام النجاح الروحي والزمني في حياتك.

8- اجمع الأمور المتشابهة في وقت واحد حرصًا على عدم التشتت مثل المكالمات التليفونية في وقت واحد، ويفضل أن تحدد وقتًا لدراسة الكلمة، ووقتًا للزيارات، ووقتًا للخدمة، ووقتًا للأسرة طبقًا لظروفك وظروف الآخرين. 

9- تعلم أن تقول «لا» لنفسك وللآخرين بكياسة وبدون جرح مشاعر أو إحراج، ولا تتورط - من باب الشهامة- في أنشطة ليس لديك وقت للقيام بها.  اعتذر لما يعطلك عما تعمله، فأخطر شيء أن نكون متاحين للكل في كل وقت.  وهناك مقولة تقول: "عندما تقول لا لشيء فأنت في ذات الوقت تقول نعم لشيء آخر ترى أنه أهم.  وبالطبع هذا لا يعني الامتناع عن تقديم يد العون والمساعدة للآخرين.

10- مراجعة وتقييم الحياة من وقت لآخر لمعرفة مدى الاستفادة من الوقت ومسببات إهداره. 

 11-  الحذر  من الأمور القاتلة والمهدرة بل السالبة  والمضيّعة للوقت مثل:

* الإسراف في النوم.
* مشاهدة التليفزيون، ويعتبر هذا من أكثر الأمور التي تقتل الوقت، لاسيما مع تنوع القنوات والفضائيات.
* عدم التخطيط للأمسيات (خاصة بعد الثامنة أو التاسعة مساء).
* الاستخدام غير الواعي للموبايل لأوقات طويلة دون ضرورة، لاسيما مع كثرة وتنوع العروض المجانية. 
* تضييع الوقت في المجلات والجرائد دون داعٍ.
* الكمبيوتر وألعاب الكمبيوتر، والإنترنت ولا سيما الفيس بوك والدردشة وكل ما يبدو بريئًا.

أخي الحبيب: إن الوقت أغلى من المال، فإن ضاع المال يمكنك بطريقة أو بأخرى أن تستعيده، لكن إن ضاع الوقت فلا توجد قوة تُعيده مرة أخرى.
ما هي الحياة؟ إنها سنين وشهور وأيام وساعات ودقائق وثوان.. فإن أضعت منها شيئًا فإنك تكون قد أضعت جزءًا من حياتك بلا فائدة.  إنها أقصر مما تتوقع! يصفها يعقوب في رسالته بالبخار (يع4: 14)، ويصفها موسى بأنها قصة سرعان ما تنتهي (مز90: 9)، وأيوب بالظل، بالأيام والأشهر (أى14: 5،1).  فهل تجتهد في استغلالها بصورة صحيحة لمجد الله من الآن؟!                                                                          

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com