عدد رقم 6 لسنة 2012
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
أعمدة هامة للبيت المسيحي (2)   من سلسلة: الأسره المسيحيه..

   أخي وأختي أعضاء العائلة المسيحية
   بدأنا حديثنا في العدد السابق عن عمود من الأعمدة الهامة للبيت المسيحي وهو عمود المحبة.  وفي هذا العدد سوف نستكمل حديثنا عن هذا العمود الهام لأي بيت مسيحي ناجح.  فالمحبة - كما علمنا الكتاب - قديرة جدًا في قوتها ولا يمكن أن تُستبدل بأي شيء آخر، كما قال سليمان: «مياه كثيرة لا تستطيع أن تطفئ المحبة والسيول لا تغمرها. إن أعطى الإنسان كل ثروة بيته بدل المحبة تُحتقر احتقارًا» (نش7:8).

   ويوجد بالعهد الجديد على الأقل ثلاثة فصول كتابية تتكلم عن المحبة بين الزوج والزوجة – هذه الفصول هي (أف5: 22-33 & كو3: 19 & تي 2: 4)، ونلاحظ أن كتابنا العظيم في هذه الفصول حرَّض الأزواج كثيرًا على محبة زوجاتهم (4 مرات)، ولم يُحرِّض الزوجة على محبة زوجها إلا مرة واحدة، وهو يوصي تيطس أن يتكلم إلى العجائز لكي ينصحن الحدثات أن يكن محبات لرجالهن، وهذا يؤكد أن المرأة بطبيعتها ككيان عاطفي من السهل أن تحب، لكن الكتاب الذي يعرف طبيعة الرجال يحرضهم على محبة زوجاتهم، وفي رسالة أفسس الأصحاح الخامس يُشبِّه الكتاب محبة الزوج لزوجته بثلاثة تشبيهات حري بنا أن نتأمل فيها قليلاً:

   أولاً: محبة الزوج لزوجته كما أحب المسيح الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها.  هذا أول تشبيه يضعه الروح القدس أمامنا لنقتدي به، ولا تكفينا الكلمات مهما كثرت لنقارن بين محبتنا لزوجاتنا ومحبة المسيح للكنيسة.

     في هذا التشبيه يشير الكتاب إلى نوعية المحبة وليس إلي مقدار المحبة، فلن نصل أبدًا إلي الكم الذي أحب المسيح به الكنيسة.  فما هي نوعية محبتك لامرأتك؟ هل هي محبة البذل والعطاء مثل محبة المسيح؟ هل لديك الاستعداد لإنكار النفس والتضحية بمتطلباتك الشخصية وبأغلى شيء في الحياة لأجل شريكة حياتك؟ هل تستمر في عطائك بغض النظر عما يصدر منها من القصور أو التقصير؟ لقد أحبنا المسيح وأسلم نفسه لأجلنا وهو يعلم جيدًا مدى ضعفنا وعدم ثبات محبتنا له.  أصلي من كل قلبي أن نضع محبة المسيح للكنيسة أمامنا باستمرار وعندها سنشعر أن محبتنا لزوجاتنا باهتة وقليلة جدًا، وسنصلي إلى الرب ليعلمنا كيف تزداد محبتنا، فنعلن ونشهد ولو بقدر قليل أمام العالم عن محبته العظيمة الباذلة. 

   ثانيًا: يجب على الرجال أن يحبوا نساءهم كأجسادهم.  وهنا تشبيه آخر يوضح لنا صفات أخرى ينبغي أن تميز محبتنا تجاه الشريك الآخر.  هل فكرت كيف تحب جسدك؟ بكل بساطة أن تلبي وتسدد احتياجاته.  فأنت تشرب بمجرد أن تشعر بالعطش وأن جسدك يحتاج إلي المياه، وتأكل بمجرد أن تشعر بالجوع، وتدفئه إذا شعرت بالبرد، وترتاح إذا شعرت أنه مُتعَب ... فهل تشعر باحتياجات زوجتك وتسارع لتنفيذ وتسديد هذه الاحتياجات بكل رغبتك وطاقتك؟ يقول الكتاب: «لا يبغض أحد جسده قط بل يقوته ويربيه» أي أنه يسدد كل الاحتياجات الجسدية والنفسية والعاطفية.

  هل أنت قريب من زوجتك للدرجة التي فيها تشعر بما يفرحها فتفعله، وما يغضبها فتبتعد عنه؟ يخبرنا الكتاب المقدس عن سبعة من الزوجات كن عاقرات، هن بالترتيب (سارة تك 16– رفقة تك 25 – راحيل تك 29 – أم شمشون قض 13 – حنة أم صموئيل 1صم1 – الشونمية 2مل4 – أليصابات امرأة زكريا الكاهن لو1).  وهذه كانت مشكلة كبيرة جدًا في العهد القديم وكان للأزواج والزوجات ردود أفعال متباينة تجاه هذا الأمر.  دعنا نمر على بعض هذه الأمثلة ليوضح لنا الرب كأزواج كيف يجب أن تكون محبتنا لزوجاتنا، وكيف يجب أن نتعامل مع مشاعرهن واحتياجاتهن؟

   المثل الأول وقد تجاهل احتياجات زوجته هو: يعقوب.  فبالرغم من محبته لراحيل وكراهيته لليئة، لكنه لم يتعاطف مع راحيل في تجربة الحرمان من الأطفال، ولم يُصلِّ معها أو يُصلِّ لأجلها لكي يفتح الرب رحمها، واكتفى بأولاد ليئة.  فلقد ضغطت المشكلة بكل قسوتها، والغيرة بكل مرارتها، على نفسيتها باكتئاب شديد لدرجة أنها تمنت الموت عن الحياة بدون بنين، ولم تجد أمامها سوى يعقوب لتتكلم معه.
  فماذا كان رد فعله تجاه ألم وحزن محبوبته؟ كنا نتوقع منه المحبة التي تتأنى وترفق ولا تحتد، لكن ما حدث هو عكس ذلك تمامًا، لقد حمي غضب يعقوب على راحيل المحبوبة، وكان رده عنيفًا فقال: «ألعلي مكان الله الذي منع عنك ثمرة البطن».  نعم لقد وجهها إلى الرب القدير الذي يستطيع أن يحل المشكلة، لكن الطريقة التي تكلم بها معها كانت جارحة وخلت من الرقة والترفق.  دعني أسألك يا صديقي الزوج: هل رد فعلك في كثير من الأحيان يكون مثل يعقوب؟ وهل تضع نفسك في معزل عن زوجتك؟ احذر يا أخي فهذه ليست المحبة التي يعلمنا إياها الكتاب.

   هناك مثل آخر: حنة وألقانة في 1صم1، لقد اختار ألقانة أن يحل مشكلته بزواجه من فننة ليرزق منها بنين.  وألقانة في تصرفه هذا لم يضع في اعتباره مشاعر وأحاسيس زوجته حنة ولم يأخذ رأيها، ولا شك أنه تصرَّف بأنانية بالغة في هذا الأمر وأضاف إلى أثقالها ثقلاً آخر.  وقد يسألني القارئ: هذه المشكلة غير واردة في أيامنا؟ ولكني أشير هنا إلي  طريقة التفكير وبالتالي التصرف الناتج عنه.  ليتك عزيزي القارئ تحذر من التفكير في حل أي مشكلة من الجانب الذي يريحك أنت فقط دون اعتبار لمشاعر زوجتك.  استشر الرب فهو عظيم في المشورة.  ولقد حاول ألقانة أن يسترضي حنة بإعطائها نصيب اثنين عند الذبح، وبالكلام الحسن وبروح المودة: «أما أنا خير لك من عشرة بنين» وكان حقًا يحبها، لكنها ظلت مرة النفس بسبب تصرفه الجارح حتى أتت إلى الرب، وهناك كان العلاج.  ليتنا نتعلم أن حل مشاكلنا الأسرية وغيرها هو في الاتضاع أمام الرب وسكب قلوبنا أمامه.
   المثل الثالث وهو أفضل الأمثلة في البيوت السبعة التي ذكرناها هو: بيت إسحاق ورفقة (تك25: 21-23).  حيث يضع أمامنا الروح القدس هذه الصورة لنقتدي بها.  كانت رفقة عاقرًا، لكن يقول الكتاب أن إسحاق صلى إلي الرب لأجل امرأته، لم يذكر الكتاب أنها تذمرت مثلما فعلت راحيل ولا أنها صلت مثل حنة، لكن إسحاق شعر بالمشكلة دون أن تتكلم، وصلى إلى الرب لأجل امرأته واستجاب الرب.  لقد علم أن مشكلتها هي مشكلته، وأنهما كيان واحد ولهما فكر واحد ورغبة واحدة، فصلى إلى الرب، وكان هو الأكثر نضوجًا روحيًا والرب سمع واستجاب.  وعند تزاحم الطفلين في بطنها مضت هي لتسأل الرب، فقد كان زوجها قدوة لها في الالتجاء للرب.  ليتنا نتعلم هذا الدرس ونطبقه عمليًا في حياتنا، ليقترب كل منا من الآخر وليشعر بآلامه وأحزانه ولنلتجئ معًا إلى الرب الذي فيه كل الكفاية لحل كل مشاكلنا.

   ثالثًا: على كل واحد أن يحب امرأته هكذا كنفسه.  وهنا يريد الروح القدس أن ينبر على مقدار المحبة، فكِّر كم تحب نفسك ونفذ كلام الكتاب بمحبة زوجتك بذات قدر محبتك لنفسك، فافعل معها ما ترضاه لنفسك، ولا تفعل ما لا ترضاه لنفسك.  إن كنت تشفق على نفسك فلا تضغط عليها، وإن كنت تسعد نفسك فعليك أن تتفانى في إسعادها.  لا تندم على أي خير تصنعه معها فأنت كأنك تصنع ذلك لنفسك بكل سرور.  وليكن أمامنا مثالنا الرائع: الرب يسوع الذي في طريق محبته لنا (لم يرض نفسه رو15: 3 – لم يمجد نفسه عب5:5 – أخلى نفسه ووضع نفسه في2: 7 – أسلم نفسه أف5: 25 – بذل نفسه تى2: 14 – سكب للموت نفسه إش53: 12)

   أخي الزوج وأختي الزوجة .. أصلى من كل قلبي أن يستخدم الرب هذه الأفكار البسيطة ليغير في حياتنا الزوجية فنرى بيوتًا مضيئة بمحبة مسيحية حقيقية وأزواجًا وزوجات كل منهم يشعر ويقدر مشاعر الآخر، وليشارك ويخفف كل منهما عن الآخر فيتحقق القول الكتابي: «اثنان خير من واحد لأن لهما أجرة لتعبهما صالحة. لأنه إن وقع أحدهما يقيمه رفيقه. وويل لمن هو وحده إن وقع إذ ليس ثان ليقيمه. أيضا إن اضطجع اثنان يكون لهما دفء. أما الواحد فكيف يدفأ؟ وإن غلب أحد على الواحد يقف مقابله الاثنان والخيط المثلوث لا ينقطع سريعًا» (جا4).

ولحديثنا عن المحبة بقية في العدد القادم بمشيئة الرب.
إذا كان لديك أي استفسار أو سؤال يمكنك مراسلتنا على العنوان: الأسرة المسيحية - 3 شارع أنجه هانم – شبرا – القاهرة.  أو أرسل لنا على البريد الالكتروني:   egyptfamily17@gmail.com 

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com