عدد رقم 6 لسنة 2012
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
الجندي الصالح المُستعَد  

«فَبَكَّرَ يَرُبَّعْلُ، أَيْ جِدْعُونُ، وَكُلُّ الشَّعْبِ الَّذِي مَعَهُ وَنَزَلُوا عَلَى عَيْنِ حَرُودَ. وَكَانَ جَيْشُ الْمِدْيَانِيِّينَ شِمَالِيهُمْ عِنْدَ تَلِّ مُورَةَ فِي الْوَادِي» (قض7: 1)
---
بعد تدريبات جدعون السرية، ودعوته المباشرة من الرب في قضاة 6، يبدأ الرب يستخدمه في قضاة 7.  والواقع يا أحبائي أن الخفة الروحية المنتشرة في هذه الأيام مرجعها إهمال تدريبات ودروس ص6 والقفز مباشرة إلى ص7 وسط القطاع الأوسع في التيارات المسيحية والأنشطة الكنسية لا سيما بين أوساط الشباب.

إن التأني والتدريب الخفي وتعميق الجذور المختفية في التربة عميقًا بمرور الزمن، وانتظار دعوة الرب المباشرة وإرساليته الواضحة، كلها مفردات تعبر عن الحياة الروحية الأصيلة والخدمة الحقيقية والبصمة الإلهية إن جاز التعبير، هي مفردات صارت، واقعيًا، عزيزة في عصر الاستسهال والاستخفاف والقفز على المنابر والخدمات والفضائيات وفرض الذات في الكنسيات.

لقد دعا الرب تلاميذه أولاً «ليكونوا معه»، ثم بعد ذلك «ليرسلهم ليكرزوا» (مر3: 14).

قال أحد الأفاضل ’’قبل أن نكلم الناس عن الله علينا أن نكلم الله عن الناس، وقبل الكل نسمع كلام الله من جهة أنفسنا‘‘.  هذا كله ثقيل على الجسد،  الطبيعية الردية التي فينا، وغريب عن ثقافة عصر ال   Take Awayالمنتشرة حولنا، ولا بد أن النتائج ستكون هزيلة لأنها ثمر تدريبات سطحية.

إن الدرس الذي يقدمه لنا الوحي من خلال جدعون هنا واضح كل الوضوح لكل من يريد أن يرى، ومن له أذنان للسمع لكي يسمع جيدًا.  إن الانتصارات العظيمة التي بدأت من أصحاح 7 كان لا بد وأن تسبقها تدريبات عظيمة جاءت قبلها في أصحاح6.

كان جدعون أمينًا في القليل، يخبط حنطة ليهربها إلى شعب الله من المديانيين في زمن المجاعة، فأقامه الرب على الكثير.
كان فكره مشغولاً بالله وبشعبه، فأتى إليه ملاك الرب بنفسه وشجعه.
كان مُتضعًا صغيرًا جدًا في عيني نفسه، فكان بذلك مؤهلاً لدعوة الرب له ليستخدمه، ليكون فضل القوة لله لا منه.
وكان مستعدًا للطاعة الفورية، تقديم الذبيحة، وسكب المرق وفعل كل ما يطلبه منه الرب وفي الحال.
وقد طلب التأكيدات المختلفة على دعوة الرب له.
قدم في إيمانه فضيلة ’’شجاعة أدبية‘‘ في هدم مذبح البعل.
وقد بدأ ببيته.

وفي إيجاز، إن كل ما سبق وتحدثنا عن جدعون بصدده في الحلقات السابقة وحتى الآن كان كله بمثابة الإعداد المبدئي والمسبق لاستخدام الرب العظيم له.
إن الجندية الصحيحة ليسوع المسيح لا بد وأن يسبقها التدريب.  في يشوع 5،  وقبل أن يأتي إلى يشوع «رئيس جند الرب»، والذي هو الرب نفسه كما نعرف، مر يشوع والشعب بعدة مراحل:

الفداء بالدم في مصر ـــ دم المسيح الذي تعبر على أساسه الدينونة من علينا.
عبور البحر الأحمر ـــ موت المسيح لأجلنا لينقذنا من العالم الحاضر الشرير (مصر).
عبور نهر الأردن ــــ موتنا مع المسيح وقيامتنا معه لندخل إلى دائرة جديدة فنطلب ما فوق حيث المسيح جالس.
ختان الشعب غير المختتن ــــ إماتة الجسد ورفضه وإدانته.
الإقامة في الجلجال ـــــــ الحكم المستمر على الذات.
صنع الفصح في كنعان ــــــ التغذي على المسيح في موته.
انقطاع المن ـــــ التغذي على المسيح طعام البرية كالمتألم المتضع.
الأكل من غلة الأرض ــــ التغذي على المسيح المقام والممجد والتحول عن أنفسنا وظروفنا والمشغولية به وحده هناك في المجد.

ثم أخيرًا يأتي رئيس جند الرب... وعندئذٍ تبدأ الحرب لامتلاك أرض كنعان.
ولعل هذا يذكرنا برسالة أفسس، رسالة السماويات التي تبدأ بإعلان مقاصد الله الأزلية من نحو المسيح والكنيسة والبركات التي صارت لنا بارتباطنا بالمسيح.  ثم في آخر اصحاح 6 يحدثنا عن سلاح الله الكامل والحرب الروحية.

أحبائي الشباب
«إِنَّ مُصَارَعَتنا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ» (أف6: 12).  وعبثًا نظن أن هذه الحرب الوحيدة الصحيحة والمقدسة يمكن أن نخوضها بخفة أو ننتصر فيها بدون استعداد جاد، فهي لا تكفيها صيحات أو هتافات، أغاني أو ترنيمات مع تقديرنا لهذه المظاهر والأشكال إلا أنها ليست هي ’’الجوهر والمعدن‘‘ في المسألة، فالقارئ المدقق ل (2تي2) يعرف أن الجندي الصالح ليسوع المسيح هو شخص مُميَّز بتكريسه وتقواه، وطاعته وأمانته وتدريباته، اهتمامه بالكتاب وغيرته على مجد الله وكنيسته...الخ، وهي الأمور التي نفعل حسنًا اليوم إن انتبهنا إليها بحق وبعمق، لا سيما وقد علاها التراب الكثير، إلا أن يقيننا أن الأتقياء يرحبون بالاجتهاد، بل وبالتضحية الحقيقية ليكونوا جنودًا صالحين نافعين مستخدمين لمجد السيد وحده، ونظير جدعون عندما تأتيهم الدعوة يبكرون «فبكر جدعون».                                                                                                   

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com