عدد رقم 4 لسنة 2012
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
الكلى  

   بالرغم من حجمها الصغير الذي لا يتعدى حجم قبضة اليد، ووزنها الذي لا يتعدى 140جم، إلا أنها تعمل 24 ساعة في اليوم، لتقوم بفلترة 180 لترًا من الدم يوميًا، خلال أنابيب يبلغ طولها 225كم، وهي تتخلص من الماء الزائد مما يؤدي إلى تكون البول، الذي يحمل النفايات خارج الجسم، وإن أهمية تخلص الجسم من المواد التي لا يحتاجها خارجه، تعادل أهمية حصوله على المواد التي يحتاجها. لأن تراكم النفايات السامة داخل الجسم لا بد وأن يؤدي إلى الوفاة، وكلما زادت كمية الماء التي يتناولها الإنسان، كلما ساعد ذلك على عملية التخلص من النفايات السامة.

   تحتوي كل كلية من الاثنين على أكثر من مليون فلتر للدم يُسمى “نيفرون”.  وتستقبل الكلية خُمس كمية الدم الذي يقوم القلب بضخه، وبذلك يصبح تدفق الدم في الكلية أكثر من تدفقه في المخ أو الكبد أو حتى في القلب نفسه، حيث يتم فلترة الدم بأكمله حوالي 50 مرة على مدار اليوم! تقوم الكلية بامتصاص 99.9% من حجم الدم ثم تعيد توزيعه مرة أخرى، بحيث يتحول 0.1% فقط من حجم الدم إلى بول، وتتراوح كمية البول المفروز يوميًا من 1 - 2 لتر.

   ويستطيع الإنسان أن يعيش بكلية واحدة سليمة إذا حدث مرض للأخرى أو تم استئصالها، لأن الكلية السليمة سوف تكبر بدرجة تسمح لها بالقيام بعمل الكليتين حتى يتمكن الإنسان من العيش حياة طبيعية، ولكن لا يستطيع إنسان أن يعيش بدون أي كلية، وإلا سوف يضطر إلى استخدام آلة الغسيل الكلوي الصناعية، التي تنظف الدم وتتخلص من النفايات.

   نفهم من هذا مدى أهمية الكلية لنقاء جسد الإنسان، ويطبقها داود روحيًا قائلاً: «أبارك الرب الذي نصحني، وأيضًا بالليل تُنذرني كليتاي» (مز16: 7). أي أن داود يُشبِّه امتحانه لأفعاله ونواياه بهدف تنقية نفسه، بالكلية التي تنقي الجسم من المواد السامة.  وكما أن شرب الماء ضروري جدًا كي تستطيع الكلية القيام بعملها، كذلك كلمة الله هامة جدًا حتى يستطيع الإنسان أن يحكم على نفسه وينقي ما بداخله، وهذا ما تكلم عنه بولس قائلاً: «لكي يقدسها مطهرًا إياها بغسل الماء بالكلمة» (أف5: 26).

   وربما كان السر وراء العبارة التي قيلت عن داود «رجل بحسب قلب الله»، هو حرصه الشديد على فحص نفسه، فهو صاحب القول: «جربني يا رب وامتحني. صفّ كليتيّ وقلبي» (مز26: 2)، وأيضًا «اختبرني يا الله واعرف قلبي، امتحني واعرف أفكاري، وانظر إن كان فيَّ طريقٌ باطل، واهدني طريقًا أبديًا» (مز23:139 ،24).  فكان داود لا يخاف على صحته الجسدية على قدر ما يخاف على صحته الروحية، فالكارثة المسماة بالـ”الفشل الكلوي“ جسديًا، ما هي إلا توقف الإنسان عن فحص نفسه روحيًا.


   ليت الرب يعطينا وعيًا لصحتنا الروحية فلا نُهمل كلمته فاحصين أنفسنا في ضوئها، حتى نتخلَّص من كل السموم التي قد تعلق بنا من العالم الشرير الذي نعيش فيه، وبذلك نعيش حياة روحية نضرة متمتعين برضا الرب علينا.


                                                                                                                                                                             قام بهذا البحث

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com