عدد رقم 4 لسنة 2012
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
عمل الروح القدس في المؤمن  

«وأما أنتم فالمَسْحَةُ التي أخذتموها منه ثابتةٌ فيكم، ولا حاجة بكم إلى أن يُعلِّمكم أحدٌ، بل كما تُعلِّمكم هذه المَسْحَةُ عينها عن كل شيءٍ، وهي حقٌّ وليست كذبًا.  كما عَلَّمَتكُم تثبُتون فيه» (1يو 27:2).

كل مؤمن حقيقي يسكن فيه الروح القدس من لحظة الإيمان، كما هو مكتوب: «إذ آمنتم خُتمتم بروح الموعد القدوس» (أف13:1).  ومن كلمة الرب نفهم أن للروح القدس أعمالاً مباركة في حياة المؤمن:

1- الولادة من فوق:  
قال الرب لنيقوديموس: «الحق الحق أقول لك: إن كان أحدٌ لا يُولدُ من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله» (يو5:3).  وواضح أن الماء هو كلمة الله وليس مياه المعمودية التي تعني الدفن مع المسيح، أما الولادة من فوق فتعني أننا أخذنا طبيعة الله وحياة الله ذاته.  والولادة تتم ليس فقط بتأثير كلمة الله، بل بعمل الروح القدس.  فقبل الإيمان كان الروح القدس يجاهد معنا لكي يُقدِّسنا لطاعة الرب يسوع المسيح (1بط 1: 2)، أي يفصلنا عن العالم الشرير ويحينا من بعد الموت في الخطية، إلى أن جاء الوقت الذي أطعنا فيه صوت الروح القدس فتمت الولادة من فوق، وهذا العمل هو عمل داخلي في كياننا، وهو ما عبَّر عنه الرب بالقول: «الريح تهبُّ حيث تشاءُ، وتَسمعُ صوتها، لكنك لا تعلم من أين تأتي ولا إلى أين تذهب.  هكذا كلُّ مَنْ وُلِدَ من الروح» (يو3: 8).

 2- العتق من سلطان الخطية:
   «لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد أعتقني من ناموس الخطية والموت» (رو2:8).  فالروح القدس يعطي المؤمن حياة المسيح المقام من الأموات، هذه الحياة الظافرة، ويُفعِّل هذه الحياة فيه، وبقوة هذه الحياة وناموسها الجديد يتحرر المؤمن من سيادة الخطية الساكنة فيه.
3- إماتة أعمال الجسد:  
«لأنه إن عشتم حسب الجسد فستموتون، ولكن إن كنتم بالروح تُميتُونَ أعمال الجسد فستحيون» (رو13:8).  فجسد الخطية لن يُكبَح بشهواته ورغباته سوى بواسطة الروح القدس.  والإماتة ليست للجسد بل لفروع وأعمال ونشاط الجسد وكل ما يصدر منه، باعتبار أن الإنسان العتيق قد صُلب شرعًا.  وعلينا أن نحسب أنفسنا أمواتًا عن الخطية ولا نتجاوب معها.  ومهما كانت المؤثرات الخارجية وقوة نداء وإغراء العالم الذي يثير الجسد، فإن المؤمن بالروح القدس يتصدى للجسد ويكبح جماحه.  فالجسد يظل يشتهي ضد الروح والروح يقف ضد الجسد.   

4- القيادة والإرشاد:  
كل المؤمنين هم أولاد الله (يو12:1).  والناضجون منهم هم الذين يقودهم الروح القدس، فهم الذين يبحثون عن خطة الله لحياتهم.  «لأن كل الذين ينقادون بروح الله، فأولئك هم أبناء الله» (رو14:8)، وعند مفترق الطرق، عندما نكون متحيرين ونخشى الخطأ هناك الاحتياج الشديد لقيادة وإرشاد الروح القدس الذي سيوجهنا إلى الطريق الصحيح.  ولكي نصل لهذا فإننا نحتاج للتمرن؛ أي أننا في مرات سنخطئ في فهم صوت روح الله، ومرات أخرى سنسير في الطريق الصحيح.  

5- السلوك بالروح:  
«وإنما أقول اسلكوا بالروح ...» (غل16:5).  في رسالة غلاطية يتكلَّم بولس عن السلوك بالروح، والسلوك بحسب الروح (غل5: 25).  فالسلوك بالروح يعني السلوك بقوة الروح القدس؛ وبدونه سيكون سلوك المؤمن جسديًا.  والسلوك بحسب الروح؛ يعني بما يتوافق مع طبيعة هذا الساكن الكريم.  فطبيعته هي القداسة، لهذا يجب على المؤمن أن يسلك بالقداسة وفي مجال يناسب روح الله فلا يُحزنه ولا يُطفئه بسبب الخطية أو الإهمال وعدم الطاعة.

6- الخدمة المُؤيَّدة والشهادة: 
«لكنكم ستنالون قوة متى حلَّ الروح القدس عليكم، وتكونون لي شهودًا في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض» (أع8:1).  ودون قوة الروح القدس في الخدمة فإننا نخدم بقوَّتنا الذاتية، وفي هذه الحالة سيكون هناك إفلاس في الخدمة لسبب عدم اتصالنا بينبوع القوة، فمهما كانت براعة كلماتنا ولباقتنا ستكون الكلمات باردة على شفاهنا وبلا تأثير على المخدومين، أما إن خدمنا بقوة الروح القدس فسيلحظ المخدومون تأييد الروح القدس لخدمتنا، «إن كان يتكلَّم أحدٌ فكأقوال الله، وإن كان يخدم أحدٌ فكأنه من قوةٍ يمنحها الله» (1بط 11:4).

7- السجود: 
«فاض قلبي بكلامٍ صالحٍ، مُتكلِّمٌ أنا بإنشائي للمَلك.  لساني قلمُ كاتبٍ ماهرٍ» (مز 1:45).  في تقديم السجود للرب يكون هناك فيضان في قلوبنا بعمل الروح القدس من مشاعر التقدير والإعجاب والامتنان للرب، وفي هذه الحالة يكون اللسان قلمًا في يد الكاتب الماهر الذي هو الروح القدس، فنتكلَّم بكلام صالح لا عن أنفسنا، بل عن الرب وصفاته، وطالما أن روح الله هو الذي يتكلَّم فلن نجد صعوبة في التعبير، ولا ضحالة في الأفكار، ولا إفلاسًا في المادة ونحن في محضر الرب.  وفي يوحنا 4 تكلم الرب عن الروح القدس كقوة السجود، بينما في يوحنا 7 تكلم عنه كقوة الشهادة للآخرين، حيث تجري أنهار الماء الحي. 

8-  التسبيح: 
هناك عدة نتائج للملء بالروح القدس، منها الخضوع بعضنا لبعض في خوف الله، ومنها الشكر في كل حين، ومنها التسبيح «مُكلِّمينَ بعضكم بعضًا بمزامير وتسابيح وأغاني روحيَّة، مُترنمين ومُرتِّلين في قلوبكم للرب» (أف 19:5).  

9- الصلاة: 
الروح القدس في قلوبنا يخلق فينا حنينًا للشركة مع الرب وللحديث معه، وعندما نُطيع هذه الرغبة يرشدنا للصلاة التي نُصلِّيها، بل في أحيان كثيرة توجد داخلنا أنَّات لا نستطيع أن نُعبِّر عنها بكلمات، فيأخذ هو هذه الأنَّات ويُصعدها صلوات وطلبات أمام الله، «الروح أيضًا يُعين ضعفاتنا، لأننا لسنا نعلم ما نُصلِّي لأجله كما ينبغي.  ولكن الروح نفسه يشفع فينا بأنَّاتٍ لا يُنطق بها.  ولكن الذي يفحص القلوب يعلم ما هو اهتمام الروح، لأنه بحسب مشيئة الله يشفع في القدِّيسين» (رو 26:8، 27).

10-  الثمر: 
عندما لا نُحزن الروح القدس ولا نُطفئه، ونكون في المناخ الذي يلائمه، يكون لنا ثمره الواضح في الحياة الذي هو: «محبةٌ فرحٌ سلامٌ، طولُ أناةٍ لُطفٌ صلاحٌ، إيمانٌ وداعةٌ تَعفُّفٌ» (غل 22:5، 23)، ونلاحظ أنه لا يذكر تعبير ”ثمار الروح“ بل «ثمر الروح» بالمفرد، لأن مصدر هذه الثمار هو واحد على الرغم من تنوعها، ولأنها تعكس حياة واحدة، هي حياة المسيح. 
11-  استحضار شخص المسيح والتمتع به في قلوبنا: 
من ضمن أغراض وجود الروح القدس فينا أن يستحضر المسيح إلى قلوبنا لنتمتع به ونظهره عمليًا للآخرين.  «لكي يُعطيكم بحسب غنى مجده، أن تتأيَّدوا بالقوة بروحه في الإنسان الباطن، ليحلَّ المسيح بالإيمان في قلوبكم» (أف 16:3، 17)، فيملأ المسيح فَلَك حياة المؤمن، وهذا هو التكريس، ويستطيع أن يُقدمه للآخرين.  

12-  المُعزِّي: 
عندما كان الرب يسوع بالجسد مع التلاميذ كان يعضدهم ويُشجعهم ويُقوِّي أزرهم، لكن قبل أن يصعد للسماء ويتركهم وعدهم أن هناك مُعَزِّيًا آخر سيُرسله الآب لهم، «وأنا أطلب من الآب فيُعطيكم مُعَزِّيًا آخر ليمكث معكم إلى الأبد» (يو16:14).  وكم اختبرنا تعزيته لنا وأنه يرفعنا فوق التجارب ويشدِّدنا ويقوِّي   عزمنا.

13- عربون ميراثنا:
أي أن الروح القدس يمتعنا بأفراح السماء قبل أن نصل إليها ونحن لا زلنا على الأرض (أف14:1)، ويعطينا أن نتذوق سعادة المجد بأن يأخذ مما للمسيح ويخبرنا.
14- سيحيي أجسادنا المائتة:
إن الروح القدس هو الوسيلة التي بواسطتها سيقوم الراقدون ويتغير الأحياء عند مجيء الرب لنكون على صورة جسد مجده (رو11:8).


© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com