عدد رقم 4 لسنة 2011
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
وادي الاتضاع  
 آه من الكبرياء! إنها تلك الخطية التي ترعى بين جوانحنا كآكلة، وبين جميع الخطايا هي أكثرها تمردًا وآخرها تذليلاً وإخضاعًا.  هي بين الخطايا تنبض أولها وتموت آخرها. 
   إنها الخطية التي يقاومها الله، ذلك لأنها ترتفع بوجهها القبيح لتأخذ مكانه.  أليست هي خطية إبليس ذلك الكروب المنبسط المظلل باهي الجمال وخاتم الكمال.  تأمل فقط ماذا فعلت به تلك الخطية السوداء عندما حاول أن يصير مثل العلي، وكيف صار إلى ما هو فيه الآن، فتعرف مقدار شرها وبغضتها.  كذلك تأمل في آدم قبل السقوط وكيف كان تاج الخليقة ورأسها وصاحب السلطان، وتأمله عندما كسر الوصية ليصير مثل الله، وأي انحدار ودمار وصل إليه.  إن ارتفاع القلب هو بداية السقوط، فقبل الكسر الكبرياء وقبل السقوط تشامخ الروح.  وهل ننسى نبوخذنصر الذي قال: هذه بابل العظيمة التي بنيتها بقوة اقتداري ولجلال مجدي، وكيف في الحال زال عنه المُلك وطُرد من بين الناس وسكن مع حيوان البر سبعة أزمنة حتى علم أن السماء سلطان؟!

   هل تعرف ما هي الكبرياء؟

 إنها ببساطة الثورة لكرامتك، والرغبة في المديح من الناس.  إنها حب الظهور، والشعور بالحزن واختفاء السعادة من أجل إهانة عابرة أو عدم تقدير.  إنها تلك الأحاسيس التي نستشعرها جميعًا بقدر متفاوت، وكلما زادت كبرياؤنا كلما سيطرت علينا هذه المشاعر التي تستوجب مقاومة من الله.  هل تعرف كيف يقاومها؟ إن الله له طرقه ومعاملاته، وكثيرًا ما يُلزمنا بالعبور في وادي البكاء ليصل بنا إلى حالة الاتضاع الحقيقي التي هي أكبر جاذب لنعمة الله.

   هل عبرت بوادي البكاء يومًا؟

 وادي الاتضاع والدموع، وادي الخضوع وكسر الإرادة؟ هل تعبر فيه الآن وتختبر كم فيه من مرارة تستنزف من النفس كل كبرياء وافتخار؟ إن لم تختبره فاسأل مَنْ جازوا فيه قبلك فيخبروك عجبًا، إن ذلك الوادي الذي فيه تُستصغر النفس ويتَّضع القلب وينتفي منه كل ظل لافتخار وادعاء، فيه يموت الغرور والانتفاخ ويختفي العُجب والاستعلاء.  ذلك الوادي عينه هو أصلح مكان لاستقرار فيض البركات المنهمرة وغيوث الفرح والغبطة واختبار الراحة الحقيقية للنفس.
   أخي الشاب .. هل ترغب من قلبك أن تتمتع بهذه الصفة الجميلة التي تُجمِّل وتُزيِّن المؤمن الحقيقي؟ اذهب إلى الرب.  إنك لا تستطيع أن تغير ذاتك.  اذهب إليه وتأمله وتغذَّى على صفاته الحلوة وعلى حياته كالمن السماوي حتى يتشبع فكرك بالفكر الذي كان في المسيح يسوع، فهو الذي قال: «تعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب».

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com