عدد رقم 5 لسنة 2010
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
عقارب الساعة  
«يا ابني لا تحتقرْ تأديبَ الرب، ولا تَخُرْ إذ وبَّخكَ.  
لأن الذي يُحبُّه الرب يُؤدِّبه، ويجلدُ كلَّ ابن يقبله»

(عب 5:12، 6).

إن حياتنا المسيحية تُشبه ميناء الساعة، وبين العقربين الوقت الذي يمضي.  ويمكن تشبيههما بيدي إلهنا الحكيمة والصالحة.  اليد الصغرى تمتد للتأديب، والكبرى تمتد  للرحمة.

إن يد التأديب لا بد أن تتمم عملها بلطف أبوي ولكن بحزم.  ففي كل ساعة يتكلَّم الله إلينا من خلال معاملاته، وهو يفعل ذلك «لأجل المنفعة، لكي نشترك في قداسته» (عب 10:12).  إنه يريد أن يجعلنا ننمو في معرفة طرقه ومحبته.  ويريد أيضًا أن يجعلنا نحكم على كل ما لا يطابق قداسته، وما لا ينتظره من أولاده في سلوكنا اليومي في العالم.  إنه يتصرَّف نحو كل منا كأب نحو أبنائه.  والرب يستخدم صورة أخرى تُعبِّر عن معاملاته هي صورة الكرَّام الذي يقضب الكَرْم حتى يأتي بثمر أكثر (يو 15).

وفي حين أن العقرب الصغير (عقرب الساعات) يتقدم ببطء، وأن التجربة تبدو كأنها بلا نهاية، هوذا العقرب الكبير (عقرب الدقائق)، والذي يمثِّل عقرب الرحمة الإلهية يتقدم بشكل أسرع، ويمر بدوره فوق العقرب الصغير – عقرب التأديب.  وفي حين أن ساعة التجربة تمضي، فإن المؤمن في التجربة يُميِّز يد الله التي تمتد نحوه بالنعمة لتسنده وتشجعه.  «الله أمينٌ، الذي لا يدعكم تُجرَّبُون فوق ما تستطيعون، بل سيجعل مع التجربة أيضًا المنفذ، لتستطيعوا أن تحتملوا» (1كو 13:10).  ويا له من وعد ثمين!  فعند كثرة الهموم فإن التعزيات والمعونات والمشجعات ونهر المراحم يُلذِّذ النفس.

وهذان العقربان مُثبَّتان على محور واحد لا يتذبذب، وهو قلب الله المحب والعطوف الذي لا يتغيَّر.  وبسبب هذه المحبة يتدخل الله بالتأديب وبالرحمة في آن واحد نحو خاصته بهدف بركتهم في النهاية.

«ونحن نعلم أن كل الأشياء (المُفرحة والمُؤلمة) تعمل معًا للخير للذين يُحبُّون الله» (رو 28:8).  ولا نملك سوى أن ونخضع أمام معاملات الآب التأديبية، وننحني أمام حكمته الإلهية التي لا تخطئ، وندرك أنه دائمًا «في الغضب يذكر الرحمة» (حب 2:3)، «لأن السيَِّد لا يرفض إلى الأبد.  فإنه ولو أَحزَنَ يرحمُ حسب كثرة مراحمه» (مرا 32:3)، «لأن الرب كثيرُ الرحمة رؤوفٌ» (يع 11:5).

قَبِّلي أيدي أبٍ              يؤدِّبُ البنين
فإن تأديبَ العلي            للنفعِ بعد حين
فالآن لا تدرين ما          يصنعُه الحكيم
بل سوف تعلمين أن       رب َّالسما رحيم

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com