عدد رقم 5 لسنة 2010
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
بابا، هل أصدق ماما؟  
تأثرت جدًا وأنا أقرأ هذه القصة الحقيقية، ويسعدني أن أشارككم بها، للمعنى الهام الذي تؤكد عليه القصة، حيث كانت الأسرة الصغيرة المكونة من الأب الشاب رجل الأعمال المُلحد، والأم الشابة التي قبلتْ المسيح مُخَلِّصًا وفاديًا وتأكدتْ أن اسمها مكتوبٌ في سفر الحياة، والطفلة الصغيرة "كرستين"، كانوا دائمًا في نقاش ديني حاد يصل إلى حد الخلاف، وليس فقط مجرد الاختلاف في وجهات النظر، كان ذلك رغم الحب المتبادل بين الرجل وزوجته!

مرَّت الأيام والأب يزداد عنادًا وإلحادًا، والأم تزداد شركة مع الرب يسوع وإيمانًا به، حتى أن الأب جَمع كل الأفكار الإلحادية التي فكر فيها وقرأها، وعمل منها كتابًا إلحاديًا نشره وباع الآلاف منه، أما الأم فكانت تزداد في خدمتها للرب يسوع المسيح وربح النفوس له.

فجأة مرضت الأم المسيحية الحقيقية الشابة مرضًا عضالاً، شعرت معه أنها تقترب من الرحيل للسماء، وكانت الآية المفضلة لها في أيام مرضها: «لأَنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّهُ إِنْ نُقِضَ بَيْتُ خَيْمَتِنَا الأَرْضِيُّ، فَلَنَا فِي السَّمَاوَاتِ بِنَاءٌ مِنَ اللهِ، بَيْتٌ غَيْرُ مَصْنُوعٍ بِيَدٍ، أَبَدِيٌّ» (2كو 1:5).

ورغم كل المحاولات التي بذلها الزوج المحب بالذهاب إلى أشهر وأمهر الأطباء والمستشفيات، ساءت حالة الأم. وقالت لكرستين: كنت أتمنى يا ابنتي الغالية أن يعطيني الرب عمرًا أطول حتى أكون معك وأخدمك ولكني سأسافر للسماء عند الرب يسوع المسيح .. نعم سأسبقك إلى هناك وسأكون في انتظارك يا بنتي! أكيد ستعطي حياتك للرب يسوع وتقابليني هناك حيث سأكون في انتظارك؟ ولم تمض أيام محدودة حتى رقدت الأم في سلام.

مرَّت الأيام حيث كانت "كرستين" السبب الوحيد للتعزية للأب في هذه الأرض بعد موت زوجته التي كان يحبها من أعماقه، ولكن هذه حال الحياة! مرضت "كرستين" أيضا بشدة وكان المرض هذه المرة هو مرض السل الرهيب الذي تمكن من "كرستين"، ولا سيما لضعف الحالة الصحية العامة لها. ولما سألت الطبيب عن احتمالات شفائها، صارحها الطبيب بأن حالتها متأخرة. وفهمت كرستين من الدكتور أن أيامها على الأرض صارت معدودة.

في المساء، لما عاد الأب من عمله وجلس مع "كرستين"، بادرته قائلة:

- «بابا أنا مسافرة، سأترك الأرض قريبا!». قاطع الأب الحنون ابنته الوحيدة قائلاً:

- «كلا يا ابنتي! بل ستُشفي تمامًا. سنذهب لطبيب آخر ولا بد أن تُشفي يا وحيدتي الغالية، فردَّتْ كرستين:

- «كلا يا بابا بل الطبيب قال لي اليوم إن حالتي متأخرة جدًا، وربما أغادر الأرض في أي وقت، أريد أن أسألك يا بابا سؤالاً هامًا جدًا بالنسبة لي.  فاليوم

أتذكر آخر كلام قالته لي ماما قبل أن تموت وتترك الأرض؛ لقد قالت لي: سأسافر للسماء عند الرب يسوع المسيح .. نعم سأسبقك إلى هناك وسأكون في انتظارك يا ابنتي! أكيد أنك ستُسلِّمي حياتك للرب يسوع وتقابلينني هناك حيث أكون في انتظارك.  هكذا قالت لي ماما.  ولكن يا بابا أنا أعرف أنك لا تؤمن لا بالسماء ولا بالجحيم ولا بيسوع ولا بالأبدية.  لقد قرأت جزءًا كبيرًا من كتابك يا بابا .. بابا، هل أصدقك أم أصدق ماما؟ أشعر أني قريبة جدًا من الرحيل عن الأرض يا بابا، أرجوك أن تساعدني؛ هل أصدقك أنه لا يوجد الله ولا أبدية، أم أصدق ماما وأعطي قلبي للمسيح وأقابلها كما قالت لي.  مَنْ أصدق يا بابا؟

   انفجر الأب في بكاء هيستيري وصرخ وقال لابنته:

- «كرستين، صدِّقي ماما يا حبيبتي .. صدِّقي ماما ولا تؤمني أبدًا بإلحادي الذي لا يعطي أي رجاء.  حقًا إن الإلحاد هو أكبر كذبة وضعها إبليس في ذهن البشر، لكن في أعماقي يا بنتي دائمًا كان صوتٌ يقول إن الله موجود.  صدِّقي ماما يا بنتي وأعط قلبك للمسيح الذي مات وقام لأجلك، وأنا أيضًا أعطيته حياتي من هذه اللحظة».

   صديقي القارئ العزيز .. صديقتي القارئة العزيزة، لقد تغلَّب الإخلاص والصدق الداخلي على العناد والإلحاد عند هذا الأب، لأنه مكتوب أن الله «صَنَعَ الْكُلَّ حَسَنًا فِي وَقْتِهِ، وَأَيْضًا جَعَلَ الأَبَدِيَّةَ فِي قَلْبِهِمِ، الَّتِي بِلاَهَا لاَ يُدْرِكُ الإِنْسَانُ الْعَمَلَ الَّذِي يَعْمَلُهُ اللهُ مِنَ الْبِدَايَةِ إِلَى النِّهَايَةِ» (جا3: 11).  والإنسان أمام مشهد الموت يشعر بضآلته وحقارته، ويشعر برهبة الأبدية، وأن الإنسان ذاهب إلى بيته الأبدي.  فما أخطر أن تذهب إلى الأبدية بغير رجاء.  وكم من أُناس استبعدوا الله من حياتهم، وعاشوا في الفجور والشرور، لكنهم استيقظوا على الحقيقة الرهيبة عندما وجدوا أنفسهم مُعذَّبين في ذاك اللهيب. 

والشيطان، وهو الكذَّاب وأبو الكذَّاب، يحاول بكل وسيلة أن يخدع النفوس، لا سيما الشباب، بأفكار إلحادية كُفرية تنفي وجود الله، وتُشكك في حقيقة الدينونة والعذاب الأبدي،  ليجعلهم يستمتعون بالخطية دون إزعاج في الضمير.
 
 ويوضح الكتاب المقدس خطوات الإلحاد على النحو التالي:
 
1- معرفة الله ظاهرة بالخليقة: «لأَنَّ غَضَبَ اللهِ مُعْلَنٌ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى جَمِيعِ فُجُورِ النَّاسِ وَإِثْمِهِمِ الَّذِينَ يَحْجِزُونَ الْحَقَّ بِالإِثْمِ. إِذْ مَعْرِفَةُ اللهِ ظَاهِرَةٌ فِيهِمْ لأَنَّ اللهَ أَظْهَرَهَا لَهُمْ. لأَنَّ أمورَه غَيْرُ المَنْظُورة تُرَى مُنْذُ خَلْقِ الْعَالَمِ مُدْرَكَةً بالمَصْنُوعَاتِ، َقُدْرَتُهُ السَّرْمَدِيَّةُ وَلاَهُوتُهُ، حَتَّى إِنَّهُمْ بِلاَ عُذْرٍ» (رو18:1 -20).

2- لما عرفوه لم يمجدوه: «لأَنَّهُمْ لَمَّا عَرَفُوا اللهَ لَمْ يُمَجِّدُوهُ أَوْ يَشْكُرُوهُ كَإِلَهٍ بَلْ حَمِقُوا فِي أَفْكَارِهِمْ وَأَظْلَمَ قَلْبُهُمُ الْغَبِيُّ. وَبَيْنَمَا هُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ حُكَمَاءُ صَارُوا جُهَلاَءَ، وَأَبْدَلُوا مَجْدَ اللهِ الَّذِي لاَ يَفْنَى بِشِبْهِ صُورَةِ الإِنْسَانِ الَّذِي يَفْنَى وَالطُّيُورِ وَالدَّوَابِّ وَالزَّحَّافَاتِ.  لِذَلِكَ أَسْلَمَهُمُ اللهُ أَيْضًا فِي شَهَوَاتِ قُلُوبِهِمْ إِلَى النَّجَاسَةِ لإِهَانَةِ أَجْسَادِهِمْ بَيْنَ ذَوَاتِهِمِ» (رو 21:1 -24).

3- لم يستحسنوا أن يبقوه في معرفتهم: «وَكَمَا لَمْ يَسْتَحْسِنُوا أَنْ يُبْقُوا اللهَ فِي مَعْرِفَتِهِمْ أَسْلَمَهُمُ اللهُ إِلَى ذِهْنٍ مَرْفُوضٍ لِيَفْعَلُوا مَا لاَ يَلِيقُ» (رو 28:1).

4- عرفوا حكمه ورفضوه: «الَّذِينَ إِذْ عَرَفُوا حُكْمَ اللهِ أَنَّ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ مِثْلَ هَذِهِ يَسْتَوْجِبُونَ الْمَوْتَ، لاَ يَفْعَلُونَهَا فَقَطْ بَلْ أَيْضًا يُسَرُّونَ بِالَّذِينَ يَعْمَلُونَ! ... لِذَلِكَ أَنْتَ بِلاَ عُذْرٍ أَيُّهَا الإِنْسَانُ» (رو 32:1، 1:2).

لهذا أدعوك عندما تواجه تجربة قاسية كالتي واجهها هذا الأب، أن تلتجئ إلى الله.  إنه موجود وهو حقيقة حية، وهو قريب من المنكسري القلوب، ومن كل الذين يدعونه بالحق مُخْلصين.  إنه يمنح السلام والتعزية.  لكن الآن وأنت تقرأ هذه الكلمات، ودون أن تواجه تجارب صعبة، تعال معي حُبًا وطواعية للمسيح الذي أحبك ومات على الصليب فداء لك، وقام منتصرًا لحسابك، «الَّذِي أُسْلِمَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا وَأُقِيمَ لأَجْلِ تَبْرِيرِنَا» (رو 25:4).  فهل تأتي معي الآن مصليا؟
 
صلاة :                        يا رب يسوع يا صاحب الأمجاد .. أنت الحبيب وسيد الأسياد
آتي إليك وأطرح عند صليبك كل عناد وإلحاد
فارحمني واقبلني لأكون معك الآن وإلى الآباد
آمين

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com