ماذا تعمل عندما لا تعلم ماذا تعمل؟
المبدأ الرابع: دع أحمالك واتركها خلفك
جميعنا نبغض سحب مليون قطعة من أمتعة السفر خلال مطار مزدحم، فماذا لو كنت مضطرًا إلى حمل زوج من شنط السفر الصغيرة، وآخر من شنط الظهر، وثالث من الحقائب المحمولة، حيثما تذهب؟ حقًا كانت ستثقلك وتعيق تقدمك.
هذا بالضبط هو ما يحدث عندما يتغلب عليك الاكتئاب. إن الأحمال الانفعالية العاطفية تستطيع أن تثقلك وتعيقك عن التقدم للأمام.
والمبدأ الرابع للعثور على طريق الله للخروج من الاكتئاب؛ هو ترك أحمالك خلفك. وعندما نقول ”أحمال“، فنحن نعني تلك النفايات السيئة من الماضي. فنحن جميعًا قد اختبرنا أحداثًا وعلاقات صعبة، وجراح عاطفية، ومواقف فشل عائلي أو مادي، وأخطاء خطيرة، وحوادث مفجعة، أو خسارة لأحد الأحباء.
وذهنيًا، فُسِّرت هذه الأحداث كما وقعت، ولكن عادة ما يُختَزَن الألم عوضًا عن مواجهته، فوجود أشخاص مذنبين إلينا ولم نسامحهم، ومخاوف لم نتصدى لها، وخصومات لم تُذاب، كل هذا يتركنا بمشاعر قديمة وأنماط سلوكية تؤثر بوطأتها على الحاضر. هذه هي ”الأحمال“.
تأكد أن جزءًا من أحمالك يتعلق مباشرة بالاكتئاب الذي تعاني منه، ولا يمكن أن تُشفى تمامًا حتى تواجهه.
وها نحن ننبهك من خلال خمسة أمور لتساعدك حتى تلقى عنك حملك:
1- تقبَّل حقيقة أن لك ماضٍ مؤلم
اعترف بالأشياء المؤلمة التي حدثت لك والتي لم تُحَلّ. وإذا لم تفعل ذلك، فإن تلك الأشياء سوف تعيق شفاءك. لذلك فإن الخطوة الأولى هى الإعتراف لنفسك ولله بأن لديك مثل هذه الأحداث المؤلمة.
2- ضع اعتبارًا لمساندة الآخرين لك لشفائك من حزنك
انشد الرعاية والشفاء اللذين تحتاجهما كل هذه الأحداث المؤلمة من الآخرين. الإفضاء بما في داخلك من جراح للآخرين الذين يحبونك، يفتح لك الباب للراحة والتشجيع والشفاء والتعضيد. هذه الصراحة عادة ما تكون صعبة لمن يعاني من الاكتئاب، لكن ابدأ بما يمكنك عمله.
3- اقبل الغفران
أن تتحرر من الأحمال، يعني أن تكون حرًّا من الشعور بالذنب والخجل من فشل وخطايا الماضي. الله سيغفر لك أي شيء عملته مهما كان سيئًا، فالكتاب المقدس يعد قائلاً: «لأنه مثل ارتفاع السماوات فوق الأرض قويت رحمته على خائفيه. كبعد المشرق من المغرب أبعد عنا معاصينا» (مز 103: 11، 12)
إن إخفاقاتك وأخطاءك قد تكون قد أبعدتك أيضًا عن بعض الأشخاص. ينبغي عليك أن تذهب إليهم وأن تعترف باتضاع بخطئك، وتقبل الغفران. وبمجرد أن تعلم أنك قد حصلت على الغفران وأنك مقبول ومحبوب، ستستطيع أن تعود وتدخل الحياة من جديد وتتقدم فيها.
4- اغفر للآخرين
قد يكون جزء من حِملك بسبب جراح سببها لك الآخرون، وما زلت تحمل في داخلك الألم والغضب وربما الكراهية. لا بد أن تسامح هؤلاء الناس، وليكن الله الذي سامحك هو مثالك في هذا الأمر.
وإن لم تغفر، فإن الحنق سوف ينخر في قلبك، لكن عندما تسامح الآخر فإنك تحرِّره من مشاعرك السلبية نحوه، كما أنك تحلّ حملك الخاص من الألم والحنق بهذه الطريقة.
5- انظر لنفسك بعيون جديدة
يوجد نوع آخر من الأحمال، هو النظرة المشوَّهة لأنفسنا، والتى تعلّمناها في علاقاتنا ومواقفنا الماضية. فنحن نميل إلى رؤية أنفسنا من خلال عيون الآخرين ذوي الأهمية لدينا، وإذ نعتمد على كون هذه النظرة إيجابية أم سلبية، فإننا نشعر أيضًا بالتالي إما بالقيمة أو بالدونية.
إن النظرة الواقعية للنفس سوف تكون متزنة بمعرفة نقاط القوة كما نقاط الضعف وحجم التقدم. لتجد هذه النظرة باستخدامك لعيون الله في النظر لنفسك، ذلك لأن الله يحبك بلا شرط ويقيِّمك بقيمة عالية. أضف إلى هذا، نظرة من يحبونك كما يحبك الله.
دع ”أنت الجديد“ يحل محل الصورة المشوَّهة التي سببت لك هذه الكآبة. إن تمسكك بأحمال الماضي سوف يعطِّل بحثك عن النصرة على الاكتئاب، فاطلب من الله أن يساعدك لتتركها خلفك.
(يتبع)
د. هنري كلود، د. جون تاونستد
(ترجمة: لليان نبيه)
* هذا المقال هو استكمال لما نُشر سابقًا، وهو مترجم من كتاب لاثنين من أساتذة علم النفس الأمريكان وهما عالمان مؤمنان.