عدد رقم 5 لسنة 2019
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
اليمام  

اليمامة عبارة عن جنس من الطيور ينتمي إلى فصيلة الحمام.  جاء ذكر اليمام في مناسبات عديدة في الكتاب المقدس، ويأتي -غالبًا- مقترنًا مع الحمام.  ومن خلال ما ذُكر عن اليمام في كلمة الله، لنا هذه الدروس الرمزية والروحية.

أولاً: اليمام يكلمنا عن المسيح كمحرقة:

1- عندما وعد الله أبرام بأنه سيرث أرض الموعد، سأل الرب: "بماذا أعلم أني أرثها؟"، فقال له: "خذ لي عِجلة ثلاثية (عمرها ثلاث سنين) وعنزة ثلاثية وكبشًا ويمامة وحمامة. فأخذ هذه كلها... وأما الطير فلم يشقه".  في ذلك اليوم قطعَ الرب مع أبرام ميثاقًا بأن نسله أيضًا سيرث الأرض (تكوين15).  وهنا نرى أن هذه الذبائح تكلمنا عن موت المسيح الذي  يجعل مواعيد الله قابلة للتنفيذ "لأن مهما كانت مواعيد الله فهو فيه (في المسيح) النَعم وفيه الآمين لمجد الله بواسطتنا" (2كو1: 20).

2- يأتي ذكر المحرقة أولاً في بداية سفر اللاويين، لأنها نصيب الله من عمل المسيح (انظر يو10: 17، أف5: 2، في 2: 8).

فالمسيح هو شبع قلب الله في شخصه القدوس وعمله الكامل. وفي لاويين 1 هناك ثلاثة أنواع من الذبائح كانت تُقدم كمحرقة (ثور- شاة- حمام أو يمام عدد 14)، كلها متساوية في القيمة الرمزية، فكانت ترينا عمل المسيح فيما لله "وقود رائحة سرور للرب"، لكن الفارق في التقدير المتباين للمؤمنين من جهة عمل المسيح.

3- يتحدث الوحي في لاويين 5 عن ذبيحة الإثم التي كانت تُقدم للتكفير عن خطية فعلها المذنب ونتائجها "وإن لم تنل يده كفاية لشاة، فيأتي بذبيحة لإثمه الذي أخطأ به يمامتين أو فرخي حمام إلى الرب، أحدهما ذبيحة خطية والآخر محرقة" (لاويين5: 7).  فلكي يُكفّر عن الذنب كان لابد أن "يقر بما قد أخطأ به"، ثم يقرّب الذبيحة.  ونحن كمؤمنين إن أخطأنا وسقطنا، فقط علينا بالاعتراف بالخطية، ولنتذكر أن ذبيحة المسيح قد كفّرتْ عن خطايانا، لذا علينا فقط أن نعترف بها "إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم" (1يو1: 9).

4- عند تطهير النساء بعد الولادة، كان اليمام تقدمة الفقير والفقيرة "وإن لم تنل يدها كفاية لشاة تأخذ يمامتين أو فرخي حمام الواحد محرقة والآخر ذبيحة خطية فيكفر عنها الكاهن فتطهر" (لا12: 8).  وهذا ما حدث عند تقديم الرب يسوع في الهيكل وله من العمر 40 يومًا (لو2: 24).  وهنا نرى الشريف الجنس الذي من أجلنا افتقر وهو غني لكي نستغني بفقره (2كو8: 9).

5- في لاويين 14 كان اليمام تقدمة الأبرص الفقير المتطهّر "لكن إن كان فقيرًا ولا تنال يده يأخذ يمامتين أو فرخي حمام كما تنال يده، فيكون الواحد ذبيحة خطية والآخر محرقة" (لا14: 21، 22).  إن الأبرص المتطهّر صورة للخاطئ التائب الذي تطهّر بدم المسيح.  فهل حصلت - أخي القارئ- على بركة تطهير خطاياك؟

6- نقرأ في لاويين 15 عن شريعة ذي السيل وكيفية التطهير، من الرجال والنساء.  وسيل الدم يرينا النجاسة الداخلية التي تظهر في الخارج، نجاس المرض أو العادات.  وفي يوم التطهير "يأخذ لنفسه يمامتين أو فرخي حمام ... فيعملهما الكاهن الواحد ذبيحة خطية والآخر محرقة ويكفّر عنه الكاهن أمام الرب من سيله" (لا15: 14، 15، 29).  فالرب وحده هو المُطهِر الوحيد لك من نجاساتك. فهل تقْبِل إليه الآن ليطهرك؟

7- ترد شريعة النذير (المكرس للرب) في سفر العدد (سفر البرية)، لكن "إذا مات ميت عنده بغتة على فجأة، فنجّس رأس انتذاره ... وفي اليوم الثامن يأتي بيمامتين أو فرخي حمام ..." (العدد6: 9- 11).  فقد يتنجّس المؤمن الحقيقي في سيره في هذا العالم، عالم الموت والدنس، لكن عليه العودة  بالنظر إلى صليب المسيح، مقرًا بخطاياه للآب، فيطهر من نجاسته ويعود إلى تكريسه من جديد.

 ثانيًا: اليمامة تكلمنا عن إسرائيل الجديد الراجع:

1- تصوّر اليمامة لنا إسرائيل الضعيف المضطهد من أعدائه في الضيقة العظيمة التي ستأتي بعد اختطاف الكنيسة إلى السماء، فيصلّي الشعب المضطهد في ضيقه: "لا تسلم للوحش نفس يمامتك. قطيع بائسيك لا تنسَ إلى الأبد" (مز74: 19).   لذا سيستجيب لهم الرب، ويشق السماوات وينزل في ظهوره، لخلاصهم من أعدائهم.  وإن كان هذا سيحدث لشعبه في المستقبل، ألا يخلصنا الآن في أي ضيقة نجتاز فيها؟

2- ترينا اليمامة أيضًا إسرائيل الراجع إلى أرض البركة والميعاد.  فيقول إرميا النبي: "بل اللقلق في السموات يعرف ميعاده (ميعاد هجرته وعودته) واليمامة والسنونة المزقزقة (والكركي) حفظتا وقت مجيئهما (عودتهما). أما شعبي فلم  يعرف قضاء الرب" (إرميا8: 7).  وإن كان إسرائيل يحنّ للعودة إلى دياره، أفلا نشتاق نحن للعودة إلى وطننا السماوي؟

3- أخيرًا، في اليمامة نرى صورة لأفراح الشعب الراجع في المُلك الألفي السعيد.  ففي الضيقة، سيكون للبقية من إسرائيل مكان مُعد من الله لإعالتها وحمايتها خلال شتاء مرير لم يشهد العالم نظيره، بعده سيأتي بهم الرب للتمتع بالفرح المؤسس على قيامته، فيشجعهم كعروس قائلاً: "... صوت اليمامة سُمع في أرضنا" (نشيد2: 12).  وإن كان هذا رجاء الشعب الأرضي في المستقبل، فكم وكم ستكون أفراحنا مِن حوله في البيت الأبدي؟!

 

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com