عدد رقم 5 لسنة 2019
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
الموت  


الموت من أهم الحقائق التى لا يمكن إنكارها، والتى يراها جميع البشر كل يوم. ومع أنه حقيقة يقينية ثابتة، لكنه مكروه من الجميع. هو مرعب ومخيف للبعض الذى لا يطمئنون لمستقبلهم بعد الموت. ولكنه الاختيار الأفضل وتحقيق شهوة للبعض الآخر الذين يوقنون ماذا بعد الموت.

رأينا سابقًا أن الإنسان يتكون من روح ونفس وجسد، وأن دخول الخطية غيّر من تركيب ووظائف هذه المكونات. فأصبح الجسد قابلاً للمعاناة والآلام وأيضًا قابلاً للموت. وهذا الموت هو النتيجة التى حدثت بسبب عصيان آدم ودخول الخطية "ويوم تأكل منها       (من الشجرة) موتًا تموت" (تك 2 : 17 ).

هو انفصال كيان الإنسان الداخلى، الروح والنفس، عن الجسد. والذى فيه يعود الجسد إلى التراب "لأنك تراب وإلى تراب تعود " (تك 3 : 19 ). وتصعد الروح والنفس إلى الله خالقها (جا 12 : 7 ).

إنه نتيجة الخطية، لكنه ليس دينونة الخطية "وكما وُضع للناس أن يموتوا مرة ثم بعد ذلك الدينونة" (عب 9 : 27 ). كما أنه ليس نهاية الإنسان، لأن الإنسان غير قابل للفناء "جعل الأبدية فى قلبهم" (جا 3 : 11 )، وكذلك ليس هو حالة السكون الدائمة للإنسان.

هو حالة متوسطة مؤقتة يكون فيها الإنسان بدون جسده، الذى يعود إلى التراب ويفسد ويتحلل، ويذهب هو بروحه ونفسه إلى عالم غير المنظور.

بالنسبة للبعض قد يكون أقصى لحظات إفناء الإنسان الخارجى، بالشيخوخة أو المرض حتى يصل إلى قمة ضعفه بالموت. ولآخرين قد يحدث فجأة وفى أي سن وبأي طريقة.

هو انتهاء دور الإنسان على الأرض، وانتهاء حياته ونشاطه عليها. ولأن الجسم مصمم للحياة على الأرض، لذلك هو انتهاء دور جسم الإنسان الحيواني (تابع بيولوجيًا للمملكة الحيوانية). كما أن انتهاء مرحلة امتحان الإنسان تحت المسؤلية على الأرض فى عمل الخير والشر، في الطاعة أو العصيان.

يصاحب هذا انتهاء الحياة الجسمية والنفسية على الأرض من تواجد، أكل، شرب، لبس، زواج. انتهاء مشاهد الجمال والذكاء والجاذبية، أو القبح والنفور وكل العلاقات الإنسانية.

 

الحياة بعد الموت:

فهمنا أن الموت هو خروج الروح والنفس من الخيمة التي يسكنها الإنسان (الجسد). فالجسد هو الذى يموت ويتحلل. لكن الروح والنفس لا تموت. ولكنها تذهب إلى مكان آخر. كل واحد يذهب إلى مكانه. فى قصة الغنى ولعازر نقرأ :" فمات السكن (لعازر) وحملته الملائكة إلى حضن إبراهيم" "ومات الغنى أيضًا ودفن فرفع... "( لو 16 : 22 ). والرب يسوع قال للص التائب: "الحق أقول لك إنك اليوم تكون معي في الفردوس" (لو 23 :43 ).

هناك عالم الأرواح، حيث الإنسان يرى "بعد أن يفنى جلدي هذا وبدون جسدي أرى الله"

(أى 19 :26 ). وأيضًا يدرك ويفكر ويشعر ويتكلم ويسمع.

أرواح المؤمنين الذين فى الفردوس يشعرون. وأرواح الأشرار الذين فى السجن فى الهاوية فى العذاب يشعرون ويدركون. هذه هى المناقشة التى دارت بين إبراهيم والغنى فى لوقا 16.

كما أن الكتاب يعلمنا أن هناك قيامة بعد الموت. لأن الموت ليس هو الحالة النهائية للإنسان "فإنه تأتى ساعة فيها يسمع جميع الذين فى القبور صوته فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة (في دورهم) والذين فعلوا السيئات إلى قيامة الدينونة (فى دورهم أيضًا)" (يو 5 :28 ,29 ).

وكذلك هناك لبس للأجساد بعد القيامة. لكنها أجساد مختلفة عن الأجساد الحالية. بالنسبة للمؤمنين "الذى سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده" (فى3 :21). وبالنسبة لغير المؤمنين "ورأيت الأموات .. واقفين أمام الله .. وسلم البحر الأموات الذين فيه، وسلم الموت والهاوية الأموات الذين فيهما .." (رؤ 20 :12 ,13 ). سيقومون بأجساد غير قابلة للفناء للدينونة الأبدية حيث "دخان عذابهم يصل إلى أبد الآبدين".

وإن كانت توجد حياة بعد الموت، فى هناء أبدى أو عذاب أبدى، لكن لا يوجد رجاء بعد الموت لغير المؤمنين "أذكر أنك استوفيت خيراتك في حياتك، وكذلك لعازر البلايا. والآن هو يتعزى وأنت تتعذب .." (لو 16 :25 ,26 ).

الموت بالنسبة للمؤمن:

الإعلان الإلهى للمؤمن يجعل نظرتهم للموت مختلفة. من ناحية يعلم أنه ليس بالضرورة أن كل المؤمنين يرقدون "هوذا سر أقوله لكم: لا نرقد كلنا ولكننا كلنا نتغير " (1كو 15 :51 ).

كما أن المسيح قيل عنه إنه "أبطل الموت وأنار الحياة والخلود بواسطة الإنجيل"          (2 تي 10:1).

فالجهل بالموت وما بعده، وحالة الخوف والرعب من المجهول قد انتهت بالنسبة للمؤمن. وأصبح يوقن أنها حالة انتقال من هذا العالم إلى عالم آخر. لذلك أصبح الموت بالنسبة للبعض هو نوم وهدوء وثبات حتى يأتى بعده الاستيقاظ "لعازر حبيبنا قد نام"

(يو 11: 11 ). بالنسبة لمؤمن آخر هو شهوة أفضل جدًا من حياة الأرض "لى اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جدًا" (في 1 :23 ). والرسول بولس يقول عن نفسه "وقت انحلالي (فكاكي) قد حضر" (2تى 4 :6 ). هو فكاك من قيود الجسد وربطه وأوجاعه.

إن انتهاء دور الخيمة المتهالكة بأوجاعها وآلامها. والانطلاق بلا قيود للاستمتاع مع المسيح في الفردوس، حتى يجيء الوقت الذى فيه يقام الراقدون عديمى الفساد وتتغير أجسادهم على صورة جسد مجد الرب.

ومع ذلك، فالموت ليس هو رجاء المؤمن، بل ينتظر اللحظة التى فيها يأتى الرب ويغير هذه الخيمة، ويلبس المؤمن فوقها مسكنه السماوى "لسنا نريد أن نخلعها. بل أن نلبس فوقها مسكننا الذى من السماء " (2كو 5 : 4 ).

الموت الأدبى:

"وأنتم إذ كنتم أمواتاً بالذنوب والخطايا " (أف 2 : 1 ). هذا ما يقرره الرسول بولس ويعممه على كل الجنس البشرى فى حالة البعد عن الله. فالإنسان الذى لم يحتمِ في صليب المسيح ويغير المسيح حياته، ليس فقط مذنبًا ومتعديًا ويحتاج إلى تحسن أخلاقي، لكنه ميت يحتاج إلى حياة. فالخطية بلّدت إحساس الإنسان من ناحية الله، بل أيضًا أفقدته الإدراك لاحتياجه لله "إله هذا الدهر قد أعمى أذهان غير المؤمنين " (2كو 4 :4 ). أصبح ليس فى الإنسان ذرة تتحرك ناحية الله، أو ترغب فى الاقتراب منه أو إرضائه هذا إلى حد الموت. إنه يهرب منه ويخاف منه فقط.

وحالة الموت الأدبي هذه تتضمن:

-  فقدان الإنسان الصلاحية للوجود في حضرة الله "أعوزهم مجد الله "

(رو 3 : 10 ,12 ,23 ).

-  فاقد الرغبة للتعامل مع الله أو إرضائه. حتى لو كانت عنده الرغبة لعمل أشياء له لإرضاء الضمير بالتدين الكاذب مثل الفريسى (لو 18 :11 ,12 ).

-  عجز الإنسان إلى حد الموت من حيث القدرة على إرضاء الله.

الموت الثانى:

هو عقاب الخطية الأبدى للأشرار الذين لم يحتموا في كفاية دم المسيح. حيث سيدانون حسب أعمالهم، ثم يطرحون جميعهم فى بحيرة النار. هذا هو الموت الثانى

( رؤ 20 : 11 - 15 ).


© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com