عدد رقم 5 لسنة 2019
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
الحدود بين الشباب والشابات  

يتوقع البعض عندما نتكلم عن الحدود أننا نتكلم عن أسوار وجدران هدفها العزل والفصل، في حين أنه لولا الحدود لفقدنا الكثير من الحرية، ولقيدنا المساحة التي نتحرك فيها بأمان، فلو أردنا إطعام الأسود مثلاً، سنجد أن الحدود الممثلة في القفص الحديدي تساعدنا لفعل هذا بأمان، الأمر الذي يستحيل فعله بدونها، وكلما كانت الحدود أكثر أمانًا كلما استطعنا الاقتراب أكثر دون الخوف من أنياب ومخالب السد. وإذا فكرنا في كل ما حولنا، سنجده محكومًا بالحدود سواء بيوت، محلات، نوادي أو مدارس ... إلخ، وبدون حدود لا توجد مسميات لكل ما سبق. ولعل أكثر شكل واضح لحدود نراه في دول العالم المختلفة، فالحدود هي ما تميز الدولة وتفصلها عن ما حولها، وللحدود الدولية أهمية قصوى، فهي:

1-  توفر الأمن والحماية لسكانها: فهي تمنع دخول الإرهابيين والأسلحة ... إلخ.

2-  تؤمن صحة سكانها: فهي تمنع دخول المخدرات والأمراض عن طريق الحجر الصحي.

3-  تحافظ على الاقتصاد: فهي تحمي موارد الدولة وتتحكم في دخول السلع عن طريق الجمارك.

ولكننا نجد أنه هناك أنواع مختلفة من الحدود الدولية، تختلف نتيجة لطبيعة الدول المحيطة، ويمكننا تلخيصها في ثلاثة أنواع:

1-  حدود مفتوحة

ونرى اتفاقية "شينجن  Shengen," مثالاً واضحًا لهذه الحدود، فنجد أن ما يفصل هذه الدول بعضها عن بعض مجرد علامات على الأرض توضح الحدود، دون وجود نقاط تفتيش وقوات جيش أو خلافه، مما يجعل الانتقال بين هذه الدول المختلفة أمرًا سهلاً. وذلك لاتفاق هذه الدول في معظم القضايا الأساسية.

2-  حدود منظمة

وهو ما نراه في معظم دول العالم، حيث يجب الحصول على تأشيرات لدخول الدولة، ولن يتم ذلك قبل المرور على نقاط تفتيش للتأكد من زوال أسباب الخطر التي قد تهدد سلامة وأمن الدولة.

3-  الحدود المغلقة

وهي حالات خاصة تظهر حين تمثل إحدى الدول خطرًا مباشرًا على الدولة المجاورة، مما يضطر الدول لغلق هذه الحدود ووضع حراسات مشددة مما لا يسمح العبور إلا في حالات استثنائية وبعد تفتيشات دقيقة، ونجد مثالا لهذه الحدود في معبر رفح الذي يفصل مصر عن قطاع غزة.

وإذا انتقلنا إلى الجانب الشخصي سنجد أن هناك ما يسمى بالحدود الشخصية، ويمكن تعريفها على أنها "مبادئ أو قواعد يضعها الشخص بنفسه، ليحدد الطرق المعقولة والآمنة المسموح بها للأشخاص الآخرين أن يتصرفوا بها تجاهه، وكيف سيكون رده عندما يتعدى أحدهم هذه الحدود"، وبالطبع تختلف طبيعة الحدود الشخصية طبقًا لاختلاف الفئات التي يتم التعامل معها، فالمساحة الممنوحة للعائلة أكبر مما يمنح للأصدقاء، وكذلك المساحة الممنوحة للأصدقاء أكبر من تلك للمعارف، بينما تمنح مساحة أقل للغرباء وقد لا تمنح مساحة على الإطلاق لمن يضايقنا ويشكل علينا خطورة.

ولكن علينا ملاحظة أمرين في غاية الأهمية عند حديثنا عن الحدود الشخصية:

أولاً: وضع الحدود الشخصية هو دوري أنا وليس دور المجتمع، فأنا الذي أحدد للآخرين الطريقة والمساحة التي يقتربون بها مني، ولا أترك للمجتمع أن يفرض رأيه علىَّ، فما يراه المجتمع مقبولاً قد لا أراه أنا مقبولاً بالنسبة لي، وما يرضاه الأغلبية قد لا أرضاه أنا لنفسي، ولي مطلق الحرية في وضع حدودي الشخصية.

ثانيًا: الحفاظ على الحدود الشخصية هو دوري أنا وليس دور المجتمع أو الآخرين، فأنا الذي يجب أن يدافع عن هذه الحدود في حال تعدي أحدهم إياها.

ويمكننا وصف أنواع الحدود بين الشباب والشابات بالحدود بين الدول كالتالي:

1-  الحدود المفتوحة: وهو لا يحدث إلا في حالة الزواج بحيث يتوحد الاثنان وتزول أي فواصل بينهما.

2-  الحدود المنظمة: وهذا ما ينظم حدود العلاقات الطبيعة بين الشباب والشابات في مختلف نواحي الحياة.

3-  الحدود المغلقة: هي حالات استثنائية تظهر مع وجود مجتمعات أو أشخاص يمثلون خطورة على الآخرين، وقد يكونون من الجنسين (فهناك شباب أو شابات يمثل مجرد التعامل الطبيعي معهم خطورة كبيرة).

وبينما نجد قبولاً من الجميع على أهمية الحدود، سواء كنا نتكلم عن ما يفصل بين الأسود والناس، أو عن ما يفصل بين الدول وبعضها البعض، إلا أننا نجد الكثير من المعترضين على ضرورة وجود هذه الحدود بين الولد والبنت خصوصًا في سن المراهقة، ظنًا منهم أنه لا توجد أدنى خطورة في مثل هذه العلاقات، وأن ما ينطبق على الأسد والدول الإرهابية لا يمكن تطبيقه بأية حال على علاقة الشباب بالشابات. وحتى نناقش هذه الفكرة بموضوعية، دعنا نفحص نتيجة إزالة الحدود بين الشباب والشابات في أحد المجتمعات المسماة بـ "المنفتحة". وسنعتمد على دراسة قام بها "مركز مكافحة الأمراض الأمريكي US centers for disease control and prevention(CDC), " وذلك على طلبة ثانوي في المجتمع الأمريكي في عام 2007، وجاءت نتيجة هذه الدراسة صادمة كالتالي:

"47.8% من طلبة ثانوي سقطوا في خطايا الزنا، وأن 35% يعيشون في خطايا الزنا" وهذه هي نتيجة إزالة الحدود بين الشباب والشابات بدعوى الانفتاح والحرية، وهكذا نرى أن الحدود وضعت لسببين في غاية الأهمية:

السبب الأول: الحفاظ على طهارة الجسد.

السبب الثاني: الحفاظ على طهارة العواطف وهو ما سنتناوله في العدد القادم بمعونة الرب.


© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com