عدد رقم 5 لسنة 2019
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
ربح النفوس  

إن خلاص النفس من الهلاك هو أحد الأسباب التي جعلت الرب يسوع يأتي إلينا متجسدًا (لو19: 10) وربح النفوس الهالكة هو الغرض من بقائنا في هذه الحياة، الأمر الذي جعل الرسول بولس يقول: "إِذِ الضَّرُورَةُ مَوْضُوعَةٌ عَلَيَّ، فَوَيْلٌ لِي إِنْ كُنْتُ لاَ أُبَشِّرُ" (1كو9: 16).  قال هذا لأنه يعلم أن الناس بدون المسيح المخلص هم هالكون (أف2: 1-3) وأنه لا خلاص للإنسان إلا بالمسيح (أع4: 12؛ يو3: 36؛ 14: 6) ويعلم أن الرب أمر بالذهاب إلى العالم أجمع لربح النفوس (مر16: 15، 16).

اذهبوا إلى العالم أجمع:

إن الله يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون (1تي2: 4)، لذلك بذل ابنه الوحيد على الصليب لأجل خطاياهم، وهو يريد أن كل إنسان يستفيد من هذا العمل العظيم، ولذلك يأمر تابعيه بأن يذهبوا إلى العالم أجمع ليكرزوا بالأخبار السارة للهالكين، ويخبروا بمحبة الرب لهم واستعداده للتصالح معهم (2كو5: 18-21).

كيف نذهب؟:

قال داود: "الذَّاهِبُ ذَهَابًا بِالْبُكَاءِ حَامِلاً مِبْذَرَ الزَّرْعِ، مَجِيئًا يَجِيءُ بِالتَّرَنُّمِ حَامِلاً حُزَمَهُ" (مز126: 6)، وفي هذا العدد نرى في القول: "الذاهب ذهابًا" النشاط والسعي، وفي القول: "بالبكاء" نرى التقدير لقيمة النفس الغالية على قلب الرب والإحساس بحالتها ونرى حزن وانكسار النفس لأجلها، وفي القول: "حاملا مبذر الزرع" نرى الشيء الواجب استخدامه ألا وهو كلمة الله الوسيلة الوحيدة التي يستخدمها الروح القدس. وفي القول: "مجيئًا يجيء بالترنم"، نرى أن الفرح هو النتيجة الحتمية لرابح النفوس، وفي القول: "حاملا حزمه" نرى نتائج التعب والبكاء هو ربح لا نفسًا بل نفوسًا، ويجب أن لا ننسى أن "الَّذِينَ يَزْرَعُونَ بِالدُّمُوعِ يَحْصُدُونَ بِالابْتِهَاجِ" (مز126: 5).

الوسائل المستخدمة لربح النفوس:

أولاً: كلمته الحية الفعالة (إش55: 10، 11؛ عب4: 12؛ يع1: 18).

ثانيًا: الروح القدس الذي يفتح فم الكارز بالكلام ويفتح قلب السامع للإصغاء والإيمان (أع2؛ 16).

ثالثًا: مؤمنون مختبرون: إن الرب لا يستخدم أناسًا غير مختبرين خلاصه، لكنه يستخدم أناسًا مخلصين مختبرين، فإشعياء النبي على سبيل المثال لم يقل للرب: «هأَنَذَا أَرْسِلْنِي»، إلا بعد أن قال له الرب: «َانْتُزِعَ إِثْمُكَ، وَكُفِّرَ عَنْ خَطِيَّتِكَ» (إش6: 6-8) وأيضًا لم يأمر المجنون الذي تحرّر من الأرواح النجسة أن يذهب ويخبر إلا بعد أن حرّره ولم تذهب المرأة السامرية لتخبر مدينتها إلا بعد أن اختبرت خلاصه العظيم (مر5؛ يو4).

ولكل من وضع الرب على قلبه ربح النفوس، نقول:

1- اذهب ولا تخف، فالرب وعد أن يكون معنا إذا أطعنا وذهبنا (مت28: 19)، ويعمل لا بنا فقط ولكنه يعمل أيضًا معنا (مر16: 20).

2- اذهب مصليًا وعارفًا كتابك وما هي رسالتك. قال الرب: " «اِسْأَلُونِي عَنِ الآتِيَاتِ! مِنْ جِهَةِ بَنِيَّ وَمِنْ جِهَةِ عَمَلِ يَدِي أَوْصُونِي!" (إش45: 11؛ رو10: 17) والرسل: "لَمَّا صَلَّوْا تَزَعْزَعَ الْمَكَانُ الَّذِي كَانُوا مُجْتَمِعِينَ فِيهِ، وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَكَانُوا يَتَكَلَّمُونَ بِكَلاَمِ اللهِ بِمُجَاهَرَةٍ" (أع4: 31) ويقول الرسول بولس لتيموثاوس: "إِلَى أَنْ أَجِيءَ اعْكُفْ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَالْوَعْظِ وَالتَّعْلِيمِ" (1تي4: 13).  لقد كانت كلمة الله هي الوسيلة الوحيدة التي استخدمها الرسل والكنيسة الأولى في ربح النفوس (أع4: 29؛ 6: 4؛ 8: 4، 35). ثق في قوة الكلمة وسلطانها على الضمير وليكن شعارك مع الرسول بولس: "لأَنِّي لَسْتُ أَسْتَحِي بِإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ، لأَنَّهُ قُوَّةُ اللهِ لِلْخَلاَصِ لِكُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ" (رو1: 16).

3- اذهب متكلاً على إمكانيات الروح القدس التي لا تحد بحدود ولا تتكل على ذكائك أو إمكانياتك وقدراتك الشخصية واحترس من الأنا. قال الرب يسوع: «سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ» (أع1: 8).

4- اسلك بالقداسة ومخافة الرب لكي تكون مستعدًا لمجاوبة كل من يسألك عن سبب الرجاء الذي فيك (1بط3: 15)، أمرَ الرب: "تَطَهَّرُوا يَا حَامِلِي آنِيَةِ الرَّبِّ" (إش52: 11) وقال أيضًا: "السَّالِكُ طَرِيقًا كَامِلاً هُوَ يَخْدِمُنِي" (مز101: 6) ويقول الرسول بولس لتيموثاوس: " اِحْفَظْ نَفْسَكَ طَاهِرًا" (1تي5: 22؛ راجع 1تي4: 16).

5- اذهب ولك غيرة مقدسة لربح النفوس ومحبة قلبية شديدة للرب. لقد كان في قلب الرب غيرة شديدة على بيته وعلى أورشليم، فبكى عليها (يو2: 17؛ لو19: 41، 42). إني أتعجب كثيرًا من الذين يسعون للربح المادي، يخاطرون بأنفسهم ويسافرون من دولة إلى دولة، ونحن الذين يكلفنا الرب بربح النفوس متكاسلون! لقد كان في قلب الرسول بولس غيرة نحو خلاص بني جنسه لأنه كان يحب الرب وإياهم (رو9: 1-3). شيء رائع وجميل أن نقول ما قاله الرسول بولس: "وَأَمَّا أَنَا فَبِكُلِّ سُرُورٍ أُنْفِقُ وَأُنْفَقُ لأَجْلِ أَنْفُسِكُمْ" (2كو12: 15).

6- اذهب وكن أنت الرسالة قبل أن تتكلم بالرسالة، فالناس يرجون شخصًا يقول اتبعونا وليس اسمعونا. أوصى الرسول بولس قائلا: "كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِي كَمَا أَنَا أَيْضًا بِالْمَسِيحِ" (1كو11: 1).

7- كن نشيطًا غير متكاسل، فالموت لا يتكاسل في حصد أعمار الكثيرين، لذلك تقول كلمة الله: "أَنْقِذِ الْمُنْقَادِينَ إِلَى الْمَوْتِ، وَالْمَمْدُودِينَ لِلْقَتْلِ. لاَ تَمْتَنِعْ" (أم24: 11).  واعلم أن مجيء الرب قد اقترب فاذهب وخبّر قبل فوات الأوان.

نصائح من واقع الحياة:

ركز في حديثك عن مسيح اختبرته وليس على تعليم تبنيته.

صلِ قبل أن تتحدث وأثناء الحديث واختم حديثك بالصلاة.

ليكن حديثك من الكتاب المقدس وليس من كتب أخرى.

ليكن حديثك بأسلوب مفهوم ولغة بسيطة عميقة.

ليكن حديثك عن الرب المخلص خاليًا من التعصب والعصبية.

أظهر محبة عملية للذين تتحدث معهم، فالمحبة تربح دائمًا.

لا تترك من تحدثت إليهم من دون اتخاذ القرار بالقبول أو الرفض.

كن مبتسمًا وأنت تقدم رسالة الفرح.

لا يكن الغرض من حديثك أن يعرف الناس عن الرب، بل يجب أن تعرفهم بالرب.

لتكن رسالتك هداية للضالين وتعزية للمجربين ورجاء وأملاً للبائسين وشفاء للمنكسرين وشبعًا وارتواء للجياع والظمأنين واطمئنانًا للخائفين وقبولاً للمرفوضين ومحبة للمنبوذين.

ابعد عن المناقشات التي لا تبني، فأنت لست في معركة، من يغلب فيها!

لا تتدخل في أمور لا تعنيك ولا تضع وقتًا في أمور لا تبني.

كن محدد الهدف ولا تتحدث عن اختبارات الغير، ففيها ما هو صحيح وفيها ما هو مبالغ فيه.

قدم يسوع المخلص لسامعيك ولا تذهب بعيدًا في أمور السياسة والعالم.

ليكن الرب سندك، فالطريق لربح النفوس شائك وصعب، لكنه مربح ومريح ومعزٍ.

وأخيرًا أقول: كن رابحًا للنفوس وليس رابحًا للفلوس.

 


 

 

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com