عدد رقم 5 لسنة 2019
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
الكنيسة (1)  

مقدمة

"الكنسية" أروع وأعظم كيان روحي في الوجود بلا أية مبالغة.  ولهذا السبب حرص الوحي المقدس عن الحديث عنها بإسهاب في العهد الجديد.  وحرص ويحرص الشيطان على مواجهتها منذ تأسيسها يوم الخمسين وحتى الآن: من خارجها اضطهادًا عليها، ومن داخلها خصومات وانقسامات.  كيف لا وهي مسكن الله الروحي وإناء الشهادة له على الأرض في هذا العالم؟  ونحن في هذه المقالة سنتحدث عن مقدمة مبسطة قدر المستطاع عنها، وفي مقالات قادمة إن تأنّ الرب نتحدث بشيء من التفصيل عن صفاتها حسب كلمة الله.

ما هي الكنيسة؟:

"كنيسة" هي كلمة يونانية الأصل (إكليسيا) وتعني جماعة منفصلة خارجة (لغرض).  وقد ذُكرت في العهد الجديد بثلاثة معان:

في (أع7) عن شعب إسرائيل في البرية «هذَا هُوَ الَّذِي كَانَ فِي الْكَنِيسَةِ فِي الْبَرِّيَّةِ» وقد ذُكرت كذلك في هذه المرة الوحيده فقط.

في (أع19) «فَإِنَّهُ يُقْضَى فِي مَحْفِل شَرْعِيٍّ (كنيسة)» وتعنى محكمة قضائية معينة أو عليا، وقد ذكرت بالاتباط بهذه الفكرة هذه المرة الوحيدة فقط كذلك.

الكنيسة التي هي جماعة المؤمنين الحقيقيين بالمسيح، وهي التي ذكرت مرارًا عديدة في كتب العهد الجديد.

المعنى الروحي: أما بالمعنى الروحي (الثالث حسب ما ذكرناه سابقًا) فقد وردت أيضًا بثلاثة معان روحية مختلفة:

1-جماعة المؤمنين الحقيقيين بالمسيح منذ تأسيسها يوم الخمسين وحتى الاختطاف القريب، وهي التي يقال عنها مثلاً: «أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا» (أف5: 25) وهو ما يُطلق عليه (المعنى الشمولي).

2- جماعة المؤمنين الحقيقيين بالمسيح في مكان معين في فترة زمنية واحدة مثل: كنيسة الكورنثيين؛ الكنيسة التي في أفسس ... إلخ. وهو (المعنى المكاني).

3- جماعة المؤمنين الحقيقيين بالمسيح في كل العالم في لحظة زمنية معينة باعتبارهم يفرحون لفرح بعضهم ويحزنون لحزن بعضهم «فَرَحًا مَعَ الْفَرِحِينَ وَبُكَاءً مَعَ الْبَاكِينَ» ومتواصلين مع بعضهم البعض وهو (المعنى الزماني).

وسوف نتحدث بتركيز أكبر على المعنى الشمولي، وقد نتطرق إلى المعنى المكاني فيما سيلي من حديث.

الإشارة الأولى:

سيرًا مع المبدأ التفسيري المعروف أن الإشارة الأولى لأمر ما في الكتاب المقدس، تحدثنا عن الشيء الكثير عنه، فإنه يجدر بنا الوقوف سريعًا عند أول إشارة للكنيسة وردت في العهد الجديد في (متى 16) حيث نقرأ:

"وَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى نَوَاحِي قَيْصَرِيَّةِ فِيلُبُّسَ سَأَلَ تَلاَمِيذَهُ قِائِلًا: «مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا ابْنُ الإِنْسَانِ؟»
 
فَقَالُوا: «قَوْمٌ: يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ، وَآخَرُونَ: إِيلِيَّا، وَآخَرُونَ: إِرْمِيَا أَوْ وَاحِدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ».
 
قَالَ لَهُمْ: «وَأَنْتُمْ، مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟»
 
فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَقَالَ: «أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ!».
 
فَأجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لَمْ يُعْلِنْ لَكَ، لكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.
 
وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضًا: أَنْتَ بُطْرُسُ، وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا"

(مت 13:16-18).

وهنا نلاحظ ما يلي:

1-  المسيح أول من أعلن عن الكنيسة. هذا لأن الكنيسة كانت سرًا مكتومًا في الله ولم تأتِ عنها أية إشارة قديمًا في العهد القديم. كما أن الكنيسة هي في المقام الأول تخص المسيح فهو عريسها ورأسها وأساسها وكل شيء بالنسبة لها.

2-   المكان الذي تم فيه الإعلان عن الكنيسة هو في قيصرية فيلبس وهي في شمال فلسطين ونحو الجنوب من سوريا.  ولهذا دلالة واضحة أن الكنيسة ستضم مؤمنين من اليهود، ومن الأمم معًا.

3-  أساس الكنيسة هو الاعتراف بأن المسيح هو ابن الله الحي هذه هي الصخرة (الكبيرة) التي كانت (ستبنى ) عليها لاحقًا الكنيسة، (وليس بطرس الصخرة الصغيرة ولا غيره طبعًا من الرسل والقديسين الأفاضل مع كامل الاحترام لهم جميعًا).

4-  المسيح نسب الكنيسة في أول إعلان عنها لنفسه هو وليس لأي أحد آخر كائنًا من كان (كنيستي).  وعليه فلا يليق أن ينسب أحد الكنيسة لنفسه ولا لغيره.

5-  الكنيسة ستكون غرضًا لهجوم أعتى الرتب الشيطانية عليها على مر الزمان (أبواب الجحيم )، إلا أنه لأنها كنيسة الله؛ التي يقول عنها المسيح: "كنيستي".  فإن أبواب الجحيم هذه لن تقوى عليها.

6-   الإعلان عن أساس الكنيسة صار بهذا التعبير الجميل: "المسيح ابن الله الحي أي المسيح الأزلي والحقيقة، فإن الكنيسة هي في فكر الله كذلك منذ الأزل (أفسس 1 وغيرها).

7-  عبارة "أبني كنيستي" ترد بحسب الأصل في صيغة المستقبل "سأبني كنيستي".  فالكنيسة بُنيت وتأسست يوم الخمسين؛ أي بعد موت المسيح، وقيامته، وصعوده، ثم نزول الروح القدس يوم الخمسين لتأسيسها، أي أنها جاءت نتيجة موت المسيح وقيامته وصعوده، وهي مرتبطة لا بالمسيح المتضع، ولا بالمسيح المتألم، لكن بالمسيح الممجد في السماء أساسًا.

نكتفي الآن بهذه العجالة كمقدمة للموضوع، ثم نتطرق فيما سيلي من مقالات عن أبرز صفات الكنيسة وأصافها بحسب العهد الجديد كالتالي:

1-  الكنيسة جسد المسيح (1كو12) القرب الشديد.

2-  الكنيسة بيت الله (1تي3) النظام والترتيب.

3-  الكنيسة عروس المسيح (أف5) العلاقة الوثيقة.

4-  الكنيسة كمنارة (رؤ2ـ 3) النور والشهادة.

5-  الكنيسة كفلاحة الله (1كو3) المثابرة والصبر.

6-  الكنيسة كرعية الله (يو10 ، أف2) الوحدة والاتباع.

7-  الكنيسة كمدينة (رؤ21) الشريعة والحكم.

8-  الكنيسة كلؤلؤة (مت13) الغلاوة العظيمة.

9-  الكنيسة هيكل الله (1كو3) النمو والمجد.

10-   الكنيسة مسكن الله (رؤ21) الاكتمال والرفعة.

فإلى اللقاء في مقال جديد إن أذن الرب.

الرب معكم.

 

 

 


© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com