عدد رقم 4 لسنة 2019
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
سبع صور للكنيسة في العهد الجديد  

توصف الكنيسة في العهد الجديد بسبع صفات، تُرينا – على الترتيب – ما يجب أن تتميز به الكنيسة:

(1)    هيكل الله ... بيت روحي ... مسكن لله في الروح العبادة.

(2)    بيت الله ممارسة المسؤولية لاسيما تجاه الذين من داخل.

(3)    جسد المسيح وأعضاؤه الوحدة، وممارسة المواهب المختلفة لبنيان هذا الجسد.

(4)    المنارة المسؤولية تجاه العالم، أو الذين هم من خارج.

(5)    العروس الجمال والنضارة.

(6)    الزوجة ... امرأة الخروف أسمي علاقة جمعها الله.

(7)    المدينة المجد الإداري؛ أي السلطان والدينونة.

أولاً: هيكل الله - بيت روحي - مسكن لله في الروح ...

العبادة

«أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُفْسِدُ هَيْكَلَ اللهِ فَسَيُفْسِدُهُ اللهُ، لأَنَّ هَيْكَلَ اللهِ مُقَدَّسٌ الَّذِي أَنْتُمْ هُوَ» (1كو3: 16، 17).

«مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ، الَّذِي فِيهِ كُلُّ الْبِنَاءِ مُرَكَّبًا مَعًا يَنْمُو هَيْكَلاً مُقَدَّسًا فِي الرَّبِّ. الَّذِي فِيهِ أَنْتُمْ أَيْضًا مَبْنِيُّونَ مَعًا، مَسْكَنًا لِلَّهِ فِي الرُّوحِ» (أف2: 20-22).

«كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا مَبْنِيِّينَ - كَحِجَارَةٍ حَيَّةٍ - بَيْتًا رُوحِيًّا، كَهَنُوتًا مُقَدَّسًا، لِتَقْدِيمِ ذَبَائِحَ رُوحِيَّةٍ مَقْبُولَةٍ عِنْدَ اللهِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ» (1بط2: 5).

هذا الهيكل يسكن فيه الله بالروح، ويتكون من حجارة حية، ويُمارس فيه الكهنوت المقدس لتقديم الذبائح الروحية.  وهذا بدوره يُشير تلميحًا إلى حجارة الهيكل (أو البيت) الحرفي الذي بناه سليمان من الحجارة التي كانت تُقطع في الجبل في محاجرها الطبيعية، وتُسوى جوانبها، ثم تُنقل إلى الهيكل في أورشليم في جبل المريا (1مل5: 17؛ 7: 9-12؛ 2أخ3: 1).

وتجدر الملاحظة أنه يوجد نوعان من الكهنوت بالنسبة للمؤمنين:

(1)     كهنوت مُقدَّس (1بط2: 5)، ويتجه إلى علاقتهم بالله من حيث السجود، وتقديم الذبائح الروحية.

(2)     كهنوت ملوكي (1بط2: 9)، من حيث علاقتهم بالناس، بالارتباط مع السلوك بينهم، وإخبارهم بفضائل الذي دعانا من الظلمة إلى نوره العجيب.

ثانيًا: بيت الله ... ممارسة المسؤولية لاسيما تجاه الذين من داخل

يتكلِّم هذا الوصف عن جانب المسؤولية والتصرف الحسن في بيت الله لكي يُحفظ في سلام ولياقة، وبحسب ترتيب وقداسة (1كو14: 33، 40؛ مز93: 5؛ 1كو11: 26)، ولذلك يتضمن التأديب الكنسي، وكذلك رفع الحق والمحافظة عليه باعتبار الكنيسة هي عمود الحق وقاعدته.

لكن ذلك البيت يُقدمه الكتاب، إما في الوضع الحسن باعتباره «بيت الله»، أو في وضع التشويش منظورًا إليه على أنه «بيت كبير» (1تي3: 15؛ 2تي2: 20-22)، حاويًا آنية للكرامة وأخرى للهوان، الأمر الذي دفع الرسول بولس إلى تحريض الشخص الأمين على تطهير نفسه (وليس البيت الكبير)، بالانفصال عن أواني الهوان، واتباع البر والإيمان والمحبة والسلام، مع الذين يدعون الرب من قلب نقي.  والرسول بطرس أشار إلى ضرورة تداخل الله بالقضاء في بيته، رغمًا عن كل هذا التشويش (1بط4: 17).

ثالثًا: جسد المسيح وأعضاؤه ... الوحدة،

وممارسة المواهب المختلفة لبنيان هذا الجسد.

«الْكَنِيسَةِ، الَّتِي هِيَ جَسَدُهُ، مِلْءُ الَّذِي يَمْلأُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ» (أف1: 22، 23).

«فَإِنَّهُ لَمْ يُبْغِضْ أَحَدٌ جَسَدَهُ قَطُّ، بَلْ يَقُوتُهُ وَيُرَبِّيهِ، كَمَا الرَّبُّ أَيْضًا لِلْكَنِيسَةِ.  لأَنَّنَا أَعْضَاءُ جِسْمِهِ، مِنْ لَحْمِهِ وَمِنْ عِظَامِهِ» (أف5: 29، 30).

وتتعلَّق تلك الصفة بمسؤولية المواهب المختلفة لبنيان هذا الجسد (رو12؛ 1كو12؛ 1كو14؛ أف4)، حيث المسيح هو رأس الجسد؛ الكنيسة.  لكن صفة ممارسة المؤمنين الوظيفية باعتبارهم أعضاء جسد المسيح سوف تبطل عند رقادهم الآن أو عند الاختطاف، لانتهاء عمل المواهب.

ونلاحظ أنه عندما يتكلَّم الرسول عن المواهب الروحية، يربطها بجسد المسيح كما نرى في ا كورنثوس12.  والكنيسة هي جسد المسيح على الأرض (أف1: 23)، المُكوَّن من جميع المؤمنين الأحياء، مرتبطين معًا في وحدة لا تتجزأ.

رابعًا: المنارة ... المسؤولية تجاه العالم، أو الذين هم من خارج

يتكلَّم يوحنا الرائي عن الكنيسة عن كونها لها «سَبْعَ مَنَايِرَ مِنْ ذَهَبٍ» (رؤ1: 12؛ رؤ2، 3).  وذلك الوصف يرتبط أيضًا بالمسؤولية من جهة كونها شاهدة (أي شهادة جماعية متحدة)، على «عَلَى ظُلْمَةِ هَذَا الدَّهْرِ»، وعلى «أَعْمَالِ الظُّلْمَةِ غَيْرِ الْمُثْمِرَةِ» (أف6: 12؛ 5: 11)، لاسيما بغضة العالم للمسيح، وصلبهم إياه.  الأمر الذي تتحدث عنه رمزيًا ذكرى موت الرب (1كو11: 26)؛ أي أسباب وأحداث موته.  والروح القدس - الساكن في الكنيسة – هو الذي – وعن طريقها – يُبكت العالم ويُظهر مدى شره (يو16: 8-11).

وقبل تكوين الكنيسة ومسؤوليتها الآن كالمنارة، كان الرب يسوع المسيح، باعتباره النور الحقيقي هو «نُورُ الْعَالَمِ» (يو9: 5)، الذي شهد على ”أعمال العالم الشريرة“ (يو3: 19-21؛ 7: 7).  والآن هي مسؤولية الكنيسة تجاه العالم أو «مِنْ جِهَةِ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَارِجٍ» (كو4: 5؛ 1تي3: 7؛ 1تس4: 12).

خامسًا: العروس (The Bride) ... الجمال والنضارة

 رأى الرسول يوحنا الكنيسة في صفتها ”كعروس“ مرتين؛ في مشهد الملك الألفي (رؤ21: 9-27)، ثم في الحالة الأبدية التي ستلي الملك (رؤ21: 1-8).  ومعنى ذلك أنها ستبقى – أي الكنيسة – كعروس في كامل بهائها، لا يُغيّر الزمن شيئًا من زينتها ونضارتها، ولا يعتريها آثار الشيخوخة، المُعبَّر عنها ”بالغَضْنَ“ (أف5: 27)، لأنها اتحدت بعريسها الذي تبقى «قُصَصُهُ مُسْتَرْسِلَةٌ حَالِكَةٌ كَالْغُرَابِ»، أي لا يخالطه الشيب الذي يُشير إلى الشيخوخة والوهن (نش5: 11).

والعلاقة العرسية – أو العلاقة بين العريس والعروس – العلاقة التي يستخدمها الوحي المقدس لتصوير العلاقة بين الرب يسوع وبين شعبه، هي علاقة تتسم بما يلي:

(1)   علاقة محبة (أف5: 25-33).

(2)   علاقة فرح (إش62: 5).

(3)   علاقة شركة (تك2: 18).

(4)   علاقة ثابتة، أبدية، لا تنفصم عراها (هو2: 19).

سابعًا: الزوجة - امرأة الخروف (The Wife Of The Lamb) ...

أسمى علاقة جمعها الله

عندما قال الله قديمًا عن آدم الأول: «لَيْسَ جَيِّدًا أَنْ يَكُونَ آدَمُ وَحْدَهُ، فَأَصْنَعَ لَهُ مُعِينًا (أي شريكًا، ومستودعًا لعواطفه وأسراره) نَظِيرَهُ» (تك2: 18؛ أف5: 31، 32)، كان الله أساسًا يقصد ابنه؛ آدم الأخير، أن لا يكون وحده، بل تكون الكنيسة ”مِلْئُهُ“، بالرغم مِن أنه «الَّذِي يَمْلأُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ» (أف1: 23)، مثلما أظهر آدم سلطانه في الجنة مِن حيث تسمية الخلائق الأخرى، وإعطاء الكيان لها.

وتجدر الملاحظة أن التعبير «الْعَرُوسَ امْرَأَةَ الْخَرُوفِ» (رؤ21: 9)، يفيد أنه التزم أن يُذبح حتى يُمكنه أن يحصل عليها.

والتعبيران «الْعَرُوس» و«امْرَأَة الْخَرُوفِ»، تعبيران رمزيان يكشفان عن علاقة روحية بكل ما فيها من عواطف مقدسة، وامتيازات ومسؤوليات.

وتعبير «الْعَرُوس» (The Bride) يرتبط بمباهج وأفراح يوم الزفاف.  بينما تعبير «امْرَأَة الْخَرُوفِ» (The Wife Of The Lamb)  يحمل معنى الشركة الناضجة الدائمة.

وصحيح لا يُقال عن المؤمن الفرد إنه عروس المسيح، لكن على كل مؤمن بمفرده أن يُنمي عنده مشاعر هذه الصفة، ويُظهر في سلوكه مميزات هذه العلاقة السامي المُقدَّسة.

وينبغي أن نحرص جدًا عندما نستعمل هذين التعبيرين «الْعَرُوس» و«امْرَأَة الْخَرُوفِ»، أن يكون لنا ”الذهن الروحي“.  و”روح الحق“ هو وحده الذي يستطيع أن يدخل بنا إلى الدوائر السماوية لمعانيهما.

سابعًا: المدينة ... المجد الإداري؛ أي السلطان والدينونة

(رؤ21: 2، 10؛ يو17: 22)

يرتبط ذلك بطابع الحكم والإدارة على العالم العتيد؛ أي الملك الألفي، موضوع الكلام الكثير عند الأنبياء (1كو6: 2؛ رؤ2: 26؛ 3: 21؛ 20: 4؛ مز49: 14؛ دا7: 9، 18، 22؛ عب2: 5).

وفي دانيآل 7 نجد نوعين من القديسين:

(1)    قِدِّيسُو الْعَلِيِّ «أَمَّا قِدِّيسُو الْعَلِيِّ فَيَأْخُذُونَ الْمَمْلَكَةَ وَيَمْتَلِكُونَ الْمَمْلَكَةَ إِلَى الأَبَدِ وَإِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ .. حَتَّى جَاءَ الْقَدِيمُ الأَيَّامِ، وَأُعْطِيَ الدِّينُ لِقِدِّيسِيِ الْعَلِيِّ، وَبَلَغَ الْوَقْتُ، فَامْتَلَكَ الْقِدِّيسُونَ الْمَمْلَكَةَ» (دا7: 18، 22).  وهؤلاء هم القديسون السماويون؛ أي الكنيسة ومؤمنو العهد القديم وشهداء الأسبوع الأخير.

(2)    شَعْبِ قِدِّيسِي الْعَلِيِّ «وَالْمَمْلَكَةُ وَالسُّلْطَانُ وَعَظَمَةُ الْمَمْلَكَةِ تَحْتَ كُلِّ السَّمَاءِ تُعْطَى لِشَعْبِ قِدِّيسِي الْعَلِيِّ.  مَلَكُوتُهُ مَلَكُوتٌ أَبَدِيٌّ، وَجَمِيعُ السَّلاَطِينِ إِيَّاهُ يَعْبُدُونَ وَيُطِيعُونَ» (دا7: 27).  وهؤلاء هم رعايا الملك الألفي، وهم البقية التقية (إسرائيل)، ومعهم الأمم الذين أحسنوا إليهم زمان الضيقة (الخراف).

وأعتقد أنه حيثما يُشير الوحي إلى المدينة، فإنه يقصد رمزيًا الكنيسة في طابعها القضائي على الأرض، وسوف يُستعلن هذا الطابع في صورته الكاملة في مشهد الملك الألفي «الْمَدِينَةَ الْعَظِيمَةَ أُورُشَلِيمَ الْمُقَدَّسَةَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ، لَهَا مَجْدُ اللهِ، وَلَمَعَانُهَا شِبْهُ أَكْرَمِ حَجَرٍ كَحَجَرِ يَشْبٍ بَلُّورِيٍّ» (رؤ21: 10).  إنه مشهد الكنيسة المُمجَّدة في الملك الألفي.  وهذا الطابع يظهر في صورة مكررة مثلاً في تكرار رقم 12 وهو يرمز إلى مباشرة السلطان المطلق، كما باشره الرب مثلاً في الأسباط الاثني عشر (مز122: 5؛ تث16: 18؛ را4: 1، 2).

     وهكذا نرى الكنيسة متميزة: (1) بالعبادة. (2) ممارسة المسؤولية لاسيما تجاه الذين هم من داخل.  (3) الوحدة، وممارسة المواهب المختلفة لبنيان هذا الجسد.  (4) المسؤولية تجاه العالم، أو الذين هم من خارج.  (5) الجمال والنضارة.  (6) أسمى علاقة جمعها الله.  (7) المجد الإداري؛ أي السلطان والدينونة.


© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com