لم يختلف اثنان
من الذين حضروا هذا الحفل في أن ما حدث هو أمر لم يتكرر من قبل، وأغلب الظن أنه لن
يتكرر مرة أخرى، فالذي جرى كان بالفعل شيئًا مثيرًا للغاية. وإليك تفاصيلَ ما حصل يا صديقي:
اكتظ المكان
بالمشاهدين الذين جاءوا من كل صوب، وكلهم أمل ولهفة في التمتع بموسيقى راقية
تعوضهم عما دفعوه من مال ليس بقليل، ثمنًا لحضور هذه الحفلة الموسيقية. خرج الموسيقار ووقف على خشبة المسرح، ورُفِعَت
الستارة عنه. وعندما رأى الجمهور
الموسيقار الإيطالي العالمي ”باجنيني“، صفقوا لـه بحرارة مدةً طويلة، تحية لـه. وبعد التصفيق الحار، ساد الصمت القاعة، وبدأ
الموسيقار بضبط أوتار كمانه. وكانت
المفاجأة التي لم يتوقعها أحد حتى ”باجنيني“ نفسه! قُطِع الوتر الأول من الكمان، ولما أخذ يضبط
الوتر الثاني، قُطِعَ منه أيضًا، ومن ثم قُطِعَ الوتر الثالث. ولم يبق إلا وتر واحد فقط. ساد عندها صمت غريب في المكان، إذ لم يصدق أحد
ما حدث، وتوَّقع الكل وقتها أن تُلغى الحفلة، لأن الموسيقار كان يحب أن يعزف على
الكمان خاصته فقط. ولكن ما حدث كان عكس
ذلك، إذ تمالك ”باجنيني“ نفسه، وهدّأ من روع الجمهور المتوتر، وحدَّثهم قائلاً: ”وتر
وحيد سليم، فليكن فهو على الأقل، خير من أن لا يكون الكمان بلا أوتار“. ومن هذا الوتر - ويا للعجب - خرجت موسيقى عذبة
غاية في الروعة، ودقة في العزف، أدهشت الحضور جميعًا، ولم يصدقوا أنه يمكن أن تخرج
كل هذه الموسيقى من وتر وحيد فقط. وما كان
من المشاهدين بعد ما أنهى الموسيقار الكبير عزفه، إلا أن وقفوا وأخذوا يصفقون بشدة
لـه على ما فعل.
صديقي الشاب:
ربما يكون قد اختفى
من حياتك كل مصدر ومظهر للفرح والسعادة. وربما تكون يأست من نفسك ومن الآخرين. لكني أشجعك أن تترك نفسك بين يدي الرب يسوع، ذاك
العازف الماهر، فهو الذي يستطيع أن يخلقك إنسانًا جديدًا مُخلَّصًا بالنعمة، ومُغتسلاً
بدمه الكريم. وهذا ما سيجعل حياتك لحنًا
دائمًا، وأنشودة لا تنتهي.
«ذلِكَ وَإِنْ كُنْتُمْ لاَ تَرَوْنَهُ الآنَ،
لكِنْ تُؤْمِنُونَ بِهِ، فَتَبْتَهِجُونَ بِفَرَحٍ لاَ يُنْطَقُ بِهِ وَمَجِيدٍ« (1بط 1: 8).
أسرة التحرير