عدد رقم 4 لسنة 2019
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
فراغ x فراغ  


الحقيقة إني أتعجب أن يعاني شخص من فراغ الوقت في عصر يتسم كل ما فيه بالسرعة، ولو توقف شخص في مكانه، لتأخّر عن الركب، لذا يجب أن نقدّم تحذيرًا ونصيحة لمن يعانون من فراغ الوقت، وهو إن العقل الفارغ معمل للشيطان، فلعلنا نذكر أن وقت الفراغ عند الملك داود كان علة سقوطه، فلقد كان نائمًا على السرير وإذ لم يجد شيئًا ليفعله، قام عن السرير وتمشّى على السطح، وكان هذا بداية السقوط المُريع. والمؤسف في القصة أن داود كان عنده فراغ لا  لسبب عدم وجود شيء يقوم به، فالحرب مع العدو كانت مستعرة، لكنه فضل الراحة، وتقاعس عن القيام بالدور المنوط به، كملك يقود الشعب في الحرب (حسب عادة الملوك قديمًا).  من هنا نستنتج أن ضغط العمل والوقت إيجابياته أكثر من سلبياته، حتى وإن كان على حساب راحة الجسد وقلة وقت النوم، فالمبدأ سيظل قائمًا «إِنَّ مَنْ تَأَلَّمَ فِي الْجَسَدِ، كُفَّ عَنِ الْخَطِيَّةِ» (1بط4: 1).  ولعلنا نذكر كيف أن مشغولية يوسف في بيت فوطيفار بالعمل كانت سببًا من أسباب النصرة، إذ كان مشغولاً جدًا في العمل للدرجة عندما كان العدو ينصب له الشباك في البيت كان ذهنه مشغولاً «دَخَلَ الْبَيْتَ لِيَعْمَلَ عَمَلَهُ» (تك39: 11). 

وعن كيفية إدارة الوقت والاستغلال الجيد له ننصح:

(1) في نهاية اليوم خططْ لليوم التالي، واكتبْ في ورقة أو أي وسيلة ما لم يمكنك عمله في اليوم المنتهي وكنت تحتاج لمزيد من الوقت له، وتنتظر اليوم الجديد الذي سيبدأ ليكون من ضمن برنامج يومك.  نذكر هذا لأنه عادة مع بداية اليوم مع خمول الذهن في النوم، البعض لا يكون عنده حتى مجرد القدرة على التفكير وترتيب الأمور.

(2) لو لم يكن لديك بحسب الظاهر الكثير من الأمور لتعملها، حاول أن تخلق لنفسك برامج مفيدة تخدم حياتك المستقبلية على النطاق الروحي أو الزمني، فأخذ كورسات دراسية أو عمل دراسات في كلمة الله أو قراءة كتاب نافع أو ممارسة هوايات مفيدة، هذا بالتأكيد سيجعلك تشعر بالراحة الداخلية لتحقيق شيء ذات فائدة من وراء تمضية الوقت.

(3) الرياضة الجسدية نافعة، ولك الحق أن تستغل وقت الإجازات في ممارسة الرياضة النافعة للجسد، لكن تذكرْ أنها نافعة لقليل، إذ ترتبط فائدتها بهذا الزمان المحدود فقط، لكن هناك رياضة أكثر فائدة وهي التقوى، إذ لها موعد الحياة الحاضرة والعتيدة، فمن المهم أن نروض أنفسنا لها.

(4) احترز من لصوص الوقت المتمثلة في مقاطعات الناس لبرنامج لحياتك، أو الميديا بكافة صورها، فإن كان من الصعب عمل صيام إلكتروني، إلا أن تحديد أوقات التعامل مع الميديا والدخول لشبكة الإنترنت مطلب أساسي لمن يريد استثمار وقته بأفضل طريقة.

(5) تذكر أن الوقت الزائد لا يمكن الاحتفاظ به، مثلما نحتفظ بالمأكولات الزائدة بالثلاجة لنستفيد بها في يوم تالٍ، لكن الوقت من المحتم أنه سيمضي، لهذا أوصانا الكتاب بالقول: «مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ لأَنَّ الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ» (أف5: 16).  وكلمة ”مُفْتَدِينَ“ تأتي بمعنى ”مقتنصين الفرص“، وذلك بمضاعفة الجهد لاستغلاله بطريقة أفضل ما يمكن، فالفرص المتاحة عندما تنتهي لن تعود.

(6) اجمعوا الكسر مبدأ عملي يطبقه الناجحون عندما يقومون بجمع الوقت الهادر في المواصلات أو أوقات الانتظار، وقضائه في شيء نافع بدلاً من أن يجعلوه يمر بدون فائدة.  فبطرس كان في يوم من الأيام في بيت سمعان الدباغ، ينتظر أن يجهزوا له الطعام، وكان على السطح يُصلي، وكذلك الخصي الحبشي كان يسافر بالمركبة راجعًا من أورشليم للحبشة، وكان يقرأ في كتاب سفر إشعياء، أثناء وقت السفر ومن خلال قراءته تكلّم إليه الرب.

أخيرًا، تذكرْ أن حصاد الغد هو نتيجة زرع اليوم، فهناك الكثيرون في مرحلة الشباب يسهرون الليالي، ويزرعون بالدموع، يتدربون في السر، ويومًا ما سيلمعون.  هؤلاء هم رواد المستقبل، خدام مؤثرون، سيكونون سهامًا مبرية بيد جبار.  ليتك تكون واحدًا منهم!


© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com