عدد رقم 5 لسنة 2018
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
رحلة عائلة مقدسة  


   درج استعمال لقب "العائلة المقدسة" للإشارة إلى العائلة المكونة من يوسف البار والمطوبة مريم وطفلهما الفريد يسوع، كما درج استعمال "رحلة العائلة المقدسة" للإشارة إلى تلك الرحلة المضنية التي قطعتها هذه الرحلة من أرض اليهودية إلى مصر هروبًا من بطش هيرودس ملك اليهود.

   كانت هذه العائلة مقدسة للرب بالتمام، والكتاب يذخر بأمثلة لبيوت – وليس فقط أفراد – كانت مقدسة للرب، كبيت عمرام ويوكابد وبيت يشوع وبيت ألقانة وحنة في العهد القديم.  وفي العهد الجديد نري بيت سمعان الأبرص وبيت أكيلا وبريسكلا وغيرهم.

   لم تكن الرحلة إلى مصر هي الرحلة الوحيدة التي قامت بها هذه العائلة المقدسة، فسبقها رحلة أخرى كانت أيضا شاقة عندما رحلوا من الناصرة إلى بيت لحم بموجب أمر الاكتتاب وهناك تمت أيام المطوبة مريم وولدت الطفل يسوع، وتلتها رحلة إلى الهيكل في أورشليم (لو2: 22 -24) لتتميم شريعتي التطهير لمريم وتقديس طفلهما البكر يسوع للرب، ويخبرنا الكتاب أنه في كل سنة، كانا – يوسف ومريم – يصعدان إلى أورشليم في عيد الفصح (لو2: 41).

   وأود أن أتوقف معك عزيزي القارئ في بعض ملامح القداسة التي ميزت هذه العائلة والتي ظهرت فيما هو مدون عن رحلاتهم إلى أورشليم في لو2: 22 – 24، 41-52

أولاً: عائلة مقدسة تحب بيت الرب:

لا شك أن هذا الحرص المقدس على الصعود لبيت الرب كل سنة إنما ينم على محبة لبيت الرب، ما أجمل لغة شعب الرب في ترنيمات المصاعد (مز 120 – مز 134) التي كانوا يرنمونها أثناء صعودهم لبيت الرب.  كانوا يفرحون في طريقهم لبيت الرب «فرحت بالقائلين لي إلى بيت الرب نذهب» (مز 122: 1)، ومتى وصلوا كانوا يشتاقون للمكوث هناك «هوذا ما أحسن وما أجمل أن يسكن الإخوة معًا» (مز 133: 1).  وهكذا تظهر قداستنا في تقديرنا لكنيسة الله (بيت الله الروحي) ولاجتماعات الكنيسة حول الرب.  وما أحلى أن نوجد في محضر الله، ليس فقط كأفراد بل أيضا كعائلات.

ثانيًا: عائلة مقدسة تحترم كلمة الرب:

الآيات22 ، 23، 24، 39 تظهر احترام هذه العائلة للمكتوب على النحو التالي:

22 «حَسَبَ شَرِيعَةِ مُوسَى» 23 «كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ» 24 «كَمَا قِيلَ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ» 39 «أَكْمَلُوا كُلَّ شَيْءٍ حَسَبَ نَامُوسِ الرَّبِّ».

ونرى فيها القداسة الحقيقية التي تظهر في معرفة المكتوب والتدقيق في تطبيقه والعمل به.

كانوا يعرفون جيدا شريعة التطهير بعد الولادة (لا 12) وختن كل ذكر في اليوم الثامن (لا12: 3) وقدموا محرقة وذبيحة خطية للتكفير عن مريم كما أمرت الشريعة (لا12: 8).

تعلموا الكلمة وحرصوا على تطبيقها ولم تستثني المطوبة مريم نفسها من حكم الشريعة عليها بوجوب تطهيرها بعد الولادة.

وكانوا يعرفون جيدا ما يقوله الكتاب بشأن " تقديس البكر" كما جاء في خر13 وأطاعوا.

كانوا يعرفون الوصية الإلهية بشأن الصعود إلى أورشليم في عيد الفصح (تث16: 16)

ونحن لا يمكن أن نحيا بالقداسة إلا إذا كانت لنا مثل هذه العلاقة بالكلمة.  نحن نحتاج إلى كل الكتاب لأنه «موحي به من الله ونافع لكي يكون إنسان الله كاملا متأهباً لكل عمل صالح» (2تي3: 16).

ما أحوجنا لعمل كلمة الله في تقديس حياتنا وعائلاتنا!

هذه العائلة المقدسة تذكرنا بعائلة ألقانة الذي كان «يَصْعَدُ مِنْ مَدِينَتِهِ مِنْ سَنَةٍ إِلَى سَنَةٍ لِيَسْجُدَ وَيَذْبَحَ لِرَبِّ الْجُنُودِ فِي شيلوه» (1صم1: 3).

ثالثًا: عائلة مقدسة تحترم العلاقات التي رتبها الرب:

- علاقة مريم ويوسف بالطفل يسوع:

  اعتبرت مريم ويوسف أن الطفل يسوع قدسًا للرب (ع22): «صَعِدُوا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيُقَدِّمُوهُ لِلرَّبِّ».

طلب الرب يومًا من إبراهيم أن يقدم ابنه على المذبح وأطاع إبراهيم، واليوم يطلب الرب منا كآباء أن نقدس له أولادنا (خر13: 1)، وأن نزرع فيهم كلمة الله.

كانت الحالة بالنسبة للطفل يسوع مختلفة فهو لم يتقدس فعليًا بما عمله أبواه له في الهيكل، ولم يكن نذيرًا، بالمعنى الرمزي، من بطن أمه كيوحنا المعمدان أو شمشون أو صموئيل بل هو القدوس قبل مولده.  لم يكن محتاجًا لأن يتعلم من يوسف ومريم، لأنه المعلم وليس مثله، لكن ما أريد أن أؤكد عليه هنا هو التوجه المقدس ليوسف ومريم في اعتبار طفلهما ملكًا للرب.

   كان هذا الابن الفريد مقدسًا بالتمام لفعل إرادة أبيه، فأولى العبارات المسجلة له هي «.. أَلَمْ تَعْلَمَا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَكُونَ فِي مَا لأَبِي؟» (لو2: 49).  ومع ذلك قال عنه الكتاب وهو صبي إنه «كان خاضعًا لهما».  وحسنا نفعل كآباء أن نفهم شخصيات أبنائنا ولا نحدد لهم مسارًا إجباريًا ليسلكوه، بل نفهم تميزهم الذي خلقوا عليه ونجتهد أن نربيهم في الطريق الخاص بهم كما قصد الله لهم (أم 22: 6) «رب الولد في طريقه فمتى شاخ أيضًا لا يحيد عنه».

- علاقة يوسف ومريم ببعضهما البعض:

    تميزت هذه العلاقة بالمحبة القوية من جانب يوسف الذي لم يتخلَ عن مريم في أصعب الظروف، ومريم كانت تخضع ليوسف وتكرمه كرأسها فلم تذكر نفسها أولا بل قدمت يوسف عندما قالت «هوذا أبوك وأنا كنا نطلبك معذبين».

                                                                                       عماد ثروت

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com