عدد رقم 5 لسنة 2018
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
الكنيسة في المُلك الألفي (1)  

مدينة سماوية تحكم الشعوب الأرضية

(رؤ21: 9 – 27)

   «هلم فأريك العروس امرأة الخروف، وذهب بي بالروح إلى جبل عظيم عال، وأراني المدينة (العظيمة)، أورشليم المقدسة نازلة من السماء من عند الله» (ع9، 10).

   إن العروس على النقيض تمامًا من بابل الزانية العظيمة في أصحاح 17، 18 التي تُمثل المسيحية الإسمية المرتدة.  وهنا يستعرض الروح القدس أمامنا الكنيسة كالعروس في أمجادها وعلاقتها بالأرض في مدة المُلك الألفي حيث ستشارك المسيح في مجده وفي عرشه، وعلاقتها به كامرأة الخروف هي علاقة أبدية مستقرة.  والكنيسة سماوية في طبيعتها طبقًا لمقاصد الله، ولها مركز متميز في الحالة الأبدية وفي الملك الألفي. 

   كان من اللائق أن يُحمَل يوحنا بالروح إلى جبل عظيم عال لكي يرى العروس.  لأن المناظر المجيدة لا تُرى إلا من القمم العالية.  والنص هنا في هذا الجزء لا يصف الكنيسة في الحالة الأبدية، فهذا نراه في (رؤ21: 2، 3)، بل في علاقتها بالمشهد الألفي.  وهذا واضح من الإشارة إلى أسباط بني إسرائيل الاثني عشر (ع12)، والأمم التي ستُشفى وتخلص (ع26)، وملوك الأرض (ع24).  لذلك عندما يرى يوحنا المدينة نازلة من السماء من عند الله (ع10)، فإنه يراها تنزل لكي تتبوأ مكانتها في الأرض الألفية في بداية المُلك.  وعندما رآها تنزل في (ع2) كان ذلك في بداية الحالة الأبدية.  في الأبدية «مُهيَّأه كعروس مزينة لرجلها» (ع2).  ونلاحظ أن كلمة العظيمة (ع10) ليست موجودة في الأصل.  فهذا وصف بابل.  أما الكنيسة فتوصف بأنها «المقدسة»، «ولها مجد الله»، وليس مجد الإنسان.

   الكنيسة في الملك الألفي مشبهة بامرأة ومدينة.  كعروس هي موضوع حبه، وكمدينة ستكون المركز لممارسة حُكمه. 

   «لها مجد الله ولمعانها شبه أكرم حجر كحجر يشب بللوري» (ع11).  إنها نازلة من السماء لتنير على الأرض كالنجم الساطع، ويُشبَّه نورها بأكرم حجر يشب بللوري.

   كان هذا موضوع رجاء الكنيسة (رو5: 2).  هنا نراه قد تحقق حيث تعكس الكنيسة مجد الله للعالم.  فكما كانت الكنيسة لمدح مجد نعمته في الزمان الحاضر، ستكون لمدح مجده في المستقبل (أف1). 

   «ولمعانها شبه أكرم حجر كحجر يشب بللوري».  يوصف حجر اليشب بأنه أكرم حجر لأنه يشير إلى مجد الله الجالس على العرش.  «وكان الجالس في المنظر شبه حجر اليشب» (رؤ4: 3).  ويُذكر حجر اليشب ثلاث مرات في هذا الأصحاح: (ع11) كلمعان المدينة، و(ع18) كحمى المدينة «السور من يشب»، و(ع19) كالأساس لسور المدينة «الأساس الأول يشب».  وهكذا نرى أن ضياء العروس هو مجد الله.  

   «وكان لها سور عظيم وعال، وكان لها اثنا عشر بابًا، وعلى الأبواب اثنا عشر ملاكًا، وأسماء مكتوبة هي أسماء أسباط بني إسرائيل الاثني عشر» (ع12).

   الآيات من 12 – 21 مشغولة بوصف السور والأبواب وأساسات السور والمدينة نفسها.

   يتكلم (ع12) عن سور المدينة وعن أبوابها، وهنا يُذكر وصف السور، وفي (ع17) يُذكر مقاسه، وفي (ع18) تُذكر مادة بناؤه، وفي (ع19، 20) تُذكر أساساته.

   يوصف السور بأنه عظيم وعال، وفي (ع17) يُذكر أنه 144 ذراعًا (12× 12).  هذه المقاسات ليست حرفية لأن رقم 12 هو رقم رمزي يتكلم عن الحُكم والإدارة بالارتباط بالأرض.  وهنا الحكم الكامل الذي لا يسمح مطلقًا بالشر.  ويتكرر رقم 12 في هذا الأصحاح 6 مرات.

   السور يحيط بالمدينة من جميع الجهات إشارة إلى كمال الأمن والانفصال عما هو خارجها، فلا تستطيع قوة معادية أن تقتحمه.  فالشر مُستبعد تمامًا.  هذا السور المجيد يعكس المجد معلنًا حماية الله الكاملة للمدينة.  وهو يستقر على اثني عشر أساسًا كل منها حجر كريم واحد نادر في البهاء وعظيم في القيمة.  والاثنا عشر حجرًا تكون مجموعة ثمينة باهرة لا يمكن أن يُقارن بها أي أساس على الأرض.  وعلى الأساسات الاثني عشر أسماء رسل الخروف الاثني عشر (ع14).  وهذا يُذكرنا بقول الرسول مبنيين على أساس الرسل (أف2: 20).  هذا يؤكد أن المدينة تُمثل الكنيسة بشكل رمزي.  على أن الأساس الحقيقي الذي وضعه الرسل هو المسيح نفسه فإنه «لا يستطيع أحد أن يضع أساسًا آخر غير الذي وُضع الذي هو يسوع المسيح» (1كو3: 11).  إذًا فالأحجار الكريمة المتنوعة التي تزين أساسات سور المدينة بل التي يتكون منها السور (حجر لكل أساس) إنما تشير إلى كمالات وأمجاد المسيح المتنوعة.  الحجر الأول مزين باليشب (ع19) وهو يصف الله ذاته في عرشه.  ولكن كل حجر يعكس بطريقة خاصة ألوان الطيف التي تكون الضوء.  وأساسات المدينة نفسها تتلألأ بنور الله، ولكن منعكسة من السماء لكي يستطيع الناس أن يروا أطيافها على الأرض.

   وهنا أيضًا نرى المدينة التي لها الأساسات والله هو صانعها وبارئها.  ومرة أخرى يظهر الرقم 12 كعدد للأساسات، وعلى كل منها اسم لأحد رسل الخروف الاثني عشر (ع14).

   «وكان لها اثنا عشر بابًا، وعلى الأبواب اثنا عشر ملاكًا، وأسماء مكتوبة هي أسماء أسباط بني إسرائيل الاثني عشر.  من الشرق ثلاثة أبواب ومن الشمال ثلاثة أبواب ومن الجنوب ثلاثة أبواب ومن الغرب ثلاثة أبواب» (ع12، 13).

   السور لم يكن متصلاً ففيه 12 بابًا، والأبواب لكي تسمح بالدخول والخروج.  لذلك فإن المدينة وإن كان يحميها السور لكنها ليست معزولة.  فهناك اتصال بينها وبين الأرض الألفية.  ومن يقترب منها يجد ملاكًا على كل باب.  وكل واحد من الأبواب كان لؤلؤة واحدة (ع21).  وهذا يذكِّر كل من يقترب أن المدينة نفسها بصفتها العروس هي اللؤلؤة الواحدة الكثيرة الثمن (مت13: 45)، والذين يخرجون يجدون على الأبواب أسماء مكتوبة هي أسماء أسباط بني إسرائيل الاثني عشر (ع12) كعلامات للطريق التي يسلكها الشخص إلى الأرض السعيدة.  وكل الحكم في ذلك اليوم سيخرج من العرش في العاصمة السماوية، ويصل إلى كل الأرض عن طريق إسرائيل.

   يذكر حزقيال أن المدينة الأرضية في مدة المُلك الألفي لها أيضًا اثنا عشر بابًا (حز48: 31 – 34)، والأبواب هي مخارج المدينة للاتصال بالمحكومين، ولذلك نجد عليها أسماء الأسباط الاثني عشر.  ووجود الملائكة على الأبواب وليس داخل الأبواب هو في انتظار تأدية الخدمات التي تُطلب منهم، وتوصيل الأوامر التي تصدر من المدينة.  ولا يُشار إلى خدمة الملائكة في الحالة الأبدية، ولكن يُشار إليها هنا في مدة المُلك الألفي.

   ويذكر في (ع21) أن «الاثني عشر بابًا اثنتا عشرة لؤلؤة، كل واحد من الأبواب كان من لؤلؤة واحدة».  اللؤلؤة تدل على الوحدة والنقاء والجمال والقيمة الغالية.  وهذا يُذكرنا بنظرة الرب الحبية نحو الكنيسة وتقديره لها كلؤلؤة واحدة كثيرة الثمن (مت13: 45، 46).  الأبواب اللؤلؤية موضوعة في الأربع جهات من السور حتى أنه في كل أنحاء الأرض يُرى جمالها الرائع.  وكل من يأتي إلى هذه الأبواب سيتعجب من قيمة وكرامة كنيسة المسيح المشتراه بدمه.  ويُذكر في (ع25) أن هذه الأبواب لن تُغلق مما يدل على كمال الحرية للاتصال بالمحكومين على الأرض.  ولا موجب لغلق الأبواب لأن الأمن كامل ولا خوف من دخول أي معتدي.  لما بُني السور في أيام نحميا، وكان الأعداء حول المدينة، أمر بأن لا تفتح أبواب أورشليم حتى تحمى الشمس (نح7: 3).  فطالما كان يوجد أي أثر للظلام كانت الأبواب تبقى مغلقة.  أما في المدينة السماوية حيث لا ليل ولا أعداء ولا خوف من دخول الشر، فالأبواب لا تُغلق.  «ليل لا يكون هناك»، «لأن مجد الله قد أنارها والخروف سراجها» (ع23).  إن ليل الكنيسة يكون قد انتهى ومخاوفه لم يبق لها أثر، وقد وصلت إلى النهار الكامل.

وللحديث بقية إذا شاء الرب

        

 

 

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com