عدد رقم 3 لسنة 2018
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
التولد التلقائي، Abiogenesis  


بعد أن تكلمنا في العدد السابق عن ”الانفجار الكبير“، ووجدنا استحالة نشأة هذا الكون من العدم، للتعارض الصارخ بين الانفجار الكبير وبين العلم والمنطق، ننتقل الآن إلى المرحلة الثانية التي تُبنى عليها نظرية التطور وهي: ”التولد التلقائي، Abiogenesis“، أي نشأة الحياة من مواد غير حية.  وقبل أن نتناول نظرية ”التولد التلقائي“ من منظور علمي، يجب أن نشير أولاً أنه قد سبق وتم رفض هذه النظرية تمامًا من قبل كل علماء الأحياء في النصف الأخير من القرن التاسع عشر لاستحالته علميًا، ولكن تم إحياؤها مؤخرًا عندما سيطر الإلحاد على العلم، ولم يجد بديلاً لهذه النظرية، فكان الحل الجديد الذي أتوا به، هو إضافة المزيد من بلايين السنين[1].

نشأت هذه النظرية في وقت حُرم فيه العلم من الكثير من وسائل المساعدة، ففي القرن التاسع عشر أي قبل ظهور الميكروسكوب الإلكتروني، ظهر ”توماس هنري هوكسلي، T. H. Huxley“ والذي أطلقوا عليه Darwin’s Bulldog”“ أي ”كلب حراسة داروين“ لدفاعه المستميت عن داروين ونظريته، وقال إن الخلية تشبه الجيلي في بساطتها، ويمكن إنتاج خلية حية عن طريق تطور المواد البسيطة إلى مواد أكثر تعقيدًا تدريجيًا وصولاً بالخلية.  إلى أن ظهر الميكروسكوب الإلكتروني في القرن العشرين، وأدرك حينئذ العلماء أن أبسط الخلايا الحية تحتوي على مئات الآلاف من الأجزاء المعقدة المختلفة مثل البروتينات الحركية المتنوعة التي تم تجميعها لإنتاج “الآلة الأكثر تعقيدًا في الكون.  هذا بالإضافة للحامض النووي DNA وما يحويه من كم معلومات ضخم، دقيق ومعقد.  فالخلية بدائية النواة للبكتريا تحتوي على ”سوط أو كرباج“ وهو المسئول عن حركة الخلية، هذا السوط مرتبط بمحرك دوَّار مصنوع من البروتين، هذا المحرك يعمل بنظام معقد يسمى ”قوة البروتون الدافعة proton motive force,“ ويلف بمعدل من 6000 إلى 17000 لفة في الدقيقة، وتقل سرعته لـ 1000 لفة عند اتصاله بالسوط[2]، ويعمل المحرك بكفاءة 100% دون أي فاقد في الطاقة!

هذا المستوى من التعقيد في الخلية لا يمكن اختزاله إلى مستوى أقل تعقيد، أي لا توجد خلايا حية غير معقدة، وهذه يهدم النظرية من الأساس التي تعتمد على التدرج في التعقيد، والمشكلة هنا ليست ”حلقات مفقودة، Missing links“ بين المواد غير العضوية وصولاً بالخلية، كما يدَّعي البعض.  وكأن هناك حلقات موجودة وحلقات مفقودة، بل المشكلة أنه لا توجد سلسلة أصلاً، فنحن لا نجد أي خلايا أو أشباه خلايا بسيطة!!

علاوة على ذلك، أظهرت البيولوجيا الجزيئية أن التصميم الأساسي للخلية متشابه في جميع النظم الحية على الأرض من البكتيريا إلى الإنسان، فلا يمكن اعتبار أي نظام حي على أنه بدائي بالنسبة لنظام آخر، ولا يوجد أدنى إشارة أو تلميح على وجود تسلسل تطوري بين جميع الخلايا المتنوعة على وجه الأرض[3].

                                                              قام بهذا البحث: 

 



[1]Bergman, Jerry. 1993. A brief history of the theory of spontaneous generation. CENTJ 7(1):73-81.

[2]Dean T (2 August 2010). "Inside nature's most efficient motor: the flagellar". Australian Life Scientist

[3]Denton, 1986, p. 250

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com