عدد رقم 4 لسنة 2017
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
الجلوس – السلوك - الثبات  


    تنقسم رسالة أفسس إلى ثلاثة أقسام، كل قسم منها يحمل كلمة من الكلمات التي في صدر المقال.

أولاً: جالسين:  نفهم من الحق المبارك أننا في جسد الضعف من حيث الحالة، لكن من حيث المركز والمقام نحن جالسون شرعًا في السماويات في المسيح الذي جلس في يمين العظمة فوق كل رياسة وسلطان، بعد أن أكمل عمل الصليب.  إن الآب وقد رضي بعمله وكفارته، قد أقامه وأجلسه عن يمينه في عرشه.  وهو هناك يحظى بكل الحب والتقدير من الآب.  وعلى ذات القياس نحن في المسيح حيث هو جالس هناك، ومقامنا فيه لا يتزعزع.  وكلمة الجلوس تعني الراحة والاستقرار، فقد استراحت قلوبنا على كفاية عمل الصليب الذي على أساسه ارتبطنا به وتمتعنا بهذا المقام الثابت.  وأيضًا على ختم الروح القدس الساكن في قلوبنا الذي يضمن مركزنا إلى يوم الفداء (أف1: 13؛ أف4: 30).  وعلى أننا أصبحنا أعضاء جسد المسيح (أف4: 16) ولا يمكن أن يُبتر عضو في هذا الجسد، فلهذا لن نهلك إلى الأبد.  فكم تطمئن القلوب وتستريح على قول الرب: «خرافي تسمع صوتي وأنا أعرفها فتتبعني، وأنا أعطيها حياة أبدية، ولن تهلك إلى الأبد ولا يخطفها أحد من يدي» (يوحنا10: 27 و28)!

ثانيُا: سالكين:  رسالة أفسس - رسالة السماويات - أكثر رسالة تكلمت عن السلوك.  حيث جاءت كلمة السلوك ثمان مرات فيها.  ونحن يجب علينا أن ندرك مركزنا كجالسين في السماويات ثم بعد ذلك نسلك، لكن العكس لا يمكن حدوثه.  لأن البعض يريد أن يسلك أولاً قبل أن يجلس، فتذهب مجهوداته هباء.  فلا قوة للإنسان على السلوك الصحيح كما سلك ذاك بدون علاقة حقيقية مع الرب، وبدون إدراك للمقام الجديد الذي يحصل عليه.

وقوة السلوك هو تفعيل لحياة المسيح فينا عندما يملأ فَلَك حياتنا ويشغل الفكر والقلب، «ليحل المسيح بالإيمان في قلوبكم» (أفسس3: 17)، فنستطيع بعدها أن ننقل أعماله وكلماته وصفاته في كل مكان نتواجد فيه: «لأننا نحن عمله مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة قد سبق الله فأعدها لكي نسلك فيها» (أفسس2: 10)، فنكون نحن امتداده، يده التي تعمل، وقدمه التي تسير، وفمه الذي يتكلم، ونوره الذي يشرق وسط الظلمة، فالرب الذي قال: «أنا هو نور العالم» (يو8: 12)، قال: «أنتم نور العالم» (مت5: 14).  ورسالة أفسس تحوى لنا التحريض: «اسلكوا كأولاد نور» (أفسس5: 8)، وذلك لكي نستطيع بمعونة الرب وتأثيره أن نجذب البعيدين له.  كذلك تحدثت عن السلوك في المحبة كما أحبنا المسيح (أفسس5: 2).

والسلوك يجعلنا نستحضر السماء إلى الأرض، فالجوانب العملية في هذه الرسالة شملت كل النواحي، حتى الأسرية، فنختبر البركة «كأيام السماء على الأرض» (تث11: 21).

ونستطيع أن نستحضر حياة المسيح غير المرئية لتصبح مرئية، فلا يُصبح المسيح بعيدًا عن العيون، لكنه مُستحضر من خلالنا.

وكلمة "اسلك" بمعنى "تقدم" ونفهم منها التحريض على النمو، حتى نصل إلى إنسان كامل إلى قياس قامة ملء المسيح.  كي لا نكون فيما بعد أطفالاً مضطربين ومحمولين بكل ريح تعليم (أفسس4: 13، 14).  فتتقدم الحياة مع الأيام من مجد إلى مجد ومن قوة إلى قوة، ونصبح أكثر شبهًا بالمسيح.

ثالثًا: ثابتين: الحياة الروحية مصارعة مع العدو، فمحاربتنا ليست مع دم ولحم بل مع الرؤساء مع السلاطين مع أجناد الشر الروحية في السمويات.  ونحن نصارع لا لكي نحصل على البركات، بل لكي نتمتع بها.  ونحن لا نصارع بمفردنا بل بقوة الرب، لهذا جاء القول: «تقووا في الرب وفي شدة قوته، البسوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تثبتوا ضد مكايد إبليس» (أفسس6: 10، 11).

وعلينا أن نثبت ونتمسك بالحق الذي وصل إلينا لئلا يأخذ أحد إكليلنا (رؤ3: 11).  فلقد ضاعت خدمة ديماس نتيجة عدم ثباته وتمسكه، ودفن الوزنات والطاقات والعمر في أمور الزمان، «لأن ديماس قد تركني إذ أحب العالم الحاضر وذهب إلى تسالونيكي» (2تي4: 10)، فبعد أن وضع يده على المحراث نظر إلى الوراء (لوقا 9: 62).

ليتنا نثبت على التصاقنا بالاجتماعات الروحية «غير تاركين اجتماعنا كما لقوم عادة» (عب10: 25)، أي كما لقوم صار الترك عندهم عادة، فتثاقلت خطواتهم، وبردت عواطفهم تجاه الرب، ومن ثم تجاه قديسيه.

فإن كان لنا عدو لدود لا يعرف الكسل ولا الفشل في حربه الضروس معنا، ليتنا لا نتكاسل لكي نختبر عمليًا حقيقة مقامنا وهو أننا في السموايات، فنعيش سماويين كسيدنا السماوي.

                                                                           

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com