عدد رقم 4 لسنة 2017
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
عابرين في وادي البكاء يصيرونه ينبوعًا  

«أيضًا إذا سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شرًا لأنك أنت معي» (مز23: 4)

   في وقت متأخر من ليلة حالكة، كان صبي يتلمس طريقه مسرعًا إلى بيته وسط الغابات الكثيفة، عندما سمع فجأة صوتًا يناديه: جون! ففزع ولم يستطع الحركة، وإذا به والده الذي جاء ليقابله في أظلم منطقة من الطريق.  فتبدد خوفه ولم يعد الليل يبدو بهذه الظلمة الكئيبة لأن أباه كان يسير إلى جواره، ممسكًا بيده.  وفي الحال هدأ وراح منه الفزع وكأنه قد وصل إلى بيته.  فإذا عرفنا أن أبانا السماوي معنا في أظلم مراحل رحلتنا، وأصعب أوقات حياتنا، لما شعرنا بالخوف.  إنه «الإله القديم ملجأ والأذرع الأبدية من تحت» (تث33: 27).  والرب يسوع هو الراعي الذي «بذراعه يجمع الحملان وفي حضنه يحملها ويقود المرضعات» (إش40: 11).  ويقول عنه داود: «أيضًا إذا سرت في وادي ظل الموت (وهو أصعب وأظلم الوديان في الرحلة)، لا أخاف شرًا لأنك أنت معي» (مز23: 4). 

   لقد وُجد أحد المرسلين إلى باتاجونيا ميتًا على الشاطئ بعد أن كتب في مذكراته: ”إنني أرقد تحت مركب مقلوبة بعيدًا عن مياه البحر.  إنني في طريقي إلى الموت، لكنني في سلام تام.  وأكثر ما يؤلمني هو العطش“.  ثم كتب بعد ذلك وبخط أضعف: ”لقد أمطرت السماء الليلة الماضية، فتمكنت من جمع قليل من الماء في قطعة من حطام المركب لأطفئ ظمأي غير المحتمل“. 

   وفي النهاية كتب بخط يصعب قراءته: ”إني مغمور بصلاح الله من نحوي، أنا الذي كنت خاطئًا هالكًا، وأشعر بقربه ومحبته العطوفة“.

   يا لها من كلمات غريبة نطق بها إنسان يموت وحيدًا على شاطئ، سكانه من آكلي لحوم البشر، بعيدًا عن بيته بآلاف الأميال، يشرب ماء المطر في قطعة من حطام مركب، لكنه كان لا يزال مغمورًا بصلاح الله من نحوه، لأن ”المراعي الخضر“، ”ومياه الراحة“ هي متاحة دائمًا لشعب الله.

   لقد تسلمتُ هذا الخطاب القصير من أرملة ألمانية بعد موت زوجها كتبت تقول: ”أريد أن أشكرك على كلمات التعزية التي بعثت بها إليَّ.  أنت على حق، فإن كارل سيتمتع بمعية الرب أكثر جدًا من بقائه هنا على الأرض في جسد الضعف.  نعم إن الرب راعي! إنه بقربي كل يوم، ولو لم أختبر هذا لما استطعت أن أقول مع داود: «أنت معي».  ورغم أني أعاني أحيانًا من الحزن لأن زوجي العزيز ترك فراغًا كبيرًا وراءه، لكنني أعلم أن الرب يصب زيتًا على جراحي، وأنه الأرامل.                                                                     

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com