عدد رقم 2 لسنة 2014
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
لو كنت مكاني  

أهلاً بكم أعزائي الشباب مع عددٍ جديٍد من بابكم "لو كنت مكاني"
   كنا قد طرحنا في عدد سابق رسالة وصلتنا من صديقة المجلة (ريهام) تشكو فيها من كتاب مجهول المصدر كان يوزع على الشباب، يطعن في جوهر التعاليم المسيحية وصحة الكتاب المقدس، والذي أزعجها بالأكثر هو رد فعل الشباب المسيحي الذي يكشف ضحالة التعليم والسطحية التي يعاني منها عموم المسيحيين تجاه الحقائق الأساسية في إيماننا المسيحي. 

   وكنا قد تناولنا ردودًا أربعة في الأعداد السابقة، وتناولنا فيها بالحجة والبرهان إثبات صحة وحي الكتاب المقدس وعدم تحريفه، ووحدانية الله وثالوث أقانيمه ، وكذلك لاهوت الرب يسوع المسيح، ثم تجسد المسيح.  والآن سنناقش في هذا العدد قضية "كفارة المسيح". وسيدور حديثنا في عدة محاور هامة على النحو التالي:
1.    مشكلة دخول الموت للعالم كنتيجة لدخول الخطية
2.    شروط الفادي وتوافرها في المسيح
3.    توافق موت الصليب مع قضية العدل والرحمة
4.    جذور وظلال صليب المسيح في العهد القديم
5.    أسباب موت الصليب بالذات دون أي موت آخر
6.    بركات موت الصليب
أولاً: كيف دخل الموت إلى العالم؟

    "وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوت" (تكوين16:2).

    "مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ، وَهكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ" (رومية12:5).
 يخبرنا الكتاب المقدس أن الخطية كمبدأ هي الاستقلال عن الله وفعل الإرادة الذاتية، وهذا المبدأ أسبق من الإنسان.  فقبل خلق الإنسان دخل هذا المبدأ إلى الملائكة حيث سقط الشيطان مستقلاً عن الله ومتمردًا عليه (إشعياء14: 12-14).  وبعد خلق الإنسان دخل هذا المبدأ إلى الإنسان فحوله إلى كيانٍ ساقطٍ تحت حكم الموت، كما قال له الرب: "يوم تأكل منها موتًا تموت" (تكوين17:2).  وهكذا صار آدم رأسًا ساقطًا لجنسٍ ساقط، ولم ينجُ شخصٌ واحد من بني آدم من ضربة الخطية وسلطة الموت (رومية23:3).  وبذلك وضع آدم نفسه وكل جنسه بعده تحت طائلة قانون الله أن النفس التي تخطئ هي تموت (حزقيال4:18).  "لأن أجرة الخطية هي موت" (رومية23:6).


ثانيًا: شروط الفادي وتوافرها في المسيح.
يخبرنا الكتاب المقدس في تكوين 3 أن الله تدخل بعد سقوط آدم وحواء وذبح ذبيحةً وصنع لهما أقمصة من جلد الذبيحة وألبسهما.  وإن كان الله في بره واتساق صفاته تدخل ونفّذ حكم الموت في البديل الذي هو الذبيحة ليعفو عن الإنسان، فإننا في هذه الحالة نتكلم عما يُسمَّى الفداء.  والفداء يلزمه فدية وهي من ينوب عني في دفع عقوبتي ليُطلقني حرًا.  لكن السؤال الهام: من هو الفادي وما هي الفدية التي تصلح لفداء الإنسان؟

1- هل تنفع ذبيحة حيوانية؟ الإجابة كلا.  لأنه إذا كانت الكفارة تعني الستر والغطاء، فلا يصلح أن تكون الذبيحة أقل في قيمتها من قيمة الإنسان ليمكنها أن تكفِّر عنه (عبرانيين10: 3).

2- هل ينفع إنسان عادي؟ الإجابة أيضًا كلا.  لأنه يجب أن يكون الفادي خاليًا من الخطية. فلو كان خاطئًا، لاحتاج هو نفسه لمن يُكفِّر عنه وما صَلُح لكي يفدي غيره.

3- هل ينفع إنسان بار؟ مع أن كل البشر خطاة، وليس بار ولا واحد (رومية10:3)، لكن هب أننا وجدنا شخصًا بلا خطية، فهل يصلح ليفدي؟ الواقع إنه نظرًا لأن هذا الفادي مطلوب منه أن يفدي لا إنسانًا واحدًا بل كثيرين، فإنه حتى لو وجدنا الشخص البار، فإنه لن يصلح أن يقوم بفداء الكثيرين، إذ يجب أن تكون قيمته أكبر من هؤلاء جميعهم معًا.  وعليه فلا ينفع أن يكون إنسانًا على الإطلاق. 

4- هل ينفع أن يكون ملاكًا أو مخلوقًا سماويًا عظيمًا؟
لنتخلص من المشكلة السابقة، هب أننا وجدنا مخلوقاً سماوياً عظيماً، قيمته أكبر بكثير من قيمة الناس، فهل يصلح هذا المخلوق أن يفدي البشر؟ الواقع إن الفادي لو كان مخلوقًا لا تكون نفسه ملكه هو بل مِلك الله خالقها، وبالتالي فلا يحق له أن يُقدِّم نفسه لله، إذ أنها أساسًا مِلك الله.  وعليه فإن الملائكة ورؤساء الملائكة لا يصلحون أن يفدوا البشر، لأنهم مخلوقون من الله.

5- يجب أن يكون الفادي إنسانًا خاليًا من الخطية  ليضع يده في يد الإنسان، وفي ذات الوقت يكون إلهًا ليضع ليده في يد الله ويصالح الاثنين معًا (أيوب23:9).  وما من شخص استطاع أن يجمع في نفسه الطبيعة البشرية الخالية من الخطية والطبيعة الإلهية سوى شخص الرب يسوع المسيح، الكلمة المتجسد، الله الظاهر في الجسد (يوحنا1:1، 14).

ثالثًا: توافق موت الصليب مع قضية العدل والرحمة، لماذا لم يغفر الله للبشر دون موت الصليب؟
الله البار له صفات متوازنة لأنه هو الله، ولا يمكن لصفة من صفاته أن تطغى على الأخرى، لأنه لو حدث ذلك ما كان هو الله.  ومن ضمن صفات الله المتوازنة صفتي العدل والرحمة. فلو عفى الله عن البشر وغفر خطاياهم دون تنفيذ حكم الموت الذي أصدره هو بنفسه لكان الله رحيمًا لكنه لم يبق عادلاً، لأنه في هذه الحالة يكون قد كسر ما سبق ووضعه هو من قوانين. ولو كان نفذ حكم الموت وأهلك البشر كعقاب لخطاياهم، لكان الله عادلاً لكنه لم يبق رحيمًا. فكيف يكون الحل؟

كان الحل في ذبيحة البديل.  وكما جهز الرب البديل في الجنة عندما ذبح الله ذبيحة وصنع من جلدها أقمصة ليغطي عري آدم وحواء.  فالله الرحيم عفى عن آدم وحواء لكنه لم يهمل عدله إذ أوقع العقاب على البديل الذي هو الذبيحة.  هكذا جاءت ذبيحة المسيح لتكون هي التعبير الصادق عن رحمة الله وعدله.  "الرَّحْمَةُ وَالْحَقُّ الْتَقَيَا. الْبِرُّ وَالسَّلاَمُ تَلاَثَمَا" (مزمور10:85).

رابعًا: جذور وظلال الصليب في العهد القديم
إن من ضمن براهين وحي وصحة الكتاب المقدس هو وحدة موضوعه.  فأي كتاب كتبه حوالي 44 كاتبًا مختلفو البيئات والثقافات على مدار 1600 سنة ويكون موضوعه واحد، سوى الكتاب المقدس كتاب الله؟ ونستطيع أن نرى ذبيحة المسيح أو المسيح الذبيح في طول الكتاب وعرضه من أول صفحاته إلى آخرها.  على سبيل المثال:

•    الأقمصة الجلدية في الجنة تكوين3: 21 "صَنَعَ الرَّبُّ الالَهُ لآدَمَ وَامْرَاتِهِ أقْمِصَةً مِنْ جِلْدٍ وَألْبَسَهُمَا".
•    ذبيحة هابيل. تكوين4: 4 "وَقَدَّمَ هَابِيلُ أيْضًا مِنْ أبْكَارِ غَنَمِهِ وَمِنْ سِمَانِهَا.  فَنَظَرَ الرَّبُّ إلَى هَابِيلَ وَقُرْبَانِهِ".
•    فُلك نوح. تكوين7: 7 "فَدَخَلَ نُوحٌ وَبَنُوهُ وَامْرَاتُهُ وَنِسَاءُ بَنِيهِ مَعَهُ إلَى الْفُلْكِ مِنْ وَجْهِ مِيَاهِ الطُّوفَانِ".
•    تقديم إسحاق: تكوين22: 2  " فَقَالَ: «خُذِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ الَّذِي تُحِبُّهُ اسْحَاقَ وَاذْهَبْ إلَى أرْضِ الْمُرِيَّا وَأصْعِدْهُ هُنَاكَ مُحْرَقَةً عَلَى أحَدِ الْجِبَالِ الَّذِي أقُولُ لَكَ».
•    خروف الفصح خروج12 "وَيَأخُذُونَ مِنَ الدَّمِ وَيَجْعَلُونَهُ عَلَى الْقَائِمَتَيْنِ وَالْعَتَبَةِ الْعُلْيَا فِي الْبُيُوتِ الَّتِي يَأكُلُونَهُ فِيهَا".
•    الحية النحاسية عدد 21: 8-9 «اصْنَعْ لكَ حَيَّةً مُحْرِقَةً وَضَعْهَا عَلى رَايَةٍ فَكُلُّ مَنْ لُدِغَ وَنَظَرَ إِليْهَا يَحْيَا، فَصَنَعَ مُوسَى حَيَّةً مِنْ نُحَاسٍ وَوَضَعَهَا عَلى الرَّايَةِ فَكَانَ مَتَى لدَغَتْ حَيَّةٌ إِنْسَانًا وَنَظَرَ إِلى حَيَّةِ النُّحَاسِ يَحْيَا».
•    ذبائح سفر الاويين  
•    نبوات إشعياء 53: 1- 12  ، مزمور22 ،  دانيال 9: 25- 26

خامسًا: لماذا اختار المسيح موت الصليب دون أي موت آخر كالرجم أو السيف مثلاً؟
كانت وسيلة الإعدام عند اليهود هي الرجم، لكن الله في سلطانه جعل إصدار قرار الموت في يد بيلاطس الروماني الذي يستخدم الصلب لا الرجم، فجلد الرب يسوع وأسلمه ليصلب.  وذلك لأن موت الصلب هو:
•    موت فيه سفك دم: وَبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ!  (عبرانيين 9: 22)
•    موت بطيء فيه احتمال آلام كفارية: (إشعياء53 : 6)
•    موت فية حمل للعنة: "اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ» (غلاطية12:3)
•    موت فيه إشهار وإعلان
•    موت فيه تتميم لنبوات العهد القديم (تث 21 ، مز 22)
•    موت فيه هو يضع نفسه ويستودع روحه ولا تؤخذ نفسه منه: "لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضًا. هَذِهِ الْوَصِيَّةُ قَبِلْتُهَا مِنْ أَبِي" (يوحنا10 : 18)

سادسًا: بركات عمل المسيح على الصليب
 هذا العمل المبارك قد حصل لنا نتائج مباركة مثل:
1-    الخلاص: "الآب قد أرسل الابن مخلصًا للعالم" (1يو14:4).
2-    الغفران: "الَّذِي فِيهِ لَنَا الْفِدَاءُ بِدَمِهِ، غُفْرَانُ الْخَطَايَا" (أف7:1)
3-    التبرير: "فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا وَنَحْنُ مُتَبَرِّرُونَ الآنَ بِدَمِهِ نَخْلُصُ بِهِ مِنَ الْغَضَبِ" (رو9:5).
4-    التطهير: "وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ" (1يو7:1).
5-    التقديس: "مُقَدَّسُونَ بِتَقْدِيمِ جَسَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَرَّةً وَاحِدَةً" (عب10:10).  
6-    الصلح والسلام مع الله: "مُبْطِلاً بِجَسَدِهِ نَامُوسَ الْوَصَايَا فِي فَرَائِضَ. . وَيُصَالِحَ الاثْنَيْنِ فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ مَعَ اللهِ بِالصَّلِيبِ" (أف2: 15 – 16)
7-    نوال الحياة الأبدية: "لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأبدية" (يو3: 16).
***
 إن كان لديكم  مشكلة أو مشاركة أو رأي أو نصيحة ، يمكنكم إرسالها إلينا ، ونحن سنعرض في العدد القادم ما نراه مناسبًا.
•    برجاء ألا تزيد المشاركة على خمسة أسطر أو 80 كلمة، ويمكنكم مراسلتنا على:
•      البريد الالكتروني   ayad.zarif@gmail.com    
•      أو انضم إلى الجروب  lawkontmakany على الـ Facebook
•      أو أرسل لنا رسالة قصيرة SMS إلى 01006650876
                                                                      


© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com