عدد رقم 2 لسنة 2014
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
جاذبية السماء  

   تُرى ما هو سر جاذبية السماء؟ ليست لأنها مكان الراحة والسعادة والهدوء بعيدًا عن كل ما يُعكر أو يُكدر.  وليست لأن الشوارع ذهبية والعروش والأكاليل والقيثارات ذهبية.  وليس لأننا سنرى الملائكة وأحباءنا القديسين الذين سبقونا هناك، مع أن هذا كله رائع وحقيقي.  لكن السبب الحقيقي الذي سيجعل السماء جذابة لنا بما يفوق الوصف والخيال أننا سنرى ذاك الذي أحبنا ومات لأجلنا.  لقد عرفناه وآمنا به وأحببناه وتعلقنا به دون أن نراه، وهو وعدنا أنه سيأتي أيضًا ويأخذنا إليه، حتى حيث يكون هو نكون نحن أيضًا معه (يو3:14).  إن ما يسعد العروس ليس هو البيت الجميل الذي ستعيش فيه، بل حبيبها الذي ارتبطت به لتسعد بقربه وحبه وتبقى بجواره في كل حين.

   حدث أن امرأة كانت تحتضر، وكان ضروريًا أن يؤخذ طفلها بعيدًا عنها، إذ لم يكن ممكنًا أن يظل بجانبها.  وكل ليلة كان الطفل يصيح طالبًا أن يبيت بجوار أمه، ولكن إذ لم يتم له غرضه، وكان يؤخذ إلى بيت أحد الجيران، كان ينام والدموع تتهاطل على وجنتيه فتُبلل وسادته.  أخيرًا ماتت الأم ورؤي أنه من الأفضل عدم تمكين الطفل من رؤية أمه في نعشها.  وبعد دفنها أُحضر الولد إلى البيت.  فأخذ يجري إلى إحدى الغرف ويصيح: ماما! ماما! ثم يخرج منها ويدخل إلى غرفة أخرى ويصيح ماما! ماما! وهكذا إلى أن دخل كل غرف المنزل، ولما لم يجد تلك الشخصية المحبوبة إلى قلبه، صرخ قائلاً: أنا لا أريد أن أبقى في هذا المنزل.  خذوني إلى بيت الجيران! وعندما عرف أن أمه ذهبت إلى السماء صارت السماء هي أحب مكان إلى قلبه يتوق إليه.  إن هذا الطفل لم يستطع البقاء في مكان لم يجد فيه من يحبه؛ وهكذا ما يجعل السماء جذابة لنا ويحلو فيها الوجود، هو رؤية المسيح الذي أحبنا وأسلم نفسه لأجلنا حيث سنراه وجهًا لوجه.

   إذا سألتني: لماذا يحبنا الله؟ الجواب ليس لأي سبب فينا، بل لأنه أب حقيقي والمحبة هي طبيعته، كما أن طبيعة الشمس أن تضيء.  والله يريدك أن تتمتع بمحبته لك، فلا تدع عدم الإيمان يبعدك عنه.  لا تظن بأنه لكونك خاطئًا فالله لا يحبك، أو لا يهتم بك.  «لأن المسيح إذ كنا بعد ضعفاء مات في الوقت المعين لأجل الفجار» (رو6:5).  أليس هذا كافيًا لإقناعك بأنه يحبك؟ هل وصلت إلى درجة من القساوة حتى تزدري بمحبته وترفضها؟ إنك تستطيع بكل أسف أن تفعل ذلك، لكن هذا سيؤدي بك إلى الهلاك الأبدي في الجحيم.  تعال إليه بدموع التوبة، واقبله تُقبل في السماء، وتحظى بذاك الحبيب وترى وجهه عن قريب وتسعد به طول الأبدية، وتمكث جواره بلا نحيب.      


© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com