عدد رقم 3 لسنة 2013
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
بعدما تألمتم يسيرًا  
  كتب الرسول بطرس لمؤمنين متألمين، وقعوا في تجارب متنوعة، واجتازوا في بلوى محرقة، قبلوا سلب أموالهم بفرح، وصبروا على مجاهدة آلام كثيرة من تعييرات وضيقات.  كان طابع حياتهم هو الألم والألم لدرجة المرار.  ومع ذلك يقول لهم إن هذه الآلام يسيرة، لا من حيث الشدة بل من حيث المدة.  فإن آلام الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد أن يُستعلَن فينا.  ومهما طال الزمان فهو لا يُقاس بالأبدية السعيدة، ومهما يكن طريقنا شائكًا، فإنه سيُفضي حتمًا إلى السماء.  ويا لها من تعزية وراحة للقلب التعوب أن يعرف أن إله كل نعمة قد دعانا إلى مجده الأبدي بعدما تألمنا يسيرًا.

   إن العظمة الحقيقية في الحياة المسيحية لا تُرى في النشاط والخدمة مثلما تُرى في الصبر والاحتمال، وهذا كان طريق سيدنا الذي قيل عنه «رجل أوجاع ومختبر الحزن».  وهو طريق النابغين في مدرسة الله.  هكذا قيل عن بولس: «سأريه كم ينبغي أن يتألم من أجل اسمي».  أليس هو الوسيلة التي يُشكلنا بها الله لنصبح مشابهين صورة ابنه؟ أليست الطبيعة تعلمنا؟ فها اللؤلؤ والماس هما نتاج آلام رهيبة وضغوط مذيبة.

   لا شك أن الألم والحزن والدموع كلها نتيجة دخول الخطية إلى العالم.  إنها سبب تعاسة وشقاء الجنس البشري كله حاضرًا وأبديًا، بل ومعاناة وأنين الخليقة بأسرها.  كثيرون يتعثرون ويسألون أين الله من كم المآسي التي نراها؟ إنه ليس بعيدًا عن معاناتنا، وفي حكمته يسمح بالألم ويخرج من الشر خيرًا ومن الجافي حلاوة، وذلك أفضل من أن يمنع الشر أصلاً.

   إن أروع عطايا الله تأتي عادة مغلفة بالألم، وهو يسمح بالخسارة الزمنية المؤقتة والتي من الممكن أن تُعوَّض، لأجل ربحك الأبدي الذي لا يُعوَّض.  فليت الألم يقودك للرجوع القلبي إلى الله فتجد فيه العزاء والشفاء.

   قد لا نجد من يفهمنا أو يستمع لنا ممن كنا نتوقع منهم المعونة، فحين يفشل هؤلاء يبقى الرب إلهنا عن كل واحد منا ليس بعيدًا.       

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com