عدد رقم 3 لسنة 2013
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
جدعون نصرة فريدة  

«وكان لما سمع جدعون خبر الحلم وتفسيره ... وصرخوا: سيف للرب ولجدعون» (قض 7: 15-20)

يقينًا هذا واحد من المشاهد العجيبة التي تبرهن على نعمة إلهنا ومحبته في مشهد ضعف وفشل شعبه.  إنها أيام القضاة نعم، ولكن إلهنا هو إله كل العصور والأزمنة «هو هو أمسًا واليوم وإلى الأبد» (عب 13: 8).  وليس عنده مانع، متى تهيأت قلوب وسواعد رجال مكرسين له، أن يمنح شعبه نصرة عظيمة تذكرهم بأمجاد الماضي حيث بداية تعامل الرب معهم كشعبه، حتى ولو كانوا يعيشون في أيام الارتداد والفوضى.

ونحن نريد أن نتوقف هنا بمعونة الرب أمام ثلاثة مشاهد لافتة:

1. طريقة عجيبة
ما هذه الطريقة العجيبة في تسليح وتكتيك وتنفيذ ثلاثمائة رجل يدخلون معركة حربية؟!  ربما نفهم تقسيمهم إلى ثلاث فرق، وربما نتقبَّل فكرة وجود الأبواق؛ ولكن في «أيديهم كلهم»؟؟ (ع 16).  كيف سيحاربون إذًا؟؟  وما علاقة الجرار الفارغة بحرب المديانيين؟!  ومصابيح؟ ألعلهم سيحاربون ليلاً دون فجر؟ والأغرب أن المصابيح وسط الجرار (الأواني)!

ثم تأمل معي في الخطة العسكرية: أن يكسروا الجرار ويمسكوا المصابيح بأيديهم اليسرى والأبواق بأيديهم اليمنى ليضربوا بها، ويصرخوا «سيفٌ للرب ولجدعون»!  والعجيب جدًا: أين هو هذا السيف؟  أين الأسلحة؟؟

أحبائي: إن إلهنا دائمًا طرقه عجيبة، وكثيرًا ما تبدو محيرة، ولكنها دائمًا صحيحة!  إن هذه الطريقة الغريبة لم يسبق لشعب الله أن استخدمها من قبل (عند خروجه من مصر مثلاً، ولا في أيام يشوع، ولا حتى في أيام القضاة قبل جدعون)، ولا استخدمها بنفس الأسلوب بعد ذلك!!  هذا لأن للرب طريقة في كل معركة وعمل وخدمة تختلف عن كل ما سبق وما لحق!  وهذا ما ينبغي علينا أن ندركه في مشهد مليء بالتكرار والتقليد في عمل الله!  لا أقصد تشابه الخدمات، أو الخادمين، أو الأصوات أو الكلمات، فهذه قد تكون لسبب الشخصيات والثقافات، لكنني أقصد التكرار في محاكاة نفس الأعمال والتقليد باتباع نفس أساليب الخدمة التي لآخرين، سابقين كانوا أم لاحقين، دون أن تؤخَذ الخدمة وتُقبَل من الرب رأسًا.

أحبائي الشباب: إن كنا نريد أن نكون نافعين للرب، ومؤثرين بين الناس فعليًا، فعلينا أن نقبل خدماتنا من الرب شخصيًا ومن الرب وحده.  وأن نتجنب تكرار نفس  الخدمات وتقليد ما يفعله إخوتنا الخدام بنفس الطريقة، فهذا كله استحسان بشري لا يمجد الله ولا يأتي بثمر حقيقي.  علينا أولاً أن نقف لنسأل الرب عما يريدنا (تحديدًا) أن نفعله، وفي كل خدمة أن ننتظر منه إرشادًا وتوجيهًا واضحًا للأسلوب والمحتوى وكل شيء يريدنا أن نقوم به.  ولا نفرط في هذه البركة مطلقًا.

2. مدلولات هامة
على أن للرب مغزى بالقطع من كل ما يفعل، أو يأمرنا به لنعمله.  فالجرار الفارغة – وهي بالأساس أواني خزفية – تمثلنا نحن (2 كو 4: 7؛ إر 18 ..) والمصابيح هي النور الإلهي الموجود بداخلنا، والذي يظل مستترًا مادام الإناء ”سليمًا“.  أما إذا ”كُسر“ الإناء أضاء النور ولمع وسط الظلام الدامس المحيط بنا!  في حين أن الأبواق تكلمنا عادة عن الاستعداد؛ سواء للحرب أو للرحيل.  وكانت عادة ”فضية“، والفضة تكلمنا عن الفداء.
وإذا ربطنا هذه المدلولات الواضحة ببعضها البعض تكتمل الصورة وتزداد وضوحًا:

مؤمنون مفديون مستعدون لكل عمل صالح، هم في ذواتهم أواني خزفية «ليكون فضل القوة لله لا منا» مطلوب منهم أن يقبلوا ”الكسْر“ بشتى صوره المؤلمة حتى يتضح الكنز ويظهر النور لكل مَنْ يحيط بهم ويكون لصوت أبواقهم معنى وفائدة.  وبهذا تتحقق النصرة!  فهل نحن على استعداد لقبول كل ذلك؟  هذا هو شرط النصرة على المديانيين!

3. عاملون معه
«قولوا: للرب ولجدعون» (ع 18)؛ «وصرخوا: سيف للرب ولجدعون» (ع 20).  لاحظ روعة الدقة:

إنه لا يقول: للرب فقط.  وكأن الرب سيعمل بدوننا (وإن كان يقينًا يستطيع إلا أن هذا ليس هو مقصده).  ولا يقول «لجدعون» فقط وكأننا نحن بإمكانياتنا (حتى الروحية) قادرون على النصرة: خلاص النفوس، بركة المؤمنين .. إلخ.  فهذا محض إدعاء فارغ علينا تجنّبه وسط مسيحية أصبحت تركز كثيرًا – وبشكل مبالغ فيه جدًا – على قيمة الإنسان، والخدام، والأسماء لكنه يقول «سيف للرب (أولاً) ولجدعون (أيضًا)».  هذا ما أدركه بعد ذلك بعد نحو أكثر من ألف عام الرسول المغبوط والخادم الناجح بولس عندما قال «إذ نحن عاملون معه (مع الله)» (2كو 6: 1).  فياللشرف وياللمسؤولية في آن!

أحبائي: مَنْ لنا اليوم بمَنْ يرغبون في أن يعملوا مع الرب؟  يقينًا هذا أشرف عمل يمكن لإنسان أن يقوم به في هذه الحياة، وأعظم مهمة يمكن أن نؤديها في هذا العالم.  
أحبائي الشباب: هل نحن مستعدون فعلاً؟ ليتنا جميعًا نكون كذلك                                                                                                                                                

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com