عدد رقم 1 لسنة 2012
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
جدعون رؤية واضحة...وشهادة مؤثرة  

توقفنا في المرة السابقة عند تقديم جدعون للذبيحة وقد أدرك أنه أمام الرب نفسه، على أنه لقلة معرفته «الكتابية» سلق الذبيحة، وقد أمر الرب بسكب المرق في بساطة وحسم، على أن الأمر الجميل هو أن جدعون بنى «هُنَاكَ مَذْبَحًا لِلرَّبِّ وَدَعَاهُ يَهْوَهَ شَلُومَ(أي الرب السلام)». إِلَى هذَا الْيَوْمِ لَمْ يَزَلْ فِي عَفْرَةِ الأَبِيعَزَرِيِّينَ» (قض6: 24) وذلك ردًا على قول الرب له: «السَّلاَمُ لَكَ. لاَ تَخَفْ. لاَ تَمُوتُ» (ع23).

والواقع أننا بصدد درس مزدوج نحن في أمس الحاجة إليه في أيامنا التي - كما رأينا مرارًا- أشبه ما تكون بأيام القضاة، سواء من الداخل أو من الخارج.

الدرس الأول: كيف يمكننا أن نرى الرب وسط كل هذه الظروف، ونراه بوضوح؟
والدرس الثاني: كيف يمكننا أن نقيم للرب شهادة حقيقية «مذبحاً» ونحسن دعوته «الرب سلامنا».  وكلا الدرسين مرتبطين وثيقًا كما سنرى الآن.

أولاً: رؤية الرب:

لا شك أن «المسيح هنا» بكل وضوح، ويمكننا أن نراه في هذه الأعداد القليلة على الأقل في 7 صور جميلة.
1. ملاك الرب: (ع11، 16) 
وهو أحد الظهورات الباكرة لشخص ربنا يسوع المسيح له المجد قبل التجسد، أما نحن وقد صار امتيازنا أن نكون باستمرار «نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ، كَمَا في مِرْآةٍ، نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ، كَمَا مِنَ الرَّبِّ الرُّوحِ» (2كو3: 18)، فما هو تقديرنا لهذا الامتياز الثمين؟ جميل وسط كل هذه المشاهد المؤسفة التي تحيط بنا وما يجثم على صدورنا أن نرفع عيوننا لكي نراه! ويا ليتنا نراه وحده!!
2. الحنطة: (ع11)  
لقد ظهر جدعون في المشهد – أول ما ظهر- بالارتباط بخبط الحنطة، والحنطة تشير في أبرز صورها الرمزية إلى شخص المسيح له المجد «الحنطة تنمي الفتيان» (زك9: 17)، فهو الخبز الحي، خبز الله النازل من السماء الواهب حياة للعالم (يو6)، وهو حبة الحنطة التي وقعت في الأرض وماتت لتأتي بثمر كثير (يوحنا 12).
جميل أن نراه، والأجمل أن نشبع به كطعامنا الشهي في كل مدة السفر.
3. المعصرة (ع11): 
وهي تذكرنا بجثسيماني «معصرة الزيت» وكيف تألم سيدنا من أجلنا.  كان جدعون يخبط الحنطة في المعصرة.
4. العكاز: (ع21) 
«فَمَدَّ مَلاَكُ الرَّبِّ طَرَفَ الْعُكَّازِ الَّذِي بِيَدِهِ».  ونحن نعرف كيف أنه له المجد عصاه «وعكازه» يعزياننا، العكاز الذي يوجهنا ويسندنا بالقلب الراعوي الحكيم.
5. الفطيرة (ع21): 
«ومس اللحم والفطير» والفطير يكلمنا دائما عن الحياة النقية والقداسة وبالأخص التي عاشها ربنا يسوع وسط هذا العالم النجس والملوث.
6. الذبيحة (ع18، 24): 
وهي جدي المعزى الذي قدمه جدعون، وهو يشير إلى ذبيحة سيدنا له المجد.  وجميل أن نجد دائمًا الارتباط بين إيفة الدقيق الفطير، والذبيحة.  فإن حياة المسيح القدوسة هي التي أعطت القيمة غير المحدودة لذبيحته المقبولة.
7. الصخرة (ع20، 21): 
لقد وضعت الذبيحة والفطير على الصخرة بموجب أمر الرب، وخرجت نار من الصخرة وأكلت الذبيحة «والصخرة كانت المسيح» (1كو10: 4).  فالمسيح له المجد كان هو المذبح، والذبيحة، ومقدمها في آنٍ معًا.  كما كان على علم مسبق بنيران القضاء والدينونة الإلهية التي سينهيها بكفارته على الصليب. 
حقاً ما أروع أن نرى المسيح في شتى مواضع سلطانه حتى في أضيق الظروف وأصعبها.

ثانياً: الشهادة للرب:

 وحيث يكون هناك تعلق وشبع بالمسيح، تأتي الشهادة الإيجابية والمؤثرة عنه كنتيجة طبيعية بل وحتمية.  وهي شهادة عن سلام إلهنا؛ بل وعن إله السلام نفسه. 

إن ما حدث مع جدعون من قبول تقدمته، وسماعه لصوت الرب «السَّلاَمُ لَكَ. لاَ تَخَفْ. لاَ تَمُوتُ» يذكرنا بما حدث مع التلاميذ عشية يوم القيامة عندما جاء الرب وسطهم والأبواب مغلقة قائلاً «سلام لكم» (يو20: 19).

نعم لقد «أُسْلِمَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا وَأُقِيمَ لأَجْلِ تَبْرِيرِنَا» (رو4: 25).  وبعدها مباشرة يقول «فَإِذْ قَدْ تَبَرَّرْنَا بِالإِيمَانِ لَنَا سَلاَمٌ مَعَ اللهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ» (رو5: 1) وبعد ذلك تأتي الشهادة المتمثلة في مذبح للرب في وسط الأيام العصيبة، وما أجمل الاسم «يهوه شلوم».  لا سلام بعيدًا عن المسيح، لا سلام مع الله، ولا سلام مع النفس، ولا سلام مع الآخرين، فلا سلام قال إلهي للأشرار.  أما نحن المؤمنين، فلنا أن نشهد بحياتنا وبأقوالنا عن السلام العجيب مع الله الذي نلناه بعمل المسيح الكامل لأجلنا على الصليب، وعن السلام الذي يفوق كل عقل، سلام الله الذي نختبره وسط أصعب الظروف وأشدها قسوة علينا بواسطة عمل المسيح المستمر فينا ولأجلنا كالكاهن والشفيع.

وهذه الشهادة باقية، يضمن الرب دوام تأثيرها على مدى الأيام والأجيال «إِلَى هذَا الْيَوْمِ لَمْ يَزَلْ فِي عَفْرَةِ الأَبِيعَزَرِيِّينَ» أي في ذات المكان الذي عاش فيه جدعون ورأى فيه الرب.

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com