عدد رقم 5 لسنة 2011
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
أَمَةُ الرب  

«هوذا أنا أَمَةُ الرب ليكن لي كقولك» (لو1: 38)
  ” أَمَةُ الرب“: 
   هذه العبارة التي نطقت بها العذراء المطوبة مريم بعد أن سمعت بشارة الملاك بميلاد يسوع، تحمل في أعماقها اعترافًا صريحًا بسيادة الرب وملكيته لحياتها، كما تُعبِّر عن حالة الخضوع الخشوع والمهابة للسيد الرب.  إنها عبارة مُعطرة بالاتضاع الحقيقي، والإدراك لحقيقة المقام والانتساب للإله العظيم الذي تعرفه وتعبده.

   كلمة أَمَة تعني خادمة أوجارية.  فإن كانت فتاة أو امرأة تأخذ مركزها كخادمة وعابدة للرب فإنها توصف بأمة الرب.

  ”ليكن لي كقولك“: 
   يمكن أن نرى في هذه العبارة أربعة أمور وُجدتْ في قلب العذراء مريم:

1- إيمانها: آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب.

2- تسليمها: قبولها التام لمشيئة الله. 

3- أشواقها: لقد تاقت أن ترى تحقيق تاج النبوات في كل العهد القديم، فمولودها سيكون هو المسيا مُشتهى كل الأجيال.

4- أفراحها: لقد فرحت بإكرام وإنعام من الرب لا يوصف.  فتحية الملاك لها وموضوع بشارته يجلب أعظم السرور والفخر.


مواصفات وملامح أَمَة الرب
سأذكر ثلاث صفات مزدوجة ترسم لنا الملامح الرئيسية لمن ينطبق عليها تعبير أمة الرب:

1- أمة الرب هي التي تنظر إلى الرب وتنتظر الرب:
«هوذا كما أن عيون العبيد نحو أيدي سادتهم، كما أن عيني الجارية نحو يد سيدتها هكذا عيوننا نحو الرب إلهنا حتى يترأف علينا» (مز123: 2).

أمة الرب تنظر للرب: باعتباره السيد الوحيد ومالك الحياة، فتهابه وتقدره، وتقنع وترضى بما تصنع يداه، وتتقبل مشيئته.
وأيضًا تنتظر الرب: فعندما تطلبه وتتعلق به تجده أمامها وتجد فيه كل الجود وكل المراحم.
 
 أمة الرب ترى في يديه كل السلطان وأيضًا  كل الإحسان
صاحب اليد القديرة التي تحرك الأقدار وهي بذاتها اليد التي تشبع الأبرار.
أو بتعبير آخر 

أمة الرب تنظر إلى الرب الذي يسود وتنتظر الرب الذي يجود.

مثال: حنة زوجة ألقانة: لقد ذكرت في صلاتها ثلاث مرات كلمة "أمتك" 
 «إن نظرت نظرًا إلى مذلة أمتك، وذكرتني ولم تنس أمتك، بل أعطيت أمتك زرع بشر، فإني أعطيه للرب كل أيام حياته» (1صم1: 11). 

لقد رفعت حنة عينيها ورأت السيد الرب: 

أنه القدير الذي يسمع و يصنع

وأنه الكريم الذي يجود ويعطي

وأنه الرحيم الذي يرق ويعطف

«إن نظرت نظرًا إلى مذلة أمتك» ...... إنني أمتك التي تثق في رحمتك وتثق في رقة  مشاعرك. 

«وذكرتني ولم تنس أمتك» ...... إنني أمتك التي تترجاك وتنتظر تحقيق مواعيدك. 

«بل أعطيت أمتك زرع بشر» ... إنني أمتك التي تلتمس جودك وتثق في غناك وما تصنع يداك.  
 
ويمكن أن نلخص صلاتها في ثلاث كلمات كثيرًا ما امتلأت بهم صلاتنا:

انظر  لانكساري ........ اذكر انتظاري ....... أأمر بإثماري .

2- أمة الرب هي التي تخشع أمام الرب وتخضع لأمر الرب:
   توجد امرأتان أخذت كل منهما موقف الجارية في حضور رجل جبار بأس.
   راعوث:  تقول لبوعز بعد أن سقطت على وجهها وسجدت إلى الأرض: «لأنك قد عزيتني وطيبت قلب جاريتك» (را 13:2)، وأيضًا: «أنا راعوث أمتك» (را 9:3).  

   وأبيجايل: تقول عن نفسها لداود 6 مرات كلمة أمتك  في 1صم 25، وأيضًا سقطت على وجهها وسجدت إلى الأرض.  وكلمة سجدت هنا بمعنى خشعت واتضعت.  فأمة الرب تعبر عن ذلك بخشوعها أمام الرب، والخشوع هو الزينة المقدسة.  إنه الخشوع الواجب في الصلاة وفي الترنيم،  الخشوع اللائق بمحضر الهل القدوس ...  "مقدسي تهابون".

   قال أحدهم " إن الخشوع في حياة النساء هو الورع أمام الله والاحتشام أمام الرجال والحياء أمام عموم البشر". 

الله يرى الخضوع الذي في القلب، الشيء الذي لا يراه الناس
بينما الخشوع أمام الله  يبقى ظاهراً ويمكن أن يراه  الناس


أمة الرب أيضًا تخضع للرب في كل الأيام وكل الأحوال كما فعلت مريم  

خضعت لإرادة الرب في أصعب مواقفها عندما شك القريب. 

خضعت لإرادة الرب في ضيق معيشتها وهى لا تجد مكانًا يليق بوضع مولودها العظيم. 

خضعت للرب وتممت الوصية وختنت الصبي في اليوم الثامن.

خضعت للرب بصنعها الفصح مع رجلها كما اعتادوا في أورشليم. 

خضعت لإرادة الرب عند مشاهد الصلب الرهيبة.


3- أمة الرب هي التي تجتهد لتكرم الرب وتخدم شعب الرب  

أول مشهد يسجله الروح القدس عن العذراء بعد أن سمعت بشارة الملاك هو أنها قد ذهبت مسرعة إلى الجبال إلى اليهودية   
- لقد اجتهدت أن تشارك الأخبار السارة مع نسيبتها أليصابات 

- كانت مجتهدة في خلوتها وتأملاتها فكانت تحفظ كل ما تسمعه من الرب أو عن الرب متفكرة به في قلبها. 

كانت امرأة تجيد الصمت والتأمل القلبي العميق الذي يزيد من تعلقها وإيمانها بالرب

- كانت مجتهدة أن تعطي كل المجد للرب

عندما تكلمت أليصابات طوبتها ورحبت بها ... وعندما تكلمت مريم سبحت الرب إلهها ومخلصها. 

حينما سمعت مريم أعظم عبارة مدح يمكن أن تسمعها آذان امرأة يهودية «مباركة أنت في النساء ومباركة هي ثمرة بطنك.  من أين لي أن تأتي أم ربي إليَّ؟»، فماذا فعلت مريم؟ لقد أعطت المجد والعظمة للرب في الحال قائلة: «تعظم نفسي الرب ...»  ولم تنس مركزها وذكرت أنها أمته فقالت: «لأنه نظر إلى اتضاع أمته»، وأنه «رفع المتضعين» (لو46:1 - 52).

- كانت مجتهدة في إظهار مشاعرها نحو الاخرين 

- نجدها في عرس قانا الجليل في بداية خدمة الرب الجهارية (بدون ذكر ليوسف الذي ربما كان قد مات)، إذ مكتوب «ودعي يسوع وتلاميذه، وكانت أم يسوع هناك» (يو2).  كانت سباقة فى أن تكون فرحة مع الفرحين

- كانت مجتهدة  في شهادتها عن الرب أمام الناس 

إذ «قالت للخدام: مهما قال لكم فافعلوه».  كانت تعلم أنه دائمًا يشير بالصواب وأنه مقتدر في فعل ما يقوله. 

    - كانت مجتهدة في الصلاة والشركة مع القديسين

    في أعمال1: 14 «كانوا يواظبون بنفس واحدة على الصلاة والطلبة مع النساء ومريم أم يسوع وإخوته» 

   أيضا أمة الرب مستعدة دائما أن تكون في خدمة شعب الرب، وهنا أتذكر قول أبيجايل لداود عندما عرض عليها الزواج منها، وهي تعلم أنه سيكون ملكًا على إسرائيل، لقد قالت بكل تواضع: «هوذا أمتك جارية لغسل أرجل عبيد سيدي» (1صم41:25). 

وكل من ترغب أن تكون أمة الرب تقول بطيب خاطر "يا رب إنني أمتك ومستعدة أن أغسل أرجل قديسيك".  إنها تذكرنا بالمرأة المشهود لها بالأعمال الصالحة في (1تي5: 9) أنها «غسلت أرجل القديسين، ساعدت المتضايقين».

 نعم أمة الرب هي التي تجتهد لتكرم الرب وتخدم شعب الرب، ويقينًا تنال مديح الرب وإكرامه. 
                                                                                                                                                                               








 





© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com